ريمان برس - خاص -
نعلم جميعا أن الجماعات المتطرفة والجهادية هي صناعة أمريكية _بريطانية ومن هذه التنظيمات التي رعتها أجهزة المخابرات الأمريكية ( تنظيم القاعدة) الذي يستحيل أن يكون صانع حدث 11 سبتمبر 2001م دون علم أجهزة المخابرات الأمريكية أن كان التنظيم فعلا هو من يقف خلف هذا الحادث، الذي خدم أمريكا واعطاها شرعية لاستباحة سيادة شعوب العالم وخاصة العالم الإسلامي بذريعة (مكافحة الإرهاب) رغم كل الدلائل والتقارير التي صدرت عن عملاء فيدرالين وموظفين في أجهزة الاستخبارات الأمريكية وكلها تشكك بقدرة تنظيم القاعدة في القيام باستهداف أبراج مانهاتن دون رعاية وتسهيل من المخابرات الأمريكية لأن الحادث خدم المخطط الاستراتيجي لواشنطن، التي اتخذت من الحادث مبررا لغزو أفغانستان، ليس كما قيل لمحاربة الإرهاب، بل للسيطرة على مصادر الطاقة في( بحر قزوين) وأيضا السيطرة على كل القوقاز ووسط اسيا لمحاصرة كل من (روسيا والصين) والحد من نفوذهما الجيوسياسي وكان هذا المخطط الأمريكي _الأطلسي _ القاضي باستهداف روسيا الاتحادية واستباق صعودها وتمدد نفوذها الجيوسياسي، قد بدأ باستهداف جمهورية يوغسلافيا وتقسيمها إلى دويلات متناحرة والمثير أن ذرائع ومبررات أمريكا في عدوانها على يوغسلافيا هو الانتصار للديمقراطية ومناصرة مسلمي( البوسنة والهرسك)..؟!
كان المخطط الأمريكي للسيطرة على مصادر الطاقة في بحر قزوين والقوقاز وكل وسط آسيا يتضمن السيطرة على أفغانستان، ثم العراق وسورية وتطويع (إيران) أو إسقاط نظامها، وتضمن المخطط الذي أطلقت عليه واشنطن اسم (الياسمينة الزرقاء) إسقاط نظام العراق ثم النظام في سورية ومد خط أنابيب الغاز والنفط من دول الخليج عبر سورية والعراق إلى تركيا ومنها إلى أوروبا ليكون بديلا عن الغاز الروسي، كانت التقديرات الأولية تشير إلى أن هذا المخطط اي مخطط استهداف سورية وإسقاط نظامها_ بعد أن سيطرت واشنطن على العراق _ قد قدرت تكلفته بقرابة 400 مليار دولار في أسواء الأحوال، يشمل هذا المبلغ تفكيك سورية وإسقاط نظامها القومي وضرب هويتها العربية وثقافتها القومية وتمزيق نسيجها الاجتماعي وبث ثقافة الحقد والكراهية فيما المكونات الفسيفسائة التي يتشكل منها المجتمع العربي السوري، ليتسنى على إثر ذلك السيطرة على منابع الطاقة السورية والثروات الطبيعية الأخرى التي تختزنها الجغرافية العربية السورية وخاصة مخزون (السيليكون) الذي تحتضنه الأراضي العربية السورية التي تقع اليوم تحت الاحتلال الأمريكي وحلفائها من الجماعات المسلحة الكردية..!!
وكانت كل الدراسات المتعلقة بخط أنابيب النفط والغاز التي ستنطلق من منابع الطاقة في دول الخليج الست، جاهزة للتنفيذ مع نجاح خطة إسقاط النظام العربي السوري وتفكيك مؤسسات الجيش والأمن في سورية؟!
وسيمر هذا الخط عبر الأراضي السورية والعراقية وصولا إلى تركيا حيث ستقام فيها محطات تخزينية هائلة ومنها سيتم مد أنابيب أخرى إلى دول أوروبا لتحريرها من سيطرت موسكو..؟!
كانت التكلفة المقدرة بقرابة 400 مليار دولار التي خصصت لإسقاط سورية ونظامها َتفكيك قدراتها ونسيجها الاجتماعي، قد قوبلت بتحفظ بعض العرب المشاركين في المؤامرة، لكن الكلفة قدخضعت لدراسة أمريكية _غربية، ووافقوا عليها، بعد أن قارنوا هذه الكلفة، بكلفة عوائد روسيا من ثمن الطاقة التي تصدرها لأوروبا سنويا، واعتبروا أن هذا المبلغ تدفعه أوروبا بشكل سنوي تقريبا للخزانة الروسية، وبالتالي تقديمه لإسقاط النظام السوري، سيوفر لاحقا المليارات لأن سعر الطاقة المنقولة سيكون سعرها أقل بنسبة 80٪ عن سعره من روسيا، إضافة إلى أهم مكسب ستحققه أوروبا بنظر واشنطن وهو التحرر من الارتهان لروسيا الاتحادية..!
لأجل ذاك جرت محاولات ومساعي أمريكية وغربية مع (دمشق) لفك ارتباطها بروسيا الاتحادية، والمعلن كان الحديث عن فك الارتباط بين دمشق وطهران، المساومات الغربية _الأمريكية طالت أيضا إيران وقدموا لها اغراءات متصلة ببرنامجها النووي شرط أن تقدم إيران تعهدا بعدم التحريض ضد الكيان الصهيوني أو مد الفصائل الفلسطينية بأسلحة وإمكانيات تمكنها من إقلاق إسرائيل في المقابل تمضي واشنطن في رعاية حل القضية الفلسطينية على أساس الدولتين..؟!
فشل مخطط إسقاط سورية وتعززت الروابط بين كل من سورية وروسيا وإيران وصولا إلى الصين، وكان لصمود الجيش العربي السوري وحلفائه دورا في الانتصار على عملية (الياسمينة الزرقاء) التي تعنى إسقاط سورية على غرار العراق بهدف تمديد خط أنابيب النفط، لم يكن احتلال العراق بسبب امتلاكه أسلحة دمار شامل، ولم تكن في سورية ثورة شعبية من أجل الحرية والديمقراطية، كذلك لم يأتي غزوا أفغانستان لمكافحة الإرهاب، ولا إسقاط نظام القذافي من أجل دمقرطة الشعب الليبي، وقبل ذلك أحداث الصومال، وانفصال جنوب السودان، وإحداث اليمن، مرورا بحروب وانقلابات دول إفريقيا، إلى حكاية (مسلمي ميانمار) ومسلمي الصين وتبني واشنطن لواء حمايتهم والدفاع عنهم..؟!
ومع كل هذه الأحداث والحروب والغزوات التي قامت بها أمريكا على مدى ثلاثة عقود وافقت خلالها بفعل صمود أحرار هذه الأمة والعالم، كانت أوكرانيا الملاذ الأخير للغضب الأمريكي بعد أن خرجت من أفغانستان ذليلة وهاربة، وبكل وقاحة طالبت واشنطن من روسيا والصين تعمير أفغانستان..؟!
وفي أفغانستان تركت أمريكا أسلحة ضخمة تتجاوز قيمتها 8مليار دولار، لكنها لم تترك فيها حتى (طن دقيق) أو أدوية أو أيا من المواد الأساسية، والهدف كان هو أن تجعل من أفغانستان مركزا لاستهداف دول وسط اسياء والصين ومع ذلك تم إحباط هذا المخطط بقيام روسيا والصين وإيران ودول اسيا الوسطى باحتوي واحتظان الحكومة الأفغانية بقيادة طالبان وتعزيز العلاقة معها عبر مدها بمساعدات غذائية وإنسانية وتقديم الدعم اللوجستي لها بما يمكنها من ضبط إيقاع الحياة فيها وعدم تحولها لوكر تنطلق منه العمليات الإرهابية ضد دول الجوار وهذا الوضع اقلق أمريكا والغرب الذين انسحبوا من هذه الدولة بطريقة همجية تعبر عن مدى انحطاط هذه الدول وانظمتها الاستعمارية..؟!
اليوم تعود أمريكا في أفغانستان عبر تحريك بعض المجاميع الإرهابية لإقلاق السكينة في أفغانستان ودول الجوار الأفغاني خاصة دول آسيا الوسطى..
المثير في كل هذه التداعيات التي خططت لها ونفذتها واشنطن وأجهزتها وحلفائها وراح ضحيتها الملاين من البشر ودمرت قدرات وفاقمت ظاهرة اللجوء وما نتج عنها من مآسي، لم تسفر في الاخير سواء عن بشاعة استعمارية وانحطاط سلوكي وحضاري يمكن تامله في مواقفها من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وعبر ردود أفعالها الجنونية والغير منطقية..؟!
يتبع
[email protected]