ريمان برس - متابعات -
في تلك البقعة الصغيرة في العالم تبدو مدينة غزة صغيرة على خارطة العالم، وربما ما يميز هذه المدينة هو طابعها المحافظ والتكتم عن الحالات الشاذة التي تحدث بين الفينة والأخرى. لعل أبرز هذه الحالات هي اعتداء الأب على ابنته أو اعتداء الأخ على أخته وهكذا أو ما يمكن اختصاره بـ"زنى المحارم". إيلاف تجولت في أروقة الشرطة النسائية وكشفت بعض الخبايا المتعلقة بهذا الموضوع.
عبير أحمد من غزة: يشهد المجتمع الغزي المحافظ بين فترة وأخرى حالات مختلفة من الاغتصاب. ويقف وراء هذه الحالات في كثير من الأحيان الأب أو الأخ أو المحرم بشكل عام. والخوف والفضيحة يدفعان الفتيات إلى إخفاء أمر الاعتداء عليهن. فما الأسباب الحقيقية لزنى المحارم؟ وهل يمكن اعتبارها ظاهرة انتشرت في المجتمع الغزي؟
صديقتها من أخبرت الشرطة.
أثناء حديث مراسلة ايلاف مع مديرة الشرطة النسائية في حكومة غزة حصلت على بعض القصص الحقيقية التي حدثت وتحدث داخل مدينة غزة وكشفت بعض المستور. هن أخوات كما تقول النقيبة ويعشن حياة منفتحة جدًا، فطريقة الملبس وغيرها أثارت الغريزة لدى الشباب ودفعت الغريزة إخوانهن إلى التحرش بهن بطريقة علنية.
لكن ما كان يمنع الفتيات هو المجتمع وعدم تصديقهن لو قمن بالحديث عن موضوع التحرش الذي يحدث لهن من قبل إخوانهن. وأدى الأمر كما تقول النقيبة إلى إفشاء السر إلى صديقة لهن، وعلى إثرها توجهت الصديقة إلى إخبار الشرطة التي قامت بدور العلاج الأسري لهذه العائلة.
الأب اعتدى على ابنته وأفقدها عذريتها
لم تكن الفتاة "م.ن" (17 عاماً) تعلم أن مصيرها سيكون الاعتداء عليها من قبل أقرب الناس وهو الأولى بحمايتها. فكل يوم تخرج الأم من البيت وتبقى الفتاة مع والدها إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تركت الأم فيه ابنتها مع والدها كما العادة لكن لم يكن هذا اليوم عاديًا حين قام الأب باغتصاب الفتاة وتحت التهديد خافت الفتاة أن تخبر أحداً بما حصل معها.
إلى أن تعددت عمليات الممارسة الجنسية من قبل الأب مع ابنته، هذا الأمر جعل الأم تشك بأن ابنتها لا تأتيها كما باقي الفتيات "الدورة الشهرية" فأخبرت الأم ابنتها وبعد حديث دار بينهما اكتشفت الأم أن ابنتها حامل من أبيها، وأن الأب اعتدى بكل وحشية على ابنته بل وأجبرها تحت التهديد على الممارسة الجنسية عدة مرات.
مجتمع لا يرحم
أم محمد تستنكر أن يعتدي الأب على ابنته أو المحرم على إحدى محارمه، فهي كما تقول بأن المجتمع في غزة لا يرحم بأي طريقة من الطرق وأن الفتاة ستكون هي الضحية ومصيرها الضياع في هذا المجتمع الضيق بأفكاره.
وتتابع بأنها بدأت تخاف جدًا على بناتها من هذه المواضيع الغريبة التي لم تكن موجودة في المجتمع، هذا الخوف دفعها إلى مراقبة تصرفات زوجها وأولادها في كثير من الأحيان. وتختم أن الحياة تغيّرت وأن الفتاة هي الضحية ولو تغيّرت الأزمنة، متمنية أن تقوم المؤسسات الأهلية التي تعنى بالفتيات بدور التوعية في المدارس وغيرها من أجل تجنب حدوث مثل هذه المصائب على حد وصفها.
الدور النفسي لتأهيل الفتاة بعد اغتصابها
الأستاذة والمرشدة النفسية في إحدى المدارس الحكومية "سمر محمود" تقول إن الفتاة في سن المراهقة وما قبل ذلك هي الأكثر عرضة للتعرض لعمليات التعنيف والاعتداء الجنسي.
وتتابع: ينبغي أن ندرك جيدًا بأن المجتمع في مدينة غزة لا يتقبل بأي شكل من الأشكال فكرة أن يكون الأب أو الأخ أو الخال اعتدى على المحارم لذلك تكون عملية التصديق من قبل المجتمع قليلة بل ونادرة جدًا وتكون الفتاة هي الملامة في كل الحالات.
وتضيف: خلال فترة عمري الكبيرة مع الفتيات في سن المراهقة كانت الشكاوى المتعددة تأتيني من قبل البنات الصغيرات سنًا عن عمليات تحرش واضحة وأحيانًا عدم وعي الفتاة يجعلها تتقبل الأمر.
بالإضافة أنها جاءتها إحدى الفتيات تشكو من محاولة الأخ اغتصاب أخته وعندما هربت الفتاة إلى بيت عمها كان يهددها بين الفترة والأخرى بأنه إن لم تنفذ أوامره سيخبر اهلها، وتتابع طلبت مني المساعدة وتوجه الفريق النفسي للتعرف على جو العائلة لأتفاجأ أن والدة الفتاة مطلقة وأن الفتاة تعيش وحيدة مع 4 أخوة شباب، وبدأت عمليات المعالجة النفسية التي استغرقت وقتًا طويلاً، كما تقول حتى تم العلاج منها.
وتختم قولها لمراسلة ايلاف أن زنى المحارم من أشد المصائب التي تحدث في غزة فالاغتصاب يكون من أشخاص شاذين أخلاقيًا، تأثروا ببعض الثقافات المختلفة واقتنعوا بالفكرة وقاموا بممارسة عمليات الاعتداء الجنسي دون عقوبة تذكر من المجتمع الذكوري المحافظ في غزة.
وشددت محمود على أهمية التوعية للفتيات وعدم التأثر بالمسلسلات الشاذة أو بعض المشاهد المعينة التي تثير الشهوة والغريزة داخل الذكور. ولمعرفة الحقائق والمعلومات وكيف تتم معاقبة المجرمين من قبل الشرطة، توجهت مراسلة ايلاف إلى قسم الشرطة النسائية في حكومة غزة لتكشف بعض التفاصيل المختفية تحت غطاء المجتمع المحافظ.
"النقيبة عاهدة الخضري" مديرة محافظة غزة في قسم الشرطة النسائية تحدثت لمراسلة ايلاف عن القضية قائلة "هذا الموضوع حساس وله وزنه وقيمته عند الحديث عنه في المجتمع الغزي بشكل مختص والمجتمع العربي بشكل عام.
وتتابع لمراسلة ايلاف أن زنى المحارم قديم حديث بمعنى أن الحالات التي يتم كشفها بطرق وأساليب مختلفة هي قليلة، ولا يمكن تسميتها بأنها ظاهرة بأي شكل مطلق، فالحالات التي تحدث هي قليلة بالنسبة لعدد الأشخاص في المجتمع.
وعن سؤال مراسلة ايلاف لها عن الفئة العمرية التي تكون ضحية، تقول إن سن المراهقة من 10 إلى 17 سنة، وأن المعتدي يكون غالبًا إما الأخ أو الأب أو العم أو الخال ولذلك يُسمى بزنى المحارم لأنه ينجم عن فئة المحارم التي هي وفق الشريعة الإسلامية محرمة شرعًا.
وتستدرك القول إن عدم وجود الوعي الكافي بهذه المسائل وغياب الأم فترة طويلة عن المنزل بالإضافة إلى قلة الوازع الديني يؤدي إلى تجرؤ المحرم على القيام بعملية الاغتصاب. وتضيف: "الفتاة لا تقوم بالتبليغ مباشرة بأنها تعرضت لعملية اغتصاب لكن إن أسرت لإحدى صديقاتها أو احد أقاربها والأخير يبلغنا في الشرطة ثم نقوم بالدور القانوني مع أي مجرم".
وعن الأسباب التي تكون دافعًا للقيام بهذا الاعتداء، تشدد الخضري على غياب الثقافة الجنسية والوازع الديني، مع الأخذ في الاعتبار أن الاعتداء قد يحصل نتيجة تأثير بعض العقاقير المخدرة التي يكون تعاطاها المحرم.
وتختم بأن المجتمع في غزة يجب أن يكون على وعي اكبر بما يجري مع الفتاة وهذا ما قامت به الشرطة النسائية في غزة من خلال القيام باعداد ورشات توعية متخصصة بهذا الجانب.
وبين خصوصية المجتمع في غزة حق ضائع لضحية لم يكن ذنبها إلا أنها نتيجة اعتداء وحشي مارسه أشخاص يجمع الكثير على أنهم شاذون خلقيًا في المجتمع. والسؤال يبقى مطروحًا ما مصير الفتاة التي تعرضت للاغتصاب.