ريمان برس -
يمكنني القول أن "معاوية" هو " مؤسس الاستبداد" في نظام الحاكمية الإسلامية، الذي أستبدل حق "الشورى" الذي امر به الله ورسوله، في " أحقية التوريث" فكان بهذا التجاوز، يؤسس لمدرسة استبدادية مخالفاً بذلك أمر الله ورسوله..!
فراح "الباطل" يترسخ على يديه من خلال توظيف "المال والسيف " فجعل من "مال المسلمين " أداة ووسيلة لتطويع المسلمين، إشباعا لرغباته الدنيوية، وكأن الجمع يدرك ذلك ويعرف أن " الحق مع الإمام علي" وأن " الباطل معاوية"، وأن " الجنة والأخرة والدين مع الإمام علي" وأن " الدنياء وجهنم مع معاوية" والله ورسوله أعلم، لكن تلكم هي قناعتي واستغفر الله، وأعوذ بالله من " كلمة تهوى بصاحبها سبعين خريفا في جهنم "..؟!
وكان أن سادت عبارة حينها تداولها عامة المسلمين مفادها" الصلاة خلف علي أسلم، والأكل على مائدة معاوية أدسم "..؟!
لكن _ من يرفع القرأن على أسنة الرماح _ قطعا يختلف عمن يتقي الله ورأي في رفع المصحف حجة عليه أن لم يرضخ إحتراما وتقديسا لكتاب الله وأن كان من رفعه مخادعاً وماكراً، ومن خضع للمصحف المرفوع على أسنة الرماح أنقى وأتقي واروع وأكثر إيمانا وصدقا واخلاصا لدينه وربه ورسوله..
أن إيمان وتقوى" الإمام علي" لا يمكن مقارنته بمن عبدوا الدنيا ومباهجها وزينتها وتركوا الدين جانبا..!
وهذا الأمر لا ينطبق على خصوم " الإمام علي" رضي الله عنه وأرضاه، بل ينطبق أيضا على من " تشيعوا للإمام" واعتبروا أنفسهم من أنصاره ومويديه الذين لم يفعلوا ما فعلوا حبا ب"الإمام "ودينه وزهده، وفكره ورؤيته، بل فعلوا ما فعلوا نكاية بخصومه، فيما الدنيا كانت حاضرة لدى الجميع واطماعها تستوطن وجدان الكل..؟!
في هذا السياق الجدلي، كان يمكن التوقف أمام قوله تعالى " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" وليس هناك أصدق من الله قيلا، لولاء أن هذا الجدل لايزل حاضرا في وعي وذاكرة بعض المسلمين، الذين لم يختلفوا عن اسلافهم الأوائل، الذين وظفوا تلك الخلافات لتحقيق أهداف سياسية دنيوية، والتي لاتزل حاضرة في أجندات البعض رغم مرور أكثر من 1400 عام عليها، وهي فترة كافية لكي يتوقف البعض عن توظيفها وتسخيرها لخدمة أهداف سياسية، لم يعد العقل الإنساني يستوعبها، بقدر ما يحتاج هذا العقل أن يستوعب سيرة وزهد وتقوى وحكمة " الإمام علي" وعدله وإيثاره، وكل الصفات التي اتصف بها " الإمام" فجسدا بها شخصية المؤمن الحقيقي، الذي لا يخشى إلا الله، ولا يخاف إلا من غضب الله، ويطبق سيرة رسوله المصطفى، ويطبق حرفيا في حياته العامة والخاصة ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والانتصار للحق في مواجهة الباطل والحد من شيوع الباطل ورسوخه..!
أن الأقتداء بسيرة "الإمام علي" ليس " تشيعاً" ولا تعصب " لسلالة" بل هو إقتداء بثائر زاهد، وعالم جليل، وقاضٍ عادل، وإماما ورع، وهذا شرفاً ما بعده شرف، وعلى من يقتدي به أن يعمل كعمله و " يدوزن " سيرته ومواقفه، كسيرة ومواقف " الإمام علي" كرم الله وجهه ورضى عنه وأرضاه.. دون أن يتخذ من سيرة " الإمام" وسيلة لتصفية حسابات سياسية دنيوية، لم يعد هنا وفي زماننا من يمكنه أن يكون _ خصماً _للإمام، أو يختلف على عدالته، أو على مظلمته..!
أن أي مسلم وموحد أيا كان مذهبه، وكانت طريقته، لا يمكنه أن يختلف على " الإمام علي" ودوره ومكانته وعلاقته بالحبيب المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وأن القارئ والباحث المنصف في تاريخنا الإسلامي إذا ما تمعن وبتجرد في تأمل تلك الأحداث التي تفجرت في صدر الإسلام سيجد نفسه " يتبني قناعتي هذه" التي لم تأتي جزافا ولا من فراغ بل هي حصيلة جهود وبحث ومتابعة، وقرأة واستنتاجات وهذه الحلقات تحمل خلاصتها..!
يتبع |