ريمان برس - خاص - إن المشاريع الصغيرة لاتظهر إلا عند غياب مشروع الدولة الأمة ، وعجز الدولة القطرية عن إدارة القطر نتيجة لأسلوب الأدارة الفاشل الذي نهجه وينهجه حكام العرب ، والقضاء على هذه المشاريع الصغيرة ليس بالقمع وإخراس الأصوات وإنما يكون بالسعي في بناء مشروع الأمة الذي من خلاله ستتساقط هذا المشاريع من تلقاء ذاتها لأنها ستصبح غير مقبولة ، فهذه المشاريع الصغرى (مشاريع التقسيم والتفتيت ) لاتلقى رواجآ إلا عندما يشعر الفرد بعدم إحتضان الدولة له ، وعند عجز الدولة في جعل المواطن يؤمن بإنتمائه لها ، وكذلك الأحلام الوردية التي يرى هذا المواطن أن تحقيقها مرهون بهذا المشروع الصغير ، ولذلك فليس غريبا مثلآ أن نسمع من ينكر هويته اليمنية أو من يدعو لدولة حضرموت أو عدن ، فهذا كله يعتبر طبيعيآ في ظل إحساس الفرد بإنه لن ينعم بمفهوم المواطنة إلا من خلال هذا المشروع ، وأكبر دليل على ذلك أن مثل هذه الأفكار والرؤى كانت قد طرحت من قبل إبان العقود الأخيرة للأستعمار البريطاني في اليمن ، ولكنها لم تستطيع تحقيق أهدافها وأندثرت ولم تعاود بالرجوع إلا في وقت قريب ، وذلك كان نتيجة للسعي آنذاك في تحقيق مشروع كبير ، تجاوز بنفسه ولذاته كل المشاريع الصغيرة المطروحة حينها (اليمن الطبيعي ) والذي كان ينادي بذلك هم الجنوبيين أنفسهم عن طريق مجموعة من القادة عملوا على غرس هذا الهدف في قلب كل مواطن ، ووضعوا لهذا المشروع الكبير مساحة جغرافية تمتد من عمان شرقآ إلى البحر الأحمر غربآ ومن البحر العربي جنويآ إلى مابعد نجران وعسير شمالآ ، وبهذا الحلم الكبير تلاشت كل رؤى التقسيم الضيقة ، والآن عادت من جديد الى الواجهة السياسية لليمن لعدم وجود مشروع كبير يحتضن الجميع ، ولخضوع اليمن للوصاية الخارجية وتصارع أطراف النفوذ الحاكمة فيما بينهم ، ناهيك عن ضعف صانعي القرار والمشهد السياسي.
كل ذلك جعل الوطن مسرحآ لأماني وأحلام التشظي ، وليست اليمن فحسب معرضة للأنقسام والتجزؤ، فكثير من الأمصار العربية حاليآ توجد بها هذه المشاريع، وإذا لم يتم صياغة مشروع عملاق بحجم هذه الأمة العظيمة،فأن الوطن العربي لن يكون عربيا..... |