علي عبدالملك الشيباني - في الرابع من الشهر القادم، يعقد الناصريون مؤتمرهم العام الحادي عشر، وهو الرابع منذ قيام الوحدة. وعلى عكس المؤتمرات السابقة يتهيأ الناصريون لمؤتمر عام استثنائي بالنظر إلى كم وتعدد الاحتقانات السائدة في صفوفهم والناتجة عن إخفاق قيادات التنظيم خلال الـ (24) عاماً الماضية في بلوغ المستوى الذي يليق بحركة وطنية كان لها تأثيرها وحضورها على الساحة العربية وفي مقدمتها اليمن التي ما زال شعبها يتذكّر بكل احترام الدور الناصري المساند للثورة اليمنية، ومن ثم فترة الحكم الاستثنائية للشهيد الناصري الرئيس إبراهيم الحمدي، ناهيك عن كونه – أي المؤتمر – يأتي كأول مؤتمر عام لحزب معارض عقب الثورة الشبابية الشعبية، والذي سيكون بكل تأكيد محمّلاً بحصة ثخينة من معطياتها بما أحدثته في عقول الشباب من وعي وثقة بالنفس وإصرار على مواصلة التغيير كامتداد لثورة 11 فبراير ،وفي مقدمتها التغيير في البنى الحزبية، وبما يواكب العملية الثورية من خلال إحلال قيادات شابة قادرة على تمثّل أحلام الناصريين والشارع اليمني عموماً، بالقدر الذي يأمله الناس من تنظيم عظيم هو تنظيم الحمدي وعيسى محمد سيف وجلّ رموزه منذ تشكّله في ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، مروراً بحركة 15 أكتوبر 78م والتي ينظر لها كأبرز المحطات النضالية وألمع دروس التضحية في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية.
أضف إلى ما سبق، فإن مخرجات المؤتمر إذا ما جاءت في المستوى المأمول، ستمثّل وبلا شك حافزاً ومنطلقاً لبقية الأحزاب التي تحضر لعقد مؤتمراتها في المرحلة القادمة، فيما يتعلق بتعزيز قيم ومفاهيم التغيير ليتمكن الجميع بذلك من الانطلاق نحو الآفاق الوطنية وتنفيذ المهام المنوطة بها على قاعدة من التوافق الكامل والإحساس بالمسؤولية المشتركة.
نستشعر ونتفهم طبيعة ومضامين الاحتقانات الطافحة بوضوح والتي تعكسها أطروحات الشباب الناصري وأعضائه بشكل عام، الطامحين إلى عمل سياسي نظيف، بعد أن تحوّل الموقع القيادي من موقع للتضحية والبذل وتقدم الصفوف إلى موقع ينظر له كاستحقاق لشهر أو شهرين وتمسّك البعض بها بكل ما أوتي من مال وأساليب لا علاقة لها بأخلاقيات العمل الحزبي، وتحولها نتيجة لذلك إلى مصدر للكسب غير المشروع كنتاج لممارسة الفساد السياسي.
من هذا المنطلق، يدرك الناصريون أهمية هذه المحطة بالنسبة لما يجب أن يخرج به المؤتمر من مخرجات تعيد للتنظيم عافيته ودوره الذي افتقده منذ 15 أكتوبر 78م، كنتاج لحملة الإعدامات التي طالت أنظف وأشجع وأنزه قياداته، والتي يفتقر التنظيم منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم إلى قيادات مشابهة ولو بالحد الأدنى.
سيجد الناصريون أنفسهم في هذا المؤتمر أمام مهام كثيرة وجادة، منها ضرورة التنبّه وإفشال استحضار النموذج الروسي (بوتين – مدفيدف) وتأكيد التنوع المفترض المتمثل في ضرورة انتخاب أمين عام ينحدر من محافظة أخرى، وحتى لا تصبح تعز محافظة تقليدية لإنتاج أمناء العموم، وهي الجزئية التي توظف ضد التنظيم بطريقة تسيء لآفاقنا الوطنية ،سيتعين على مندوبي المؤتمر ضرورة المشاركة في اللجان المختلفة وفي مقدمتها لجان الفرز تجنباً لمقترحات ندرك تماماً ماذا يترتب عليها، والاتفاق على تحديد يوم كامل للتصويت والفرز وهذه النقاط المهمة، والابتعاد قدر المستطاع عن استهلاك قدراتنا ووقتنا في مناقشة تقارير لا قيمة ولا مضمون لها، وبما يسمح لهم بتمرير المخرجات التقليدية التي ألفناها في كل المؤتمرات السابقة.
سيتعين أيضاً على أعضاء المؤتمر، وخلافاً للمؤتمرات السابقة، طرح القضايا بكل وضوح وشفافية، والتركيز على النقد والنقد الذاتي بعيداً عن أيّ اعتبارات لا تؤخذ في الحياة الحزبية والمتجاوزة للعلاقات الشخصية المهيمنة على حياة معظم الناصريين وفيما يتعلق بالقيادات تحديداً، أو كما يحاول البعض تقديم التنظيم كأشبه بمؤسسة حكومية يسودها الكذب والنفاق والتدليس، الأمر الذي أدى إلى بروز الشللية وفئة انتهازية لا يتجاوز اهتماماتها الحزبية التقاط الصور إلى جانب أحدهم وبطريقة مبتذلة، وفي النهاية إظهار التنظيم الوحدوي على هذا النحو من الركة والضعف، الذي يعكسه التنافر بين القيادة والقاعدة الحزبية، وعدم التجانس بين غالبية أعضائه بمختلف مستوياتهم التنظيمية.
على أعضاء المؤتمر العام أن يعوا أنهم أمام محطة وطنية هامة عليهم أن يكونوا في مستواها، ومستوى ما ينتظره الناصريون منهم.
أن يتذكّروا المحطات الوطنية لهذا التنظيم والبطولات النادرة لقياداته وأعضائه.
أن لا ينسوا ما سطّره أماجد 15 أكتوبر 78م، البطل عيسى محمد سيف وهو يتحمل كامل المسؤولية خلال مسرحية محاكمتهم، عبدالسلام مقبل وهو يرفض تقديم عريضة التماس بصفته وزيراً للشؤون الاجتماعية، ويربط مصيره بمصير إخوانه.
عليهم أن يتذكّروا حمدان عيسى الذي حُرم وكل أبناء وبنات الشهداء من معرفة حتى قبور آبائهم.
دماء الحمدي التي أُريقت في سبيل أهداف وطنية وبتلك الدناءة والوحشية، ولم يخلّف لأبنائه سوى السمعة الطيبة ولهذا التنظيم محبة الآخرين وإكبارهم ، والوقوف إجلالاً أمام تاريخه وتضحيات منتسبيه.
استحضار بنات الشهيد علي قناف زهرة اللائي يشاركن في كل المسيرات في محاولة لمعرفة مصير والدهن والذي كان بسيرته واحداً من أبطال هذه البلاد، في وقت كان يمكن له أن ينعم برغد العيش كأيّ قائد من قادات هذه الأيام، ومثله الشهداء مطير والشيباني والشمسي والرازقي والذبحاني وفلاح وغيرهم.
على مندوبي المؤتمر العام أن يدركوا أن هذا العدد الهائل من المندوبين والذين يصل عددهم إلى الألف، لكأننا الحزب الشيوعي الصيني، لم يكن بدافع توسيع المشاركة، ولكن من أجل تحقيق غايات أخرى تتمثّل في التحكم بمخرجات المؤتمر ، ومع ذلك نقول لهم مرة أخرى وعاشرة: أنتم أمام لحظة تاريخية فارقة إما أن تتمثّلوا مضامينها كما يجب، أو تقودوا هذا التنظيم نحو مآلات، تداعيات أبسطها كفيله بتحميلكم كامل المسؤولية التاريخية والوطنية والأخلاقية.. اللهم أعطنا القوة لندرك أن التجريب بالمجرّب خطأ، والتجريب بالملوّثين خطأ مرتين، وأن (الموّقصين) لا يصنعون الحرية ولا يتقدّمون الصفوف |