ريمان برس - خاص -
في إحدى جلسات (المقيل) التي جمعتني باللواء الشهيد درهم عبده نعمان، والتي كانت في نفس الغرفة التي استشهد فيها للأسف، حدثني _رحمه الله _ عن مهمته في محافظة الجوف حين عين محافظا لها، ومما قاله لي :إنه تفاجئ حين وصوله للمحافظة أن المحافظة كانت تعيش في العصور الوسطى وليس فيها أي مرافق خدمية وتفتقد لكل مقومات الحياة رغم السنوات التي مرت على قيام الثورة اليمنية إلا أن الثورة لم تكن قد وصلت لهذه المحافظة التي تفتقد لكل مرافق البنية التحتية بما في ذلك المرافق الأساسية، كالمدارس والمستشفيات ومكاتب السلطة المحلية، بل حتى مبنى للمحافظة ومقر للمحافظ لم يكونان متوفران في المحافظة فيما شوارعها كانت ترابية، لدرجة ان الدهشة استوطنت المحافظ ذاته واربكه الحال الذي تعيشه المحافظه رغم المواقف الوطنية الصادقة التي يتحلى بها أبناء الجوف الذين وبالرغم من قربهم من الحدود (السعودية) إلا أنهم رفضوا بالمطلق الانتماء للدولة الجارة والتمتع بجنسيتها والقبول بعروضها المغرية التي كانت تعرضها عليهم بكل مناسبة..؟!
حدثني عن حياة بدائية قاسية كان يعيشها أبناء محافظة الجوف، وعن أولى محاولته لتأسيس مدرسة وكيف وفر معمل لصناعة (البلك) وحشد الناس لبناء عدة فصول دراسية، وكيف عند اكتمال البناء طلع إلى العاصمة صنعاء وراح يستقطب المدرسين ويقنعهم بنفسه بالقبول للتدريس بالجوف واعدا إياهم بتوفير كل متطلباتهم وكان يؤمها غالبية المدرسين وافدين من بعض الأقطار العربية وخاصة مصر، قال كانت وزارة التربية في التحرير وتمكن من إقناع عددا من المدرسين المصريين، وفعلا اوصلهم إلى المحافظة ووفر لهم السكن في إحدى المنازل ووفر لهم الأثاث وأدوات المطبخ، وبدت المهمة التعليمية وكذا مهمة بناء المرافق الخدمية للمحافظة، وذكر لي _رحمه الله _أن من أوائل الطلاب الذين عمل على تشجيه وتأهيله كان الدكتور محمد جميح سفير اليمن الحالي لدى اليونسكو والكاتب والمحلل السياسي..
وقال _رحمه الله _بعد أن استقر المدرسين وبدأت العملية التربوية بالمحافظة تفاجئ بتساؤلات المدرسين عن (مكتب البريد) بالمحافظة الذي سيمكنهم من نقل رسائلهم الشهرية لاسرهم، ولم يكن هناك لا بريد ولا مكتب للبريد، وضحك _رحمه الله _وهو يحدثنا عن هذا الأمر وكيف سيعالجه؟!
قال ذهبنا واتينا بصندوق بريد ووضعناه على جدار منزل المدرسين وطلبنا منهم وضع رسائلهم في الصندوق وسيأتي موظف البريد لاخذها وتركت مفتاح الصندوق عند أحد المرافقين الذين كان يتفاقد الصندوق وحين يجد الرسائل يحملها مباشرة إلى صنعاء ويقوم بإرسالها حسب العناوين المدونة عليها كما عملت على تخصيص صندوق بريد ببريد التحرير توضع فيه الرسائل القادمة من ذوي المدرسين بعد أن اتفقت مع مسؤولي البريد في صنعاء على ذلك..
يتبع
https://t.me@ameritaha
[email protected]