ريمان برس - خاص -
شكل التحالف الاستخباري الروسي - الصيني والتنسيق عالي المستوى بين روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية والذي شمل مختلف الجوانب ما يمكن وصفه بالضربة الأكثر خطورة على ( واشنطن - لندن ) وحلفائها في سياق حرب باردة لكنها تختلف عن الحرب الباردة التقليدية التي عرفها وعاش العالم تداعياتها في الحقبة الممتدة من 1945- 1990م فهذه المرة الحرب الباردة دخلت ضمن أدواتها وأسلحتها حرب المعلومات التقنية والتنافس الشرس على أمتلاك أدواتها والسيطرة والتفوق فيها ناهيكم عن تنافس اقتصادي ربما أكثر شراسة ويعد هو المحرك الأساسي في الحرب الباردة الجديدة التي انطلقت بشكل أساسي عام 2000م بين كل من ( روسيا والصين ) وحلفائها من جهة وبين ( الولايات المتحدة وبريطانيا ) وحلفائهما من جهة ثانية ..كعادة واشنطن ولندن في سياستهما مع الآخر مارستا أحقر الطرق وأكثرها قذارة مع خصومهما ( روسيا والصين ) وسعت كل من لندن وواشنطن على فرض شروطهما التعسفية بذات الوسائل الاستعمارية القديمة معتمدتان على إرث تاريخي وعلى بعض الاتفاقيات الدولية التي أبرمت نهاية الحرب العالمية الثانية وهي الاتفاقيات التي تجاوزها الزمن وتجاوزتها التحولات الحضارية وثورة المعلومات التقنية غير أن واشنطن ولندن برغم إقرارهما بالمتغيرات الدولية والتطور الإنساني الهائل الذي أحدث إنقلابا ثقافيا واستهلاكيا ومعلوماتيا وسلوكيات في الوعي الإنساني إلا أن كل هذا لم يدفع واشنطن ولندن لتغيير سلوكهما الاستعماري وغطرستهما الإمبريالية بل يؤغلان في تبني سياسة إستعمارية وقحة اعتمادا على ( مكانة كانت وأرثا كان ) ورغم تلاشي هذه المكانة وذاك الإرث إلا أن واشنطن ولندن متمسكتان بهما باعتبارهما حق تاريخي مكتسب ..
هذه السياسة كانت وراء التحالف الاستراتيجي الروسي - الصيني كما كانت وراء إنشاء تكتل أو منظومة ( دول البريكس ) بقيادة روسيا والصين لمواجهة حرب واشنطن ولندن ومحالاتهما إخضاع العالم وإبقائه تحت وصايتهما المطلقة إلا ما لا نهاية حفاضا على مصالحهما وعلى حساب مصالح دول وشعوب العالم ..!!
في هذا السياق وبعد فشل واشنطن وحلفائها في تطويق حركة روسيا والصين وبعد إخفاق واشنطن تحديدا في لجم جماح روسيا وتطلعاتها الحضارية لدرجة فشل واشنطن في ضم كل من ( جورجيا وأوكرانيا ) لحلف الناتو بعد أن كانت قد ضمت ( ليتوانيا واستونيا ولاتفيا) وبعض دول أوروبا الشرقية القريبة من روسيا والتي كانت حتى وقت قريب محسوبة على حلف وارسو ، غير أن الخلافات داخل دول حلف الناتو من العلاقة مع روسيا حالت دون تحقيق واشنطن أهدافها عن طريق الناتو كما فشلت ايضا في زعزعة الاستقرار الداخلي الروسي ..الأمر الذي دفع واشنطن إلى المضي قدما بخطط ومشاريع ( إستباقية ) و ( تطويقية ) في محاولة منها تطويق النفوذين الروسي والصيني وعلى مختلف المجالات الحضارية والحد من علاقتهما الدولية وخاصة تحركاتها في أسيا وأفريقيا ودول أمريكا اللاتينية وايضا داخل أروقة مجلس الأمن الدولي والأمانة العامة للأمم المتحدة وجمعيتها العمومية ..
في هذا الجانب وأقصد جانب الحرب المعلوماتية والتقنية كانت المعلومات التي قدمها ضابط الاستخبارات الأمريكية ( سنودن ) أكثر إيجابية فيما يتصل بالحاجة الصينية وخاصة العلاقة الصينية مع شركة ( جوجل ) الأمريكية التي وأن سجلت حظورا طفيفا بالوكالة داخل السوق الصينية إلا أن الشركة ومن خلال المراسلات التي جرت بينها وبين وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض والتي كشفها ( سنودن ) وليس ( جوليان ) كشفت عن مخطط واشنطن الاستعماري الذي كانت تسعى لتحقيقه من خلال ( شركة جوجل ) وهذه الأخيرة كانت وهي التي تضم في عضويتها قرابة ( مليار ونصف من البشر ) كانت راغبة وبتلهف لدخول السوق الصيني حيث ( الثلاثة مليار ) وما يمكن أن تحققه ( جوجل ) من ورائهم ..؟!
قدمت روسيا معلومات مفصلة عن جوجل ورغبتها وعن مخطط واشنطن وأهدافها ، فاستوعب الصينيين المهمة وشجعوا جوجل في المضي بمساعيها التفاوضية مع الصين الذين بدورهم رحبوا بالشركة وبنشاطها على الأراضي الصينية ولكن بشروط ( بكين ) والتي تمثلت بشرطين أساسيين الأول أن تقوم الشركة بفتح مركزها بالصين وأن تقيم هذا المركز بنفس مركزها في أمريكا بما في ذلك كل المعلومات المتصلة بالشركة أي أن يكون مركز بكين يتماهي ويتساوي مع المركز الامريكي ..الشرط الثاني للصين كان توظيف عدد من العاملين الصينيين في مركز الشركة في بكين ..وافقت الشركة وتم إبرام الاتفاق بينها والحكومة الصينية ..واختارت الصين كوادرها الذين سيلتحقون بالشركة وكانوا من أمهر المهندسين التقنيين والفنيين بل كانوا علماء في هذا المجال لكنهم قدموا أنفسهم للشركة كمواطنين عاديين وفنيين عاديين ولا يتحدثون الأنجليزية بل لا يجدون سواء لغتهم الصينية في البداية استغرب الأمريكيين العاملين في الشركة لكنهم اعتبروا الأمر وكأنه يدخل ضمن اعتزاز الصينيين بلغتهم الأم ..لكن ما حصل هو أن أولئك الموظفين الصينيين استطاعوا سحب كل معلومات الشركة وقاعدة بياناتها الرئيسية ثم حدث ما لم يتوقع اختلاف الصين مع الشركة وإقدام الصين إلى منح كل الامتيازات التي كانت لجوجل لشركتي ( بايدو وسوسو الصينيين ) ..وعام 2013م تراجعت حصة جوجل في الصين من 36% إلى ما نسبته 1.7% فاضطرت الشركة إلى إقفال مركز بكين والتوجه لتايون كما فتحت مكتبا لها في جزيرة هونج كونج ..
يتبع |