ريمان برس - خاص -
يعلمنا التاريخ أن في روسيا شعبا يجيد البسالة والشجاعة ويتقن فنون الصبر ولديه القدرة على التحمل ، ناهيكم عن امتلاكه لكل القدرات التي تؤهله للتعامل مع كل الجوائح والاعاصير مهما كانت قساوتها وخطورتها..
هذه المميزات دفعت المؤرخين إلى إطلاق لقب (الدب الروسي) على هذا الشعب لأن (الدب) أكثر حيوانات الكون قدرة على الصبر والتجلد والتأقلم مع كل المتغيرات المناخية وتفاعلات الطبيعة..
الشعب الروسي أستمد من هذا الحيوان كل قدراته واصبح بمثابة مضرب الأمثال في الحكمة والصبر ومواجهة الأهوال بثقة واقتدار وحكمة ومهارة ولم يحدث أن خسرا معركة تتعلق بسيادته ووجوده وأمنه القومي..كما لم يحدث أن أقدم هذا الشعب عبر تاريخه على افتعال الأحداث أو الاستعداد لمقاومة الأخطار قبل حدوثها إلا فيما يتصل بأمن سكينته الاجتماعية..
شعب كان ولا يزل يشكل مطمعا للغزاة ووجهة للغازين، الذين لم يفلحوا يوما عبر التاريخ في كسر شوكة هذا الشعب الذي واجه كل المؤامرات والغزوات بثبات وهدوء ورباطة جاش وانتصر على جميع الغزاة، مع العلم ان روسيا بثرواتها وجغرافيتها كانت هدف الغزاة والمستعمرين الأوروبيين وغيرهم وحتى اليوم..
في الحرب العالمية الثانية كان يمكن للقائد النازي أدولف هتلر احتلال أوروبا والوصول إلى واشنطن، لكن غلطته انه مزق معاهدته مع الاتحاد السوفييتي فقرر غزوه، ورغم حشود الجيوش الألمانية باتجاه أراضي الاتحاد السوفيتي _يومها _إلا أن الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين لم يصاب بالذعر ويهرول بجيشه لمواجهة جيش النازية الذي تؤغل داخل اراضي الاتحاد واستولى على بضعة مدن وقرى من الأراضي السوفيتية، ليتحرك بعدها ستالين بجيشه الأحمر الذي لم يحرر أراضيه وحسب بل وصل إلى قلب ألمانيا..؟!
قيل أن تشرشل كان يصحوا في الصباح ويدعوا الرب بأن يحفظ ستالين ويطيل بعمره حتى لأنه الوحيد القادر على مواجهة غطرسة هتلر وجموحه الجنوني..!
وفعلا لولا الاتحاد السوفييتي والجيش الأحمر وستالين لما تحقق الانتصار على ألمانيا النازية وحلفائها في إيطاليا واليابان..
روسيا الاتحادية وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي واجهت من التحديات لو واجهتها اي دولة غيرها واي شعب غير الشعب الروسي لكانت كافية في طمسها من الجغرافية خاصة وتفكك الاتحاد السوفييتي رافقته أعمالا عدائية من قبل الأجهزة الاستخبارية الأمريكية والغربية، حتى بلغت وقاحة أمريكا والغرب أن نشرت اعلانات ومناشدات في كبريات الصحف الغربية والأمريكية تطالب أثرياء العالم والبنك والصندوق الدوليين بالتبرع بالأموال الكافية لتدمير (قدرات روسيا النووية) وسعت أمريكا والغرب بكل همه ونشاط لإظهار روسيا الاتحادية كدولة فاشلة ومجتمع بائيس يقتل بعضه من أجل ( رغيف الخبز)، ولم تضيع أمريكا الوقت بل راحت ومنذ لحظة إعلان استقلال روسيا الاتحادية وكذا إعلان الجمهوريات التي كانت سوفيتية استقلالها، إلى زرع الفتن والتحريض المتعدد الدوافع والأشكال ضد روسيا وزرع الكراهية بين شعوب الجمهوريات المستقلة ضد روسيا الاتحادية وشعبها وكل من ينتمي إليها ويتحدث بلغتها..؟!
وسعت أمريكا إلى إذكاء ثقافة الصراع والعنف والكراهية في أوساط الشعوب المستقلة عن الاتحاد السوفيتي وضد الشعب الروسي وتحميله وزر كل أخطاء الاتحاد السوفيتي وقيادته، مع العلم ان اهم زعماء وقادة الاتحاد السوفييتي لم يكونوا رؤس بل من الجمهوريات التي تبنت ثقافة الحقد والكراهية ضد الروس بعد استقلالها وخاصة أوكرانيا التي ينتمي إليها زعيمان سوفيتيان هما (نيكيتا خروتشوف) و(ليونيد بريجينيف) وكان (خروتشوف) هو من اقتطع من روسيا إقليم الدونباس وجزيرة القرم وجعلهما تحت الإدارة الأوكرانية..!!
خلال الفترة من عام 1990 حتى عام 2005م تحديدا تعرضت روسيا لأبشع واقذر المؤامرات من قبل الاستخبارات الأمريكية والغربية وبرعاية أمريكا وبطرق مباشرة منها أو من خلال أدواتها من المتطرفين المهووسين ب(حمار) أمريكا وثقافتها وانماطها السلوكية المنافية لكل قيم وأخلاقيات مجتمعاتهم المستقلة..!
لقد صبرت روسيا الاتحادية وشعبها وقدمت الكثير من التضحيات ولكنها لم تستسلم بل ذهبت تقاوم من أجل النهوض فكانت تقاوم ببسالة وكانت مقاومتها مقاومة العين للمخرز، وفعلا نهضت روسيا أرضا وانسانا وقدرات وعقول ومهارات الا ان بقت روسيا التي نعرفها ويعرفها العالم اليوم، ومع بداية اتضاح المؤامرة الغربية الأمريكية بحق روسيا وشعبها وقدراتها عام 2014 م عبر الانقلاب الأمريكي على النظام الشرعي في أوكرانيا الذي رفض الاشتراك في مؤامرات استهداف روسيا، ظلت روسيا تراقب وتحذر وتندر سلطات كييف المتهمة لواشنطن ولندن وتحذر اسيادها وتلفت انظارهم، وبطرق دبلوماسية راحت روسيا ومن خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة وكل الوسائل والسبل تلفت أنظار الغرب وأمريكا وكل العالم لممارسات العصابات الحاكمة في أوكرانيا التي خطفت الشعب الأوكراني ومارست ضد مواطنيها كل صنوف القهر والقتل والتنكيل بتهمة نحدثهم باللغة الروسية وهي ظاهرة غير مسبوقة وعنصرية غير معهودة ولم يقم بمثلها حتى النازيين الأوائل ولكن قام بها النازيين الجدد في أوكرانيا بدعم ورعاية أمريكا والغرب..؟!
ليأتي اخيرا تحرك (الدب الروسي) بعد أن ضاق ذرعا بتصرفات نظام أوكرانيا ومن يقف خلفه مشجعا، وهو التحرك الذي لن يقف إلا بعد تحقيق كل أهدافه، مهما كانت الموانع والعقبات التي تواجهه، ورغم كل الحملات والأكاذيب والتظليل والحصار والعقوبات الغير مسبوقة في التاريخ تواصل روسيا وبثبات المضي نحو أهدافها من خلال عملية عسكرية تعزز من خلالها وبصورة يومية الانتصارات رغم هدير ووعيد (ونهيق الحمار الأمريكي) الذي انهكته مناورات (الدب الروسي) وافقدته حتى إمكانية (الرفس) أو التحرك باتجاه (الدب) ليكتفي (حمار واشنطن) ب(النهيق) وحشد وتحريض بقية (الحمير) في أوروبا علهم ينالوا من (الدب الروسي) أو يحدوا من غضبه، ولكن دون جدوى فعلا بعد ضم إقليم الدونباس ومقاطعات أخرى لتصبح وبموجب استفتاء شعبي جزءا لا يتجزاء من أراضي جمهورية روسيا الاتحادية..
فماذا بقى بعد كل ما جرى ويجري في جعبة (حمار) أمريكا و(حمير) أوروبا الذين فقدو إمكانيات الحصول على بعضا من (البرسيم) الذي يتكفل لهم البقاء على قيد الحياة، وعلى قاعدة إذا تعاركت الأفيال أتلفت الزرع، طيب و إذا كان العراك بين (الدب والحمار) فماذا سيبقى من (الحمار)..؟!
[email protected]