ريمان برس -
يحسب بعض اليمنيين أن الصراع الذي تفجر مع قيام ثورة سبتمبر 1962م سببه التدخل العربي وأن لولاء تدخل مصر عبد الناصر لما تقاتل اليمنيين..؟!
آخرين ينظرون لدور مصر في اليمن على " أنه دور استعماري"..؟!
ويذهب بعضهم بعيدا في القول أن الجيش العربي "نهب اليمن واخذ ذهب وأموال اليمن وتحف وأثار اليمن"..؟!
وكثيرة هي الروايات التي استهدفت دور مصر عبد الناصر والجيش العربي المصري من قبل خصوم الثورة اليمنية، ومن قبل خصوم عبد الناصر ونظامه ومشروعه القومي، وهؤلاء الخصوم رغم تباين دوافعهم وقناعتهم السياسية والفكرية وإنتماءتهم الأيدلوجية، إلا انهم جميعا اتفقوا على "شيطنة دور مصر والقوات العربية في دعم الثورة اليمنية"..!
نعم اتفق " البعثي" مع " الماركسي" مع " الإخواني" مع "الملكي الرجعي" مع " الليبرالي" مع "القبيلي" على " شيطنة دور مصر عبد الناصر وجيشها البطل" الذي قدم من أجل حرية الشعب اليمني ومن أجل كرامته وسيادته واستقلاله أنبل الرجال وأشجع الأبطال وارتوت جبال وهضاب واودية اليمن وصحاريها بدماء أبناء مصر العظماء الذين اختلطت دمائهم بدماء أشقائهم اليمنيين..
مصر عبد الناصر لم تأتي بجيش فقط لدعم الثورة اليمنية، بل جاء إليها من مصر عبد الناصر، الجندي بسلاحه وذخيرته، والمدرس بالسبورة والطباشير، والكتاب المدرسي والقرطاسية، والدكتور بسماعته وحقيبة الأدوية، والمهندس الزراعي ببذوره، والمدرس الفني بعدته وادواته.. وفتحت مصر كلياتها العسكرية والمدنية ومعاهدها ومراكز ها أمام أبناء اليمن دون إستثناء لتاهيلهم واعادتهم للمساهمة ببناء وطنهم الجديد بعد ازاحة نظام الجهل والتخلف والفقر..!
إذا من يشكك بدور مصر ودعم مصر واخوة مصر ومصداقية مصر وشعبها وجيشها وقائدها وقيادتها وتضحياتها في دعم الثورة اليمنية، هو إما منافق جاحد، أو معبيء إيدلوجيا مهمته تسويق اراء أولئك الذين ارعبهم تدخل مصر لأنهم كانوا يرغبون في وآد الثورة بمهدها ولم يكونوا يتمنوا تحقيقها أو إنتصارها حتى في نطاق إسقاط الطاغية، لأن هناك من كان يريد إستبدال راس النظام باخر من الأسرة ولم يكن يرغب في إنهاء حكم أسرة "حميد الدين" وهناك من كان يريد فقط "تربية آل حميد الدين" والثأر لأسرته، لكنه لم يكن يرغب بالجمهورية ولا يريدها وان كان ولابد من جمهورية فلتكن "جمهورية إسلامية"..؟!
أخرون كانوا يريدون جمهورية على غرار العراق وبعيدة عن أفكار مصر عبد الناصر ومشروعه القومي.. آخرين ايظا كانوا يريدون "جمهورية بوليتارية " لم يتفقوا على شكلها، وهل تتبني " التجربة السوفيتية"؟ أم تأخذ " التجربة الصينية"..؟!
في ذات السياق كانت هناك محاور خارجية إقليمية ودولية ترى الخطر المحدق القادم من اليمن في حالة انتصار الثورة واستقرارها وبدء مرحلة التغير والتحولات الوطنية اليمنية، وبد تطبيق مشروعها الحضاري مقتفية إثر التحولات الوطنية والقومية في مصر..!
هذه الفكرة لوحدها كانت تصيب أعداء الثورة واعداء المشروع القومي بالجنون لدرجة الهيستيريا، خوفا من انتقال تأثيرها الي المكونات الخليجية، التي تعد خندقا متقدما لحماية " الكيان الصهيوني "، لذا حشدت القوات المعادية للثورة ومشروعها كل قدراتها المادية والمعنوية والعسكرية والأستخبارية، وتقاطعت أهداف ومصالح أعداء ثوار سبتمبر واعداء الزعيم عبد الناصر ومشروعه القومي، وفتحت "مملكة نجد" خزائنها وأنفقت دون حساب، ليس لشراء ذمم وجهاء واعيان ونشطاء الداخل اليمني، بل ولشراء ولاء الدول والأنظمة والمنظمات الدولية والمنابر الإعلامية، وايظا لاستئيجار المرتزقة وتجنيدهم، ولم يتخلف عن مهمة إسقاط الثورة اليمنية ومشروع عبد الناصر القومي حتى" العدو الصهيوني" الذي مد أعداء الثورة بالخبراء والمدربين وحتى الأسلحة التي كانت تسقطها طائرات العدو على مواقع أعداء الثورة..؟!
ومن أجل انتصار إرادة وحرية الشعب اليمني قدمت مصر عبد الناصر أعظم التضحيات، ولم يتمنى أحدا الخير لليمن والامن والاستقرار والتقدم الاجتماعي، كما تمنت له مصر عبد الناصر، التي قدمت أنبل الابطال وأشجع الابطال ولولاء تضحيات أبطال مصر لكانت " أسرة حميد الدين" عادت لتحكم قبضتها وتدوس على هذا الشعب وبدعم "مملكة نجد" والغرب وامريكا والصهاينة..!
المثير أن من يكيلون التهم لمصر ودورها في اليمن، لم يسألوا أنفسهم عن الامكانيات التي كانت تملكها اليمن في عهد " أسرة حميد الدين" غير الثالوث الرهيب الذي كان يخيم على أرض وسماء اليمن وهم "الجهل والفقر والمرض"..!
أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله ومصر قدمت ما لم يقدمه بعض اليمنيين الذين يتشدقون اليوم باسم الثورة والجمهورية فيما ابائهم كانوا من الد أعدائها ومن وقف يحاربها ولايزل لايري فيها سوي مصدر عيش ونفوذ وجاهي فإن انقطعت عنه ارتد وتحول إلى قاطع طريق _ نموذج _الشيخ عبد الله الأحمر وخبرته _ الذي جمع تحت قيادته وبتمويل " سعودي" كل شذاذ الآفاق من أعداء الثورة والمتمصلحين والمتفيدين والباحثين عن المغانم و كانوا بقيادته الماكرة والتوجيهات القادمة من أسيادهم في "الرياض" سببا في كل مصائب اليمن الأرض والإنسان والتحولات الوطنية والأحداث..؟!
الم يكن "الشيخ الأحمر" هو مهندس الفتن في أوساط ثوار سبتمبر؟ الم يكن هو مهندس انقلاب 5 نوفمبر 1967م، واعتقال أنبل وأشجع وأشرف رجال الثورة، ومنهم المناضل عبد الغني مطهر، الذي ادخلوه" سجن الرادع"..؟!
ألم يكن " شيخ العصيمات" هو مهندس أحداث اغسطس بعدها وتصفية رموز الثورة؟
الم يكن هو وراء مقتل الشهيد الحمدي الذي عزله من مجلس الشورى فاعتصم بالعصيمات وجمع كل المتضررين من حركة التصحيح وهندس بهم جريمة اغتيال وطن للمرة الثانية..؟!
وقبل كل هذا من دق اسفين بين قادة الثورة والدكتور عبد الرحمن البيضاني، وزعم أن " البيضاني" يريد يقيم " دولة شافعية"..؟!
ومن تسبب في إعدام "الرعيني"؟! ومن قتل "الزبيري" الذي انشق عن الجماعة وأسس "حزبه الخاص وأطلق عليه حزب الله ليقتل في برط بعد ثلاثة أشهر من انشقاقه عن جماعة الإخوان"؟!
ومن هدد " المشير السلال" بتطويق صنعاء ب " القبائل" أن هو اكتفي بتجنيد " أبناء اليمن السافل" وإرسالهم للكليات العسكرية المصرية، ولم يجند "أبناء القبائل"، وحين اخبره "المشير السلال" أن هؤلاء يحملون مؤهلات دراسية ثانوية واعدادية، رد عليه "في الاخير هم عسكر وخبرتنا خلقوا للعسكرة "..!
وهو صاحب مقولة "لن يحكمنا ابن ساعي البريد" لكنه قبل صاغرا أن يحكمه أحفاد "إبراهام ليفي من آل سعود"..؟!
أن مصر عبد الناصر قدمت أعظم وانبل التضحيات من أجل حرية واستقلال اليمن حتى عجزت عن ضبط إيقاعات الحياة في أوساط الثوار، بدورها" الرياض "عجزت هي الأخرى في ضبط اتباعها، ويبدو حالنا اليوم تكرارا لما حدث ذالك اليوم..!
أن مصر عبد الناصر لم تأتي لتدعم مرتزقة، ولم تاتي لتدعم فئة بذاتها بل جاءت لتدعم الشعب اليمني بكل شرائحه واطيافه، فعلت ذلك في العراق، وفي سوريا، والجزائر، ولبنان، والسودان، والصومال، وفلسطين، وتونس، وفي قارتي اسيا وأفريقيا، فقد دعمت مصر عبد الناصر حركة التحرر كجزءا من مشروع قومي عربي نهضوي داعم للوحدة العربية والتكامل العالمثالثي في مواجهة قوي الاستعمار والهيمنة الإمبريالية _الصهيونية، كان الرجل العظيم يحلم بمجد أمة وبعزة أمة وكرامة أمة وبوطن عربي موحد الجغرافية والطاقات والقدرات حتى يتمكن من مواجهة قوي الاستعمار والهيمنة ولو تحقق هذا الحلم لما كانت الأمة بحالتها المخزية اليوم..!
الرحمة والخلود للزعيم جمال عبد الناصر.. ولكل الشهداء الأحرار الحقيقيين الذين قدموا أرواحهم فداء لحرية الشعب اليمني من أبناء اليمن ومن أبناء مصر العروبة |