ريمان برس -
ثمة علاقة روحية ووجدانية ربطت رسولنا المصطفي صلوات الله وسلامه عليه، مع " الإمام علي" كرم الله وجهه ورضى عنه وأرضاه، عبرا عنها رسولنا الكريم بأكثر من موقف وأكثر من تعبير، جسدا بهما من خلالهما متانة علاقته ب" الإمام علي" الذي كانت له منزلة خاصة في وعي ووجدان المصطفى، لكن هذه العلاقة لم تكون كما صورها لاحقا من "تشيعوا للإمام" رضوان الله عليه، الذين أعطوا لهذه العلاقة مسارات غير مساراتها، وحملوا " الإمام" ما لم يحتمل من "قداسة زائفة" يتبراء منها "الإمام" وقد تبرأ فعلا منها في حياته، ونصح الجمع باتباع طريق الدين الحق والألتزام به وبتعاليم الله سبحانه وتعالى وما نزل في كتابه الكريم، وما سار عليه النبي المصطفى وأمرنا اتباعها في سنته التي حرص "الإمام" على اتباعها وأمرنا بالتمسك بها..!
إذ لم يكن أمير المؤمنين وخليفة المسلمين من عرف بالشجاعة والفروسية، والعلم والمعرفة، والفقه والزهد، والبلاغة، والقوة، والقدرة في قول " الحق" ومنازلة "الباطل" عاجزا عن تحقيق ما يتطلع إليه، أو الدفاع عن حق من حقوقه، أو أن يأمر بمعروف، وينهي عن منكر، فقد كان رضوان الله عليه ذات مكانة مرموقة بين جموع الصحابة والمسلمين في عهد رسول الله وبعد وفات رسول الله، وكأن رضوان الله عليه لايخشي في قول الحق لومة لائم، وكأن جموع الصحابة والمسلمين ينظروا إليه كعالم وفارس وقاضٍ وفقيه وحكيم، ويلجوء إليه لأخذ المشورة والنصيحة خلفاء كانوا، أو ولاة، أو فقهاء ودعاة وقضاة حتى قال فيه الخليفة " أبي بكر" رضي الله عنه " علي اقضانا" وبعد توليه الخلافه قال "الصديق" " لست بخير من علي، وأن عليا من أهل البيت، ولو وليت هذا الأمر لوليته عليا" وكان ذات يوم واقفا فرأي الأمام علي مقبلا فقال "من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهم المصطفى _ صلوات الله عليه وعلى آله_ وأجوده منه منزلة وأعظمهم عند الله غناء، وأعظمهم عليه فلينظر إلى علي "..
فيما قال" الفاروق " رضي الله عنه،، عن الإمام" كفؤ عني علي فأني سمعت رسول الله يقول فيه خصالا لو أن خصلة منها في جميع آل الخطاب كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " وأظاف" الفاروق "" عليا ألهم الناس بما أنزل الله على رسوله " وقال في موقعة أخرى" عليا أخيرنا فتوى "..
وتميز رضوان الله عليه وأرضاه طيلة عهد الخلفاء السابقين له، وسار معهم على السمع والطاعة والأدلاء بالمشورة والنصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مجسدا قول الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه" من كنت مولاه فهذا علي مولاه"، وحتي حين اشتدت الفتنة بين المسلمين لم يتردد في تقديم نصحه ومشورته لكل أطراف الخلاف، وبعد أن حدث ما حدث " للخليفة عثمان" رضوان الله عليه، لم يجد الجمع الذي ثار ضد الخليفة مفرا مما وصلت إليه الأمور سوي اللجوء " للإمام علي" ليخرجهم من المأزق الذي وصلوا إليه، إذ لم يكن هناك شخص يمكن أن يحتوي الفتنة ويطفي نيرانها المشتعلة سوي الإمام علي وحده، لهذا هربوا إليه وإليه هرول المهاجرين والأنصار في المدينة طالبين منه تطويق الفتنة وإنفاذ فيهم ما أمر به الله ورسوله ولهذا بايعوه وقبل البيعة مكرها وقال قولته المشهورة عن الخلافة إذ قال " أنا والذي فلق الحبة والنوى، وبرا النسمة، لولاء ما أخذ الله على العلماء، الإيثار درا على كظة ظالم وسغب مظلوم لا لفيت حبلها على غاربها، وسقيت أخرها بكأس أولها، ولا لفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنزة"..
وفيما كان ذات يوم يخصف نعليه ومعه أبن عمه _عبد الله أبن عباس _ فسأل الأمام أين عمه عن" قيمة النعل "
فرد عليه أبن عباس أن لا قيمة لها..!
فقال الإمام مخاطبا أبن عمه" والله لهي أحب إلي من أمرتكم، إلا أن أقيم حقا، أو ادفع باطلا.. "!
رضي الله عنك أيها" الصبي الثائر" والشاب الفارس والفقيه العالم، والقاضي العادل، الخليفة الزاهد، رضي الله عنك وارضاك يا أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب كرم وجهك..
اللهم صل على سيدنا محمد وأله، وارضي عن صحابته، أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي، وعلى بقية أصحاب حبيبك المصطفى، ومن أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وأغفر لنا يا الله وأرحمنا، وارينا طريق الحق واهدينا اتباعه وارينا طريق الباطل وجنبنا السير فيه ونجينا من اهل الباطل واجعلنا سائرين في طريق الحق وان كانت موحشة.. فأنت انيسنا فيها ورسولة وصحابته.. اللهم أمين.. اللهم أمين.. اللهم أمين.
انتهي. |