ريمان برس - خاص -
قد لا تكون (فلسطين) هي العنوان الوحيد الدال على انهيار العرب أولا والمسلمين ثانيا على اعتبار أن فلسطين _عربيا _ترتبط بوحدة الجغرافية والتاريخ واللغة والثقافة والهوية والمصير، اي مرتبطة ارتباط وجودي بالأمة العربية، ثم هي ثانيا ترتبط بالعالم الإسلامي أرتباط ديني وعقائدي باعتبارها تحتضن أولى القبلتين وثالث الحرمين ومنها كان مسراء رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله، كما هي _أي _فلسطين قبلة للأخوة المسيحيين ففيها كان (المسيح) ومنها صعد لجوار ربه، وفيها( كنيسة القيامة) في بيت لحم وهي المكان الأكثر قداسة لدى الأخوة من اتباع الديانة المسيحية، ومن فلسطين انتشرت رسالة السيد المسيح إلى أصقاع الأرض، والمسيح لم يولد في ( أوروبا ولا في الفاتيكان) ولم تحتضنه (روما) التي ذاق فيها المسيحيين كل صنوف القهر والعذاب لقرون طويلة، ولم يحتفي (الغرب) بكل مسمياته ب(الدين المسيحي) وأتباعه وخاصة (مسيحيي الشرق) إلا بعد ظهور الإسلام على يد النبي العربي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، لتبدأ على إثر ذلك الحملات (الصليبية) للسيطرة على فلسطين ليس لأنها أرض الميعاد كما يزعم (الصهاينة) اليوم، بل جاءت الحملات الصليبية لدوافع سياسية واقتصادية واستعمارية بعيدا عن كل المعتقدات الدينية والتاريخية، ولم تكن فلسطين هي القطر الوحيد المستهدف _صليبيا _بل كانت كل جغرافية (الهلال الخصيب) ويشمل فلسطين وسوريا ولبنان والأردن وصولا للعراق، إلى جانب أرض وادي النيل وخاصة مصر لما تتمتع به هذه الجغرافية من خصوبة وخيرات وفيرة، تغذي خيراتها شريان القوى الاستعمارية بكل عوامل الديمومة والرفاه الاقتصادي والمعيشي، وعلى حساب شقاوة ومعاناة سكان هذه الجغرافية العربية حتى بلغت الوقاحة الاستعمارية حد أن من كان يقدم على( الزواج) من أمراء الإمبراطوريات الاستعمارية كان كبيرهم يمنح (للعروس مهرا) وهذا المهر هو اقتطاع منطقة عربية من مناطق جغرافية الهلال الخصيب تصبح بمثابة مزرعة خاصة مسجلة باسم هذه العروس ومن فيها يصبحون بموجب المكرمة الإمبراطورية (عبيدا) يخدمون هذه الأميرة الرومانية أو تلك..؟!
خلال المراحل الأولى للإسلام ورغم كل المظالم التي مورست من قبل (الحاكمية الإسلامية) ومتنفذيها ورموزها، أستطاع العرب والمسلمين دحر الغزاة ومقاومة اطماعهم، وخلال عهود (الأمويين والعباسيبن) حافظ العرب والمسلمين على جغرافية نفوذهم، رغم المظالم التي ارتكبوها بحق مواطنيهم والقهر والدماء، غير أن ضعف الدولة (العباسية) ومن ثم انهيارها أدى إلى تجدد الأطماع الاستعمارية التي تزامنت مع اتساع دائرة صراع المسلمين على السلطة ومن ثم عودة الوصايا الاستعمارية بأشكال متعددة فأنتشرت الممالك والدويلات المتناحرة على الجغرافية العربية والإسلامية، وبعد الغزاة الأوروبيين، الذين اندحروا بعد معركة (حطين) على يد الناصر صلاح الدين الذي أسس الدولة الإيوبية على بعض من أجزاء الجغرافية العربية والإسلامية، ثم انهارت الدولة الإيوبية وجاء (هولاكو) بجحافلة للمنطقة التي كانت قد فرغت من القيادات العربية ومن كان موجودا منهم كان غارقا في (مجونه) يعبد ملذاته ويعيش منهمكا بين ( أحضان الجواري) فاقدا للوعي والقدرة من كثر احتسائه الشراب..؟!
وهكذا دواليك ظلت الأمة تتنقل من (حاكمية) إلى أخرى، وظلت دماء أبنائها تستباح من حكام الداخل وغزاة الخارج..؟!
لتأتي (الدولة العثمانية) ولم تكن الحياة العربية _الإسلامية في ظلها أكثر حظا من ذي قبلها وأكثر استقرار، فقد حول العثمانيين الوطن العربي إلى سجن كبير وأتخذو من العرب عبيدا لحكام (الاستانة) ومن يخالف أوامر الاستانة يقتل أو يسجن أو يطارد..؟!
فالعثمانيون لم يختلفوا في طريقة تعاملهم مع العرب عن بقية الطغاة السابقين..!!
تسلط العثمانيون قرابة خمسة قرون على الأمة لتنهار دولتهم أوائل القرن الماضي لتأتي دول استعمارية بديلة وتتوزع تركت الدولة العثمانية المنهارة على أكثر من دولة استعمارية، لكن هذه المرة جاء الاستعمار برؤي ومفاهيم واستراتيجيات جديدة..
يتبع |