د.كمالبامخرمة* - أزمتناأزمةجيلبأكملهأمامالانكساراتالتيتعيشهاأمتنافيوقتناالحاضر،وعدمقدرتهاعلىالنهوض،وإزالةالأدواءالتيأصابتهافيكلصوب،وعدماستطاعتهاعلىدحرالمستعمرالكاتمعلىصدرها،وبالتاليالوصولإلىاستقلالإرادتها،وثقتهابنفسهاوبقدرتهاعلىنفضالتخلفالذييهيمنعلىكلجزئيةمنحياتها،وعودتهاإلىتحكيمكتابربهاوسنةنبيهافيجميعشئونحياتها،أمامكلأنواعالتراجعوالهزائمالمتواليةعلىمدىقرنينمنالزمانعلىالأقل.
إنيألحظأنأزمتناتكمنفيأنهاأزمةجيلبِأكمله،جيلنخرفيهالجهلبحقائقالإسلامعلماًوعملاً،كماتغلغلفيهالتغريبفيكلجانبمنفكرهوسلوكهوحياتهالفرديةوالمجتمعية،ويزدادالأمرسوءاًأنالغالبيةالعظمىتزعمأنهاتتحلىبالعلموالمعرفة،وفهمالإسلام،وتنسبالجهللكلمنيخالفهافيفهمهاوسلوكها.
فعلىمستوىالعامةفالكثيرمنهميدعيأنهيفهمالإسلامفيالوقتالذييحصرهفيالشعائرالتعبدية،حتىمعتقصيرهفيالقيامبها،وإذانظرتإلىحياتهمفيبقيةشئونالحياةمنأسرةوأقاربوأصدقاء…الخوإلىتعاملهمفيالبيعوالشراء،وإلىمدىتقصيرهمفيقيامهمبواجباتهمووظائفهمبلوخيانتهملها،وإلىانشغالكثيرمنهمبشهواتهمودنياهم،وعدممبالاتهمبارتكابالمحرممنهاماداميحققرغباتهموشهواتهم،بالإضافةإلىعزلةأكثرهمعنقضاياالأمةالكبرىوقلةوعيهمبذلك،وبحقيقةأنالعبوديةللهتقتضيالتحاكمإلىشرعهفيكلشئونالحياة،وإقامةالدولةعلىأساسه،وإلافهذاإخلالواضحبالإيمانوصحته،وهذاالجهلوقلةالوعييسهلتسخيرجمهورهملمناصرةمافيهإضراربمصالحأمتهموقيمدينهموإيمانهم؛ولذافمنالسهولةأنترىمناصرةللأحزابالعلمانية،والمناهجالمناقضةلعقائدالإسلام،والتشريعاتالمخالفةلماشرعهالله.
وفيالجهةالأخرىتجدبعضاًمنالمسلمينممنيتسمونبأسمائهم،ويتكلمونبلغتهم،وقلوبُهموأهواؤهمتجاهكلِّماهوغربيوغريبعنالإسلام،ويسعونلفرضهعلىالمسلمين،وسنِّالتشريعاتالتيتمكنله،وذلكيتمثلفيالأحزابالعلمانيةوالليبرالية،التيتنفرفرارالحمرمنالقسورةمنتطبيقالشريعةالإسلامية،ومندعاةتطبيقها.
وأماالتياراتوالحركاتالإسلاميةرغمالجهودالعظيمةالتيبذلتهاخلالثمانينعاماًكلبحسبه،ونجاحُهافيتوعيةكثيرمنالمسلمين،وانقاذكثيرمنالتبعيةللثقافةالغربيةأوالشرقيةالمستوردة،إلاأننانجدأنأمراضالأمةالتيورثتهامنقبلوالتيأصابتهابعدالغزوالفكريالغربي،مازاليعانيمنهاالكثير،وهيأحدأسبابتأخرالنصرلها،وهزيمتهافيكثيرمنالمواطن.
هذهالجماعاتيجمعهاالتشرذموالتفككوالتطاحنوتحطيمبعضهاجهودبعض،كماأنهاتتفاوتبينغلووتفريطووسطوهوالأقل،كماينتابكثيراًمنهاالتعصبوالحزبية،وعلوبعضهاعلىبعض،واستهانةبعضهالجهودبعض،والغرورالذيينتابجملةمنهابأنالحقمعها،وغيرهاإمامقصرأوضالأومنحرف.
كمانلمسعدمقدرتهاعلىإدارةالخلاففيمابينها،فنجدهناكعدةانحرافاتفيهذاالمجال،فمنهامايتعلقبتقديرمستوىالخلاف،هلهومنالمسائلالقطعيةالتيلايسوغفيهاالخلاف،اوهومنالمسائلالاجتهاديةالتييجوزفيهاالخلاف،ويعذرفيهاالمخالفبحسبماتوصلإليهاجتهاده،كمااضطربعندبعضٍمنهادرجاتُالمسائلوالأحكام،فتجدمنيهوِّنفيالأصولوينزلهالمرتبةالفروع،أويجعلمنالفروعأصولاً،وهذايترتبعليهالولاءوالبراء،والمفاصلةفيمابينهم،والتبديعوالتفسيق،وربماوصلبعضهمإلىالتكفير،أوإلىقريبمنه،بأنيقال: لولاالتأويللكفروا.
كمانجدعندبعضهاعدمالقدرةعلىتناولمسائلالخلافباحترامآدابالخلاف،واحترامآدابالحواروالمناقشة،بلنجدالبغيوالعدوان،والسبابوالشتائمالمقذعة،والتسفيهوالتجهيلللآخر،وكأنالواحدمنهمأوجماعتهالوكيلالحصريللدفاععنالإسلام،وغيرهمنالدعاةوالعلماءوالجماعاتممنيخالفهليسلهمنصيبمنهذاالدفاع،وإنماهيالمصالحالذاتية،والركوبعلىمطيةالعلموالدعوة،للوصولإلىأغراضدنيوية،وهمأدعياءللعلمانتسبواإليهزوراًوبهتاناً. وهذاأدىإلىحملةتشكيكفيالنواياوالأهداف،بمايترتبعليهمنفقدانالثقةببعضهمالبعض،فيضعفالتعاونفيمابينهماوينعدمحتىفيالقضاياالعامةالمشتركة.
كماأننانجدعدمقدرةعلىترتيبالأعداءفيسلَّمالأولويات،وأيهمنواجهأولاً،وأيهمنؤخرونحيد،وهذهمشكلةأدتبالبعضأنيجعلأولأعدائهفيالمواجهةهمإخوانهمنالدعاةوالعلماءوالحركاتالإسلاميةالمخالفةلاجتهادهأوحتىالمخالفةفيبعضأصولالدين،وبالتاليفبدلأننشتغلبمواجهةالعدوالأصعبوصاحبالخطرالأقرب،صرنانعاديبعضنابعضاً،ويضرببعضنايعضاً،وهذاهوالفشلبعينه: (ولاتنازعوافتفشلواوتذهبريحكم).
إننانلحظأنالجماعاتالإسلاميةالمعتنيةبالدعوةوالتربيةوالأعمالالسلميةتتنازعفيمابينها،وتتهمبعضهابعضاًإمابالغلوأوالتقصيروالتمييع،أوالاتهاملمنسلكطريقالمشاركةفيالعملالسياسيالمعاصربالتنازلعنأحكامالإسلامومسايرةالعلمانية،وفيالمقابلنجدمنهؤلاءمنيتهممنيحرّمهذاالطريقبالجمودوالانغلاق،والتسفيهوالتهوينلعلمهوعقلهواجتهاده .
وإذاجئناللجماعاتالتياتخذتطريقهافيالمواجهةواستعمالالسلاح،نجدتناقضاًوتبادلاًللاتهاماتبينهاوبينمنالجماعاتالسلميةهذاأولاً،وإذااجتمعتعدةتياراتمنهافيساحةمعركة،نجدبغيبعضهاعلىبعضواضحاًللعيانعلىاختلافٍبينهافيحجمه،وللأسفقدأخذالتنازعبينهابعداًخطيراًوهوقتالبعضهابعضاً،وبغضالنظرعنالمصيبوالمخطئهنا،لكنتبقىمسألةحلِّالخلاففيمابينهاباستباحةالقتالوالدمأمراًخطيراًمؤدِللهزيمةوالفشل،ويدلعلىسوءالتربيةوالفشلفيفهمالإسلامعلىحقيقته.
وقدرأيناوقوعهذافيافغانستان،وحدثفيالعراق،ويحدثالآنفيالشام. ولايعنيكلاميهذاعدمَانكارالباطلالبيِّنِبطلانه،ولكنِّيأتحدثعنأسلمالطرقلإزالةهذاالباطلأوتخفيفهقدرالإمكانفيزمانناهذاوفيظلظروفهالتينعيشها،ولكلِّزمانٍأحكامهالتيتتناسبمعه.
لقدفشلتمعظمُالطرقِالمليئةِبالحدَّةوالتسفيه،والاتهاموالتضليل،والتبديعوالتفسيق،واشتغالالإسلاميينببعضهم،فيإصلاحالأوضاعالإسلامية،وفيالتئامالصفِّووحدةالكلمة،ودفععدوانأهلالباطلممنيتربصونبالإسلاموالمسلمينالشرور؛لذاعليناأننغيّرأسلوبناوطريقتنافيالتعاملمعبعضِنا،والتعاملِمعخلافاتنا؛ليصبحهوالظاهرةالحيةالفاعلةفيالتقارب،بدَلَهذاالتشرذموالبغيِّوالعدوان.
إننيأخشىأنيكونانطبقعلىجيلناالمعاصرقولُاللهعزوجلفيأهلالكتابمنقبلناحيثأخذوابعضالدينوتركوابعضهفقالسبحانهعنهم: (وَمِنَالَّذِينَقَالُواإِنَّانَصَارَىأَخَذْنَامِيثَاقَهُمْفَنَسُواحَظًّامِمَّاذُكِّرُوابِهِفَأَغْرَيْنَابَيْنَهُمُالْعَدَاوَةَوَالْبَغْضَاءَإِلَىيَوْمِالْقِيَامَةِوَسَوْفَيُنَبِّئُهُمُاللَّهُبِمَاكَانُوايَصْنَعُونَ)[المائدة:14] وقالعزوجل: (وَلَقَدْآتَيْنَابَنِيإِسْرَائِيلَالْكِتَابَوَالْحُكْمَوَالنُّبُوَّةَوَرَزَقْنَاهُمْمِنَالطَّيِّبَاتِوَفَضَّلْنَاهُمْعَلَىالْعَالَمِينَ * وَآتَيْنَاهُمْبَيِّنَاتٍمِنَالْأَمْرِفَمَااخْتَلَفُواإِلَّامِنْبَعْدِمَاجَاءَهُمُالْعِلْمُبَغْيًابَيْنَهُمْإِنَّرَبَّكَيَقْضِيبَيْنَهُمْيَوْمَالْقِيَامَةِفِيمَاكَانُوافِيهِيَخْتَلِفُونَ) [الجاثية:16 - 17].
وقدذكراللهعزوجلفيكلاالموضعينالعلاجمنهذاالداءالعضال: فقالعقبالموضعالأول: (يَاأَهْلَالْكِتَابِقَدْجَاءَكُمْرَسُولُنَايُبَيِّنُلَكُمْكَثِيرًامِمَّاكُنْتُمْتُخْفُونَمِنَالْكِتَابِوَيَعْفُوعَنْكَثِيرٍقَدْجَاءَكُمْمِنَاللَّهِنُورٌوَكِتَابٌمُبِينٌ* يَهْدِيبِهِاللَّهُمَنِاتَّبَعَرِضْوَانَهُسُبُلَالسَّلَامِوَيُخْرِجُهُمْمِنَالظُّلُمَاتِإِلَىالنُّورِبِإِذْنِهِوَيَهْدِيهِمْإِلَىصِرَاطٍمُسْتَقِيمٍ)[المائدة : 15 ، 16].
وقالعقبالموضعالثاني: (ثُمَّجَعَلْنَاكَعَلَىشَرِيعَةٍمِنَالْأَمْرِفَاتَّبِعْهَاوَلَاتَتَّبِعْأَهْوَاءَالَّذِينَلَايَعْلَمُونَ) [الجاثية: 18].
إنمنأسبابالخلافالتيإذالمتفهمعلىوجههاالصحيحفسيظلالخلافوالتنازعقائماًيفرزمزيداًمنالتمزقوالتطاحنوالفشل،وهوعدمالتفريقبينقواعدالفهملأحكامالإسلاموعقائدهوالتيتشملمصادرالتلقيوالتشريعوقواعدوالنظروالاستدلال،والتيعنطريقهانتعرفعلىالحكمالشرعيكماأنزلهاللهوأراده،وبينقواعدتنزيلالأحكامالشرعيةعلىالوقائعباختلافأزمنتهاوأمكنتهاوظروفها،وأنالقواعدالأولىتعطيلناالحكمالمجرّدعنالواقعة،وأنالثانيةتعطيناالحكمالممكنالتطبيقفيواقعةزمانيةومكانية،فإذاأصررناعلىالنظرإلىالحكممجرداًعنواقعهوظرفهومدىالمستطاعتطبيقهمنهفيظلذلك،فإنناقطعاًسنختلفاختلافاًيتبعهالتضليلُوالاتهامُبالتبديل.
فحكمُاللهالثابتمثلاًفيالقيامفيالصلاةأنهركنمنأركانها،فإذاكانالمصليًمشلولاًمثلاًفإنألزمناهبالقياملميمكنهذلك،وصارالحكمغيرقابلللتطبيقعلىهذهالحالة،وإنقلناإنهلايلزمكمنالحكمإلاماتقدرعليهوهوالصلاةجالساً،صاربالنظرإلىالحكمالأصليغيرمطبقله،وهذاماتأتيهشبهةالتبديل،وضربتهذاالمثلرغموضوحهوالاتفاقعليهلإيضاحالفكرة؛فإنهناكأحكاماًقدلاتكونبهذهالصورةمنالوضوح؛لأنهاقدتتعلقبقضاياالأمة،وبوقائعمتشابكة،وكلهاينطبقعليهاقاعدةالاستطاعةفيالشريعة: (فاتقوااللهمااستطعتم) (إذاأمرتكمبأمرفأتوامنهمااستطعتم)،ومنأسبابالخلافبينالإسلاميينعدمإعمالهاتينالقاعدتينأوإعمالأحدهماوإهمالالأخرى،أوجعلالأحكامالمؤقتةالمرتبطةبزمانومكانوظرفماأحكاماًدائمةكأنهاهيحكماللهالدائم،والقسمالثالثهوالتفريط،ويتعارضمعأصحابالقسمالأول،فيحدثبينهمامنالتضادوالتنازعمايجلبعضهمينفِّرمنبعض،ويتهمهبمخالفةالشريعة،والوسطهوالعدلالذييجمعالأطرافالمتنازعة،فيحافظعلىأحكامالشريعةمنخلالقواعدالفهموأنهاأحكامثابتةغيرقابلةللتغييروأنهاالأصل،ويراعىتطبيقهاعلىظروفهاوتُعَدُّأحكاماًمؤقتةيمكنتغييرهاإذاتغيرتظروفهاإلىأننصلإلىالظرفالذييمكنتطبيقالحكمالشرعيالأصلي،ففيمثالناًالمذكورآنفاًإذاشُفيالمشلولتغيَّرفيحقهالحكموأصبحالقيامفيالصلاةواجباًعليهلتمكنهمنه.
والخلاصةأنجيلناالمعاصرتراكمتعليهأسبابالهزيمةولنينهضمنهاحتىيُلقيبهذهالأسبابجميعاً،فيستحقحينئذالنصر،وأماالحالعلىماذكرنافإنالنصرلاأراهقريباً،لأنالنصرلايستحقهإلامنيقومبشروطهويكونأميناًعلىتطبيقمقتضياتهفهماًوسلوكاًوممارسة،فليسبيناللهوبينأحدمنخلقهنسب،وسنناللهلاتحابيأحداً.
……………..
|