ريمان برس - خاص - *
تتواصل فصول المعركة في قطاع غزة حيث تقف المقاومة الفلسطينية بثبات في وجه آلة الحرب الإسرائيلية وتسطّر مشاهد غير مسبوقة من الصمود والفاعلية الميدانية وفيما تستمر العمليات النوعية على الأرض تتفاقم الأزمة السياسية والعسكرية داخل إسرائيل بالتوازي مع تنامي الاستياء الدولي من سلوكها العدواني وازدياد الضغوط الإنسانية في القطاع المحاصر.
في الساعات الماضية نفذت كتائب القسام عملية دقيقة ضمن سلسلة عمليات أبواب الجحيم استهدفت قوات الاحتلال شرق رفح وكبّدتها خسائر مباشرة هذه العمليات تؤكد تصاعد تطور المقاومة من حيث التكتيك والجاهزية والقدرة على خوض المعركة في بيئات معقدة مستفيدة حتى من القذائف الإسرائيلية غير المنفجرة التي تحوّلت إلى غنائم قتالية على الأرض.
في المقابل يتزايد الاضطراب داخل القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية أصوات الغضب ترتفع من داخل المجتمع الإسرائيلي خصوصًا من عائلات الأسرى التي تتهم حكومة نتنياهو بخداع الرأي العام وإضاعة فرص التهدئة من أجل أجندات سياسية ضيقة وتطرح بقوة في المشهد الداخلي دعوات للإطاحة بالحكومة الإسرائيلية الحالية التي يصفها الكثيرون بأنها تفتقر للحكمة وتدفع البلاد إلى عزلة متفاقمة.
المواجهة في غزة لم تعد محصورة في النطاق العسكري بل تمددت لتشمل حلبة السياسة الدولية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تشهد توترًا غير مسبوق وسط صمت أمريكي رسمي يتخلله تململ من تصرفات تل أبيب على الصعيد الأوروبي تتصاعد الدعوات لوقف تسليح إسرائيل مع تصاعد المظاهرات والاحتجاجات في العواصم الغربية واتهامات لوزراء ومسؤولين بمخالفة القانون الدولي عبر دعمهم للعدوان على المدنيين في غزة.
وفي قلب هذا المشهد السياسي الملتهب تتفاقم المعاناة الإنسانية في قطاع غزة بشكل لا يطاق المنظمات الدولية تحذر من كارثة إنسانية تتجاوز حدود الخيال المستشفيات عاجزة والمواد الغذائية تنفد والعائلات تخاطر بأرواحها للوصول إلى قوت يومها بينما تدين منظمات الأمم المتحدة وعلى رأسها اليونيسف ومكتب الشؤون الإنسانية ما وصفته بخطط عقابية إسرائيلية تعرض الأطفال والمدنيين لخطر الموت والجوع المتعمد.
يأتي هذا بينما تعلن وزارة الصحة في غزة عن أرقام مفزعة عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من المصابين غالبيتهم من النساء والأطفال في واحدة من أكثر الحملات دموية ووحشية في تاريخ الصراع.
أما الجيش الإسرائيلي فهو يتلقى الضربات في عمق المناطق التي يظن أنه أحكم السيطرة عليها الإصابات بين صفوف قادته وضباطه تتوالى وتحديدًا في الشجاعية وحي الجنينة حيث تواجه القوات البرية مقاومة عنيفة ومباغتة أربكت الخطط الميدانية وأضعفت المعنويات القتالية.
وفي ظل هذا الوضع المشتعل تبدو إسرائيل أكثر عزلة من أي وقت مضى وتواجه أزمة أخلاقية وإنسانية وسياسية وسط عالم بدأ يستيقظ تدريجيًا من صمته.
إن المشهد الراهن في غزة لا يشير فقط إلى مأساة شعب يناضل للبقاء بل يعكس أيضًا تبدل موازين القوى في الإقليم ونهاية مرحلة طالما كانت فيها إسرائيل الطرف الأكثر تحكمًا في مسارات المواجهة ومع تصاعد المقاومة وتآكل الدعم الدولي للعدوان تبدو المرحلة القادمة مفتوحة على احتمالات كبرى ستحددها صلابة الشعب الفلسطيني وتحولات المواقف الدولية ومدى قدرة الاحتلال على استيعاب الدروس التي تفرضها المقاومة من تحت الركام. |