ريمان برس - متابعات - من غرائب الزمن العربي الاجد.. وهو الزمن الذي أعقب ما كان يسمى بالجديد – أنه جاء بغير عقل.. أو أنه عاقل إلى درجة أنه انكر على ما قبله العقل في شخوصه وزمانه ومكانه فحراكه الثوري لم يستهدف أنظمة رجعية ولم يسقط حكومات استعمارية أو نال من تلك المفاهيم والقيم السياسية التي ألفناها كهويات مستهدفة وثقافات يراد لها الإسقاط ولأهلها الويل والثبور.. بل اتجه هذا الحراك مباشرة صوب قوى ثورية وكيانات تحكم شعوبها بالسوط الثوري.. وتجهز على خصومها السياسيين تحت مظلمة الخروج على الثورة.. وتبسط أذرعتها العائلية على لحاف ثوري قوامه القداسة وبعضاُ من الالوهية.. وهو مايمكن تلخيصه بأنه ثورة على الثورة وهذا ما يجعل الباب مفتوحاً أمام طرح أسئلة مرة ولكنها حقيقية.
فإذا سلمنا بأن ما حدث في تونس، وليبيا، ومصر، واليمن وسوريا هي ثورات بمعناها السياسي والاجتماعي والثقافي، فما هي الاحداث السالفة لها وما طبيعة هذه الثورات التي قصفت الكثير من الناس وأعدمت آلاف البشر في مطلعها وفي طفولتها وشبابها وحتى كهولتها.. وهل تبدو وفقا ً لمعايير صقور الربيع العربي مجرد انقلابات سياسية دهنت بزيت الثورة ، وهذه النتيجة تقود إلى إعادة النظر في هكذا احداث وفتح ملفاتها..
وإذا كانت فعلاً هي الثورات التي فتحت للشعوب أبواب الحرية فما نسمي أفعال الثوار الجدد وقد أطاحت بأنظمة وحكام وغير ت فصول في التاريخ السياسي لكل بلد ولجنة محدثة حالة من التغيير السياسي المذهل..؟!
أن هذه الأحداث التي ظهرت ملوحة بالزهور وأعواد الكبريت تحت غطاء الثورة استكملت طريقها إلى النجاح خلف يافطات تمجد السلم والسلمية قد وصلت بعضها الى خطوط النهاية محمولة على بوارج حلف الاطلسي ومنجزات رعاة البقر في أمريكا والدول التابعة واقل دلالات ذلك تعني أن عمليات التحرير من هذه الأنظمة المحلية قد جاء على أيدي غزاة مستعمرين، وانه تم ترحيل المواطن أو الحاكم المحلي بأدوات وافد استعماري وهو مايجردها من قيمها الثورية ويسلبها هويتها الشعبية لتبقى مجرد صنائع خارجية..
أن تحرير الأوطان بأدوات استعمارية هي دعوات مفتوحة للاستعمار مهما كانت أغلفتها وابتسم البعض لها.. ومع ذلك فهي أحداث باقية وأفعال صنعت متغيرات.. وقضايا قادرة على إثارة الجدل وبسط المزيد من الأسئلة وهو ذاته ما يضع الوطن العربي بأكمله على حدود صفيح ساخن ومجنون بالفعل.
نقلا عن الهدف |