احمد ناصر حميدان - في الثورة الشعبية الشبابية ثورة الحق ولو كره الفاسدون والظالمون ومن يشكّكون في أحقيتها وضرورتها للنهوض بالوطن والأمة للانطلاق للمستقبل الذي لن يتم دون تكسير القيود والحواجز المعيقة لهذا الانطلاق هذه القيود والحواجز هو نظام طغى واستحوذ على البلد وتغلغل داخل المجتمع لمدة 33عاماً، نظام لا يشمل الأفراد بل السياسات والقوانين والتعامل مع الآخر وفق السلوك والثقافة، نظام صار برنامج عمل ولوائح تدير المؤسسات وثقافة وسلوكاً تربّى في كنفها جيل وعاشرها جيل هذا النظام له أدواته ورموزه ومن يقوده إن ذهب القائد يبقى النظام وبقاء النظام معناه بقاء القيود والحواجز وصعوبة الانطلاق فلا تجاوز للمرحلة المراد تخطيها، أي أن التغيير غير وارد في ظل هذا النظام الذي لازال قابعاً على حياتنا ومقدراتنا إذاً فما العجب في ما يحدث في الوطن من التدهور وسوء الأحوال العامة و ما يحدث هو نتاج طبيعي ومتوقع لوضع سلبي راكد غير متغير لأن الحياة ليست ثابتة بل هي متغيره للسلب أو الإيجاب ما دام التغير الإيجابي معاق فلابد أن يتحرك التغير السلبي للخلف وهذا ما هو حادث لأن التغيير الايجابي لن يتم بالدعاء والتمني بل بالعمل الجاد والمثابر لإزالة قيود وحواجز انطلاقة بعزيمة وإصرار واصطفاف جماهيري تذلل كل الصعاب وينتصر الخير على الشر والواقع الملموس هو نتاج لانتصار أحدهما، فواقعنا للأسف يدل دون شك على أن الشر يحقق نجاحات على الخير.
لهذا علينا أن نستوعب أن التغير العام للواقع لن يتم دون تغير حقيقي وملموس للنظام السابق، أي القديم الذي سبب كل مآسينا وإخفاقاتنا، أي تغيير الأدوات والقوانين واللوائح والسلوك والثقافة، أي عملية بناء لواقع جديد وبصورة أكثر وضوحاً، الثورة الشعبية لن تحقق أهدافها دون أن يثور ثوارها على الواقع المزري المراد تغييره فيحدثون ثورات ثقافية وتعليمية وصناعية وإدارية ومؤسسية واقتصادية هنا يمكن أن نقول: إننا فعلاً نسير في التغيير الحقيقي وبناء وطن جديد.
في الحقيقة إن التسوية، أي المبادرة الخليجية هي من أعادت للنظام السابق وأدواته نبض الحياة، فتكالبت القوى القديمة معاً في تسوية تمكنت من خلالها إزاحة القوى الجديدة من شباب ومرآة وقوى الحداثة هذه الإزاحة أبعدت القوى الثورية الحقيقية الشبابية صاحبة المصلحة في التغيير عن موقع القرار والتأثير المباشر على السلطة فصارت تنتج قوى قديمة مجربة وفاشلة تعيق التغيير بل بعضها هي نفس قوى الفساد في الماضي فأعاقت التغيير ومحاربة الفساد معاً.
الثورة للأسف أعداؤها كُثر من داخلها أكثر من خارجها، فاليمن أكثر البلدان تخلفاً وجرائم الماضي لا تُحصى ومتورطون فيها ممن التحقوا بالثورة أيضاً لهذا حقائقها غائبة بل غير محررة من مغتصبيها ولن يتم تحقيق العدالة الانتقالية دون معرفة وكشف كثيراً من الحقائق، هذه العدالة التي ستؤسس لعدالة اجتماعية الكل متصلب وعنادي ومتكبّر والاعتراف في ثقافتهم ذل واستسلام، أي أنهم لم يتغيروا سلوكاً وثقافة وهذا أكبر عائق للانتقال للمستقبل . ومشكلتنا تكمن في أننا نخطئ ثم نسير على منهج الخطأ لا نصحح مسارنا بل نصر إصراراً عنيداً ومكابراً على صواب أخطائنا، لهذا لا يمكن أن نصحح هذا المسار دون الاعتراف بالأخطاء.
صار الوطن أسير هذه الفئة التي لا تريد أن تتغير وتعترف بالأخطاء لإصلاح مسار الوطن بل رابضة على حياتنا تتصيد أيّ شعاع يبزغ لينير طريقنا لتحقيق طموحات وآمال الجماهير لتقضي عليه إعاقة قانون العدالة الانتقالية لتحقيق العدالة الاجتماعية و إعاقة قانون استرداد الأموال لتحسين المستوى الاقتصادي ماذا تريد؟ تدافع عن اللصوص والظلمة والتخلف والاستبداد عليهم أن يبرروا لنا مواقفهم هذه هل سيجدون ما يقولونه؟.
نحن لا نخاطب من ظلم هذا الشعب ممن صاروا أمراءً وملوكاً في عهد الجمهورية الفتية ممن وثقنا بهم في إدارة شئوننا وثروتنا فنهبوها ممن أذلونا وجعلونا نُقتل ونُهان على الحدود بحثاً عن لقمة العيش وأولادنا سبيا يُباعون في سوق النخاسة نحن نخاطب إخواننا وأهلنا الجماهير التي تعاني ما نعانيه وتحلم أحلامنا وتأمل أمانينا تعالوا معاً لنرسي العدالة الانتقالية نحو إرساء العدالة الاجتماعية التي يرتعبون منها تخيفهم لأنهم دون شك أعداؤها ومنتهكوها، كيف يقبلون أن يكونوا مثلنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا، نمد أيدينا لكم بالله عليكم لا تكون مطية للظلم والظلام لتكونوا أدوات بأيادي الظلمة، العدالة هي مفتاح الاستقرار والحب والسلام والوفاق والوئام هذه الأجواء الصحية تزعجهم لا يتنفسون منها حياة بل تقضي على مشاريعهم وخططهم التآمرية. هذا الطرف حتى في حواره مع الآخر لم يجد ما يردّ به على الحقائق والوقائع وقوّة المنطق والحجج التي واجهه بها “الخصوم - الشركاء”، سوى تصنيف نفسه بين “الكبار الذين يُسقطون صغاراً بسبب تمسكهم بأخطائهم او إنتاج صراعات جانبية بهدف إنقاذ موقفهم هذا الإصرار العنيد صار مشكلة عويصة للوطن والمرحلة لم تعد تقبل التفرد والإقصاء بل الشراكة والشريك عنيد متصلب ومعيق ولم يجد ما يغطّي به افتقاره للحجج وعجزه عن الإقناع، وتبرير تورّطه في كل أزمات الوطن ومعضلاته وما نحن فيه وبصدد إصلاحه وتفرّده بإدارة شئون الوطن ومشاريعه الوطنية وتحكمه بمصير الأمة واعتبار إنه الوحيد حامٍ للمصلحة الوطنيّة والآخرون في نظره عملاء أو ضعفاء أو عديمو الخبرة، هذا الستار الشفّاف الذي اختاره عنواناً لخطابه وإعلامه والذي لا يستر عيباً ولا يبدّد ريباً. هل نفاجأ في غفلة زمن يصحو ضميرهم و يعترفون بأخطائهم ويحاولون جاهدين التوبة عنها والاعتذار والتعلم من أخطائهم التي وقعوا فيها وتصبح أخطاؤهم حافزاً في طريق نجاحهم, تدفعهم دائماً إلى الأمام على شتى السبل ويصبح الوطن همهم الأول يتفوق عن المصالح والزعامات الكاذبة والشطط والمكابرة التي تزيد المشكلات صعوبة والوضع تأزماً، أوقفوا مهازل الفتن في قنواتكم التي لم نعد نطيق مشاهدتها ولا الاستماع لها، يبيعون الوهم والدجل والخرافات في زمن تجاوزها عندما فاقت وصحت فيه الضمائر والعقول من سباتها.
نحن الجماهير نخاطب ضمائركم إذا كان بها نبض وحياه جماهير أنتم تعرفونها هي الأغلبية، الجماهير التي ثارت ضد الظلم والاستبداد والتفرد والمكابرة ضدكم وضد شركائكم هي ليست في صفكم ولا في صف من تتصارعون معه صراعاً ترفضه وسلوكاً تنبذه طال صبرها واشتد حملها فلا تطيق مهازلكم ومسرحياتكم، صرتم للأسف أطفالاً يعيبكم الجميع حتى الأطفال تستوعب الوضع والمرحلة لكن أنتم أطفال مخبولون كفى صراعاً لم نعد نتحمل صراعاتكم ومهازلكم .
اتركونا نعيش يكفي ما مر من حياتنا وجهدنا سدى بسببكم، إصحوا من سباتكم وعوا أن الوطن أغلى من كل شيء، أفراداص وجماعات وأن الشعب ثائر ومنتظر منكم خيراً أو سيجرفكم إلى مزبلة التاريخ ما دمتم تعيقون مصالحه العامة، فآلامه ومآسيه ومظالمه لازالت معالمها حية في نفوس ومشاعر كل مظلوم وكل محتاج وكل محروم، ارحموا تُرحمون قبل أن تندموا إن كنتم تعلمون. |