ريمان برس - متابعات - ليس هذا درساً في العلوم، فجميعنا يعرف الحواس الخمس التي يمتلكها الإنسان، وهي بمثابة نوافذ طبيعية بينه وبين العالم الخارجي، تربط الوجود الخارجي بذهنية الإنسان.
هذه الحواس التي تتألق بها المرأة حتى تتعداها إلى الحاسة السادسة فالسابعة، هي لا تجتمع عند الرجل في حالة واحدة.
اجتهد الرجال عبر مؤلفاتهم في تبيان الفروقات الذهنية والخلقية بين الرجل والمرأة، وهدفهم من ذلك تقريب وجهات النظر وتقليص الصراع الناتج عن هذا الاختلاف الذي يجعل المرأة تشعر بأن زوجها لا يفهمها أو العكس.
لكنهم في غالبية عرضهم لهذه الفروق كانوا يركزون على الجوانب الإيجابية عند الرجل، وما يقاربها من جوانب سلبية معاكسة عند المرأة وإن كان بشكل مبطن.. وربما لأن من يكتب ذلك هو الرجل.
فمثلاً وصفهم امتداحاً لعقل الرجل بأنه صندوق مكوّن من صناديق محكمة الإغلاق، وعندما يكون داخل هذا الصندوق، فإنه لا يرى شيئاً خارجه. وإذا انتهى أغلقه بإحكام، ثم شرع في فتح صندوق آخر وهكذا، يتناقض مع ما كنا نواجهه من تقريع في أيام الدراسة إن ضاق فهمنا بأمر شرحته المعلمة فتسألنا استهجاناً مشيرة إلى رؤوسنا: ماذا يوجد هنا عقل أم صندوق!!، في مسار قريب لما قلناه يطالبنا متخصصو التنمية البشرية، وتطوير القدرات عندما يرون تفكيرنا تقليدي وغير إبداعي بالتفكر خارج الصندوق.
وسواء كان مدحاً أو ذماً، يبقى الرجل في صناديقه يتنقل بينها ببطء، لا يشعر بضير حتى تصادمه المرأة بشبكيتها التي لا تعترف بالصناديق تتنقل بخفة ورشاقة بين فكرة وأخرى كفراشة جميلة الألوان. بينما تبقى الكلمات في الأثير تذهب هباء، فالمرأة تضيق ذرعاً بالصناديق والرجل «تشلشه» تنقلات المرأة السريعة.
وهكذا تنشب الخلافات ونعاني نحن معشر النساء من عجز حواس الرجل، حتى تصل إلى حاسة واحدة في كل فعل، فلو نظر الرجل إلى التلفاز يشاهد مقطعاً لا صوت له، وبادرت زوجته بالكلام معه، لما حظيت برد أو حتى التفاتة، فحاسة السمع هنا معطلة طالما حاسة البصر تعمل!!
ولو كان الرجل يقود سيارته وقد اقترب من منعطف أو مخرج، يحتمل أن يدخل فيه ووجهت له زوجته سؤالا عن اسم جده مثلاً، لغاب بأفكاره بعيداً لا يحسن الإجابة حتى تعاود سؤالها مستعجبة، وهل كان سؤالي صعباً لهذه الدرجة.
وأما إن عزم الرجل على أن يركن سيارته وكان صوت ضجيج حوله، طلب من الجميع الصمت حتى يحسن العمل، بل إنه يعمد إلى خفض صوت المذياع ليستطيع ركن سيارته بشكل مناسب وسط تعجب العائلة من الرابط العجيب بين ركن السيارة وصوت المذياع!
وتصطدم المرأة مع الرجل طالما توجد هذه الفروقات.. وحين تحاول أن ترى الأمر من نواحيه الإيجابية فتركن إلى كون الرجل يعمل حاسة حاسة يفاجئها الرجل باستنفار حواسه عندما تريدها أن لا تعمل، فيلحظ السقطات والدهون حديثة التشكل وأمور عدة أرادت إخفائها.. مما يثير الشكوك حول صحة تلك الدراسات عن الرجل ولنتأمل معاً هذين المثالين:
المثال رقم (1)
الزوجة: تصب كأساً من الشاي وتوجه الكلام لزوجها الذي يجلس خلف حاسوبه الشخصي: أود تغيير غرفة الجلوس، الكنب يبدو قديماً من استهلاك الأولاد، حيث يقضون جل وقتهم الدراسي في غرفة الجلوس، مستواهم الدراسي لا يعجبني كلما سألتهم ماذا عندكم من واجبات يقلن لي ليس لدينا إلا الرسم والتدبير المنزلي، ما هذه المدرسة التي لا تعلم إلا الطبخ، هل كانت وجبة الغذاء اليوم لذيذة؟ هذه وصفة تعلمتها عندما كنّا في ماليزيا.
الزوج: يتابع القراءة.. هل استمع إلى ما قالته الزوجة لكنه لم يشأ الرد؟، هل استمع إلى حديثها لكنه لم يستطع التركيز فيه كونها كانت تتنقل كالفراشة من فكرة لأخرى؟، أم هو في طور الخروج من صندوق القراءة والدخول إلى صندوق الكلام؟؟، لا زالت الزوجة تنتظر أحد هذه الاحتمالات لتكمل حديثها.
المثال رقم (2)
الزوجة: تصب كأساً من الشاي وتوجه الكلام لزوجها الذي يجلس خلف حاسوبه الشخصي: أود تغيير غرفة الجلوس، الكنب يبدو قديماً من استهلاك الأولاد، حيث يقضون جل وقتهم الدراسي في غرفة الجلوس، مستواهم الدراسي لا يعجبني كلما سألتهم ماذا عندكم من واجبات يقلن لي ليس لدينا إلا الرسم والتدبير المنزلي، ما هذه المدرسة التي لا تعلم إلا الطبخ، هل كانت وجبة الغذاء اليوم لذيذة؟ سكبت صحناً منها إلى جارتنا أم طلال، مسكينة هذه المرأة زوجها عزم على الزواج بأخرى ويعد نفسه لقضاء شهر العسل في ماليزيا.
الزوج: بحماس وعيون متقدة: ما شاء الله ومتى العزم؟.. رهيب أبو طلال... طالما أعجبني هذا الرجل...
ألا يدفعنا هذين المثالين إلى اعادة النظر والتفكير في كل ما قيل من دراسات وأبحاث حول قدرة الرجل على التركيز واستخدامه حواسه مجتمعة، والتي أغلب الظن أنها تعمل متى ما أراد ذلك!!
السبيل |