الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الجمعة, 21-أغسطس-2020
ريمان برس - خاص -


قبل الاسترسال في سرد معاناة الثورة والقضية أحب أن أتوقف أمام تعليق لاحد الزملاء الأعزاء على الحلقة السابقة إذ أعتبر زميلي أن ( لا علاقة لنا بفلسطين لان الرئيس محمود عباس قال أن لا يحق لاحد التحدث باسم فلسطين ) ..؟!
زميلي أخذ تصريح أو عبارة الرئيس محمود عباس على طريقة ( ولا تقربوا الصلاة ) دون إكمال بقية الآية مبتسرا هذه العبارة من تصريح الرئيس الفلسطيني محمود عباس والذي جاءت عبارته في سياق موقف سياسي عام يتصل بهرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع العدو وأتمنى أن لا يكون زميلي هذا من أولئك الذين يعملون في ترويكا الحرب الإعلامية ويسعون الى لي عنق الحقيقة خدمة لمخططات ممنهجة مسبقا ..؟!
أعود وأقول أن الثورة الإيرانية شكلت أفاقا واسعة لمدى الحراك الثوري العربي الفلسطيني عند قيامها وهي من أقدمت على طرد الصهاينة وتحويل مقر السفارة الصهيونية في طهران إلى سفارة لدولة فلسطين وكانت إيران الثورة هي أول دولة اعترفت بفلسطين كدولة ومنحتها سفارة بكامل المواصفات الدبلوماسية ؛ كما شكل سقوط نظام الشاه في طهران مكسبا للعرب والقضية وأقصد بالعرب أولئك الذين كانوا معنيين بالقضية وعدالتها ويسعون للانتصار لفلسطين ولشعبها ولحريتهم واستقلالهم وحقهم بالعيش تحت الشمس وفوق الأرض أحرارا كرماء واسيادا في وطنهم وعلى أرضهم ؛ فقد كان نظام الشاه في إيران بمثابة كابوس على الأمن القومي العربي كما كان الى جانب علاقته الوطيدة بالكيان الصهيوني يعد بمثابة الشرطي الأمريكي في المنطقة وكانت أنظمة الخليج العربي تحديدا لا تجرؤا أن ترفع راسها أمام الشاهنشاه وتعني بالفارسية ملك الملوك وكان حكام وامراء الخليج يحنون هاماتهم أمامه إجلالا ويقبلون ظهر يديه وهم مطأطئ الرؤوس ولم يكون أيا من هولاء الحكام يجرؤا على اعتراض مشيئة الشاه أو رفض أوامره فقد كان بمثابة عراب الخليج وبتفويض أمريكي كامل ودعم ومباركة صهيونية ..؟!
غير أن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن إذ سرعان ما تم توريط العراق بحرب مع إيران وفق مخطط تأمري عبرا عنه مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق ( زيجينيو بريجينيسكي ) صراحة في مذكراته قائلا ( بأن الحرب بين الدولتين الجارين العراق وإيران كانت خيارا استراتيجيا لواشنطن وجزءا من حماية الامن القومي الأمريكي ) واعترف الرجل بأن واشنطن طبقت على تلك الحرب الملعونة التي دامت ثمانية أعوام ( نظرية الاحتواء المزدوج ) التي ابتكرها ( بريجنيسكي ) نفسه وغايتها هو دفع العراق وإيران بتدمير قدراتهما ذاتيا وكبح جماح تطلعاتهما نحو الريادة الإقليمية أو التمدد الناعم على خارطة الوطن العربي والشرق الأوسط ..فواشنطن كانت تخشى على حلفائها الخليجيين وعلى حليفها الكيان الصهيوني من هيمنة كل من إيران والعراق كما كانت تخشى على نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا ودول وسط وجنوب اسيا من النفوذ الإيراني الذي قد تحدثه المتغيرات الجديدة في طهران ؛ لهذا كان إشعال الحرب العراقية _ الإيرانية خطوة مهمة وأساسية لواشنطن تمهيدا لما هو جاري اليوم من تداعيات إقليمية ودولية وانعكاسات سلبية طالت القضية المركزية الأولى للأمة العربية القضية الفلسطينية وهذا الانهيار الذي يخيم على الواقع العربي والإقليمي والدولي والذي ما كان له أن يكون لولاء الحرب العراقية _ الإيرانية التي تحمست لها واشنطن والنظم الغربية ودول الخليج التي أغدقت بأموالها وقدراتها المادية والعسكرية للعراق خلال سنوات الحرب بإيعاز أمريكي غربي قبل أن تنقلب هذه الدول وأمريكا على العراق بعد نهاية حرب دامت ثمان سنوات كلفت البلدين قدرات مادية وعسكرية هائلة أثنان مليون قتيل من البلدين غير الجرحى والمعاقين والمفقودين والاثار النفسية المدمرة التي استوطنت ذاكرة الشعبين والأمة والعالم الإسلامي كما عززت تلك الحرب الملعونة من نوازع ثأرية ورغبات انتقامية واحقاد في نفوس العرب والمسلمين ومناصري واتباع البلدين وجددت لصراعات مذهبية كانت شبه مندملة ؟!
تلك الحرب التي لم تخدم أيا من أطرافها لا العراق ولا إيران ولكنها خدمة اعدائهما في ( واشنطن وتل آبيب ) وأسست لمرحلة جديدة من الفوبيا الثقافية والفكرية في أذهان العرب والمسلمين تحت مسمى ( الصراع السني _ الشيعي ) وكل هذه المفاهيم تصب في خدمة المخطط الاستعماري الأمريكي _ الصهيوني ؛ في هذا الخضم الدامي والتداعيات المؤلمة كانت سفينة الثورة العربية الفلسطينية تبحر في محيط متلاطم الأمواج وترى نفسها وكأنها تجتر طوفان النبي نوح وكل شي أمامها لا يشير إلا شواطئ آمنة بل كل الشواطئ تحولت الى ما يشبه السراب الذي يحسبه الظمآن ما ؟!
وتزامنا مع انتصار الثورة الإيرانية وابرام اتفاقية كمب ديفيد صدت الثورة الفلسطينية ثالث اجتياح صهيوني اطلق عليه صهيونيا عملية ( سلامة الجليل ) عام 1979م وكان ذلك الاجتياح بمثابة جس نبض واختبار لقدرات الثورة الفلسطينية وحلفائها في الحركة الوطنية اللبنانية ..
في تلك الفترة التي تعد من أكثر الفترات قساوة على الثورة الفلسطينية وقيادتها تزامنا مع خلافات تناحرية تعصف بالنظام العربي الرسمي وكان الشهيد ياسر عرفات أن زار بغداد يعاتب بدمشق وأن زار القاهرة يحاكم بتهمة الخيانة بطرابلس الغرب وأن ذهب للجزائر يسأل في تونس وأن زار دولة خليجية يكفر من بعض الفصائل الفلسطينية الداخلية ؛ بمعنى وجد الرئيس الشهيد ياسر عرفات نفسه والقيادة الفلسطينية والثورة والحلم الفلسطيني برمته يسيرون وسط حقول مزروعة بالغام فتاكة وثابة وقاتلة ؛ والكل على حده يطلب منه أن يصطف الى جواره وإلا فهوا ( خائن ) وكل نظام عربي كان يسعى للسيطرة والتحكم بالثورة والقضية والقيادة والقرار دون أن يترك فرصة لأصحاب القضية حتى للتنفس واستنشاق الهواء ..؟!!
وكانت المضايقات لا تتصل بالثورة والقيادة بل طالت الشعب اللاجئ بعواصم الشتات العربي وحتى أولئك الذي هاجروا بعيدا عن الخارطة العربية الدامية طالتهم هموم قضيتهم ومعانات ثورتهم فيما العدو اطلق العنان لقتلته وكلابه في جهاز ( الموساد ) لاصطياد كوادر الثورة وقادتها ونشطائها في كل أرجاء العالم وفي الخمس القارات وكان على الثورة أن تتصدي للإرهاب الصهيوني بذات الطريقة وعلى قاعدة العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم ؛ وكان كل ذلك يحتاج لقدرات وامكانيات واستعدادات دائمة ومتجددة وهذا يحتاج للوصول إليه إلى إمكانيات وقدرات مادية ودعم سخي فيما الدعم الذي تلاقيه الثورة والمكارم العربية المشفوعة والمرفقة بكثير من المن والأذى والشروط والمساومات كل هذا جعل الثورة فعلا تعيش وكأنها سفينة ( نوح ) ولكن ..؟!!
مرت الشهور وتم تصفية الرئيس السادات ويرى الخبراء والمحللين ان مقتل الرئيس السادات لم يكن بعيدا عن رغبة واشنطن والكيان الصهيوني بعد أن نالوا منه مبتغاهم وبعد تهديده لبيجين حين اعلن عن ظم القدس والخشية من انقلاب السادات عليهم ويلغي اتفاقية السلام ؛ لذا قرروا تصفيته والتخلص منه مستغلين غضب الجماعات الإسلامية المتطرفة من زيارته للقدس ؛ ويمكن القول أن المطابخ الاستعمارية تمارس مخططاتها علنيا ولكن بذكاء لم نستكشفه كعرب إلا مؤخرا وبعد أن تحدث الواقعة فما حصل في قضية اغتيال السادات يمكن أن نسقطه على ما يسمى ( الربيع العربي ) وكيف حدث ؛ أنظمة فاسدة وثمة محاور دولية تشجعها على المضي بفسادها بل وتمنحها قروض وهبات وقدرات وتشترط عليها انفاقها بطرق تنتج الفساد ثم بالاتجاه الاخر رعاية المعارضة وتشجيعها لكي تصطدم بأنظمتها بذريعة انها أنظمة فاسدة والحصيلة إننا نقف أمام أنظمة فعلا فاسدة ومعارضة أكثر فسادا وعمالة ؛ وحين ترغب هذه المحاور إزاحة هذا النظام أو ذاك من السهل أن تجد أدوات ازاحته وأن كلف هذا وقوع البلدان في دائرة الفوضى والعبث والانفلات وهذا ما حدث ويحدث ..فقد تم تصفية السادات بعلم ومباركة المخابرات الأمريكية وبعض القادة النافذين في الدولة المصرية وعلى يد الجماعات الإسلامية التي سبق لها وأطلقت على الضحية لقب ( الرئيس المؤمن ) .؟!
ولم تستمر الأمور طويلا بعد مقتل السادات حتى تحركت قوات الاحتلال الصهيوني نحو جنوب لبنان وصولا إلى العاصمة بيروت للقضاء على الثورة العربية الفلسطينية وحلفائها في الحركة الوطنية اللبنانية وبترحيب من رموز ( المارونية السياسية في لبنان ) وبتغاضي عربي وتمويل ومباركة خليجية رسمية وهذا ما سوف تثبته الأيام والتاريخ وفيما العراق منهمك بحرب مع إيران فأن دمشق كان مطلوب راسها في هذا الاجتياح أيضا وليس الثورة الفلسطينية وحسب وكانت جحافل الاحتلال فعلا بتلك المهمة تريد اقتلاع الثورة الفلسطينية من جذورها ومعها ترغب برؤية الرئيس حافظ الأسد يحني هاماته للعدو ويبرم اتفاقية سلام ولا مانع من رد الجولان للسيادة السورية كانت المهمة الصهيونية التي حلم بها بيجين وشارون قائد الاجتياح هو اجتثاث الثورة الفلسطينية وتصفية قيادتها وابرام سلام مع لبنان وسورية وهذا السيناريو الذي سوقه فيليب حبيب وتفاءل به ريغان وبيجين ولكن هذا لم يحدث وما حدث كان العكس تماما حتى مغادرة قوات الثورة الفلسطينية وقيادتها للعاصمة بيروت بعد صمود اسطوري ارعب الصهاينة انفسهم وبالتالي لا الثورة انتهت وتم تصفيتها وقتل واعتقال قادتها ولم يأتي الرئيس حافظ الأسد بهامة محنية ليوقع اتفاق سلام مع الصهاينة ولم توقع لبنان هذه الاتفاقية وحين حاول بشير الجميل رد الجميل لصديقه وحليفه شارون ابرام هذه الاتفاقية تطاير جسده على خارطة لبنان قبل أن يجف حبر اتفاقية 17 أيار الموقع مع الارهابي شارون .؟!
يتبع

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)