ريمان برس - متابعات - هناك فئات واسعة من أبناء المجتمع اليمني غير مطمئنة, بل وتتخوف من المشروع السياسي للتجمع اليمني للإصلاح وبصراحة أنا واحد من هؤلاء اليمنيين الذين لم يبذل الإصلاح حتى اللحظة أي جهد لتطمينهم حول مستقبلهم ومستقبل بلادهم في ظل الدولة التي سيحكمها الإصلاح - وإن شئت الدولة التي يحكمها الآن!
أما لماذا؟ فلأنه ببساطة مشروع غامض وغير معروف من الناحية النظرية على الأقل في ما يخص القضايا الوطنية الكبرى المعروضة للحوار الوطني اليوم.
ومن الناحية العملية أجده مشروعاً سياسياً استحواذياً, ويستهدف الاستيلاء منفرداً ليس فقط على السلطة السياسية بل وعلى مفاصل الدولة ومؤسساتها المختلفة وادلجتها وتغيير وظيفتها لتصبح جزءاً من مؤسسات "الجماعة" وبما يخدم مصالح الجماعة لا مصالح الأمة, وضداً على كل مصالح فئاتها المختلفة ما يعني انه عمليا ومن خلال الممارسة الملموسة ومنذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني مشروع ديني أو مذهبي ولا علاقة له لا بالديمقراطية, ولا بالشراكة الوطنية ولا بالدولة المدنية, وهذا بالضبط ما يحتم على الإصلاح اليوم توضيح موقفه, وإزالة كل مخاوف المجتمع حول مشروعه السياسي.
وعودة إلى غموض مشروع الإصلاح السياسي من الناحية النظرية, وبهدف المساهمة في توضيحها وإجلاء اللبس فيها أتقدم هنا بعدد من الأسئلة المحورية إلى الإخوة في التجمع اليمني للإصلاح, وإلى كل مستوياتهم القيادية والقاعدية متمنيا أن يجيبوا عليها مكتوبة, وان يقدموها إلى لجنة الحوار وإلى الرأي العام, ومن خلالها يمكن طمأنة شركائهم في الوطن على مصيرهم ومصير بلادهم, في ظل حكم الإخوان المسلمين الذين يتعامل حزبهم السياسي "الإصلاح " اليوم وفي العهد الانتقالي باعتباره حزباً حاكماً, أو أنه من يحكم اليمن فعلاً حتى قبل إجراء انتخابات برلمانية وقبل حصولهم فيها على الأغلبية المريحة في مجلس النواب القادم كما يطمحون ويخططون له أياً كانت نتائج الحوار.
إجابات الإصلاح التوضيحية على التالي من الأسئلة سيكون في غاية الأهمية إذا ما تم قبل انعقاد مؤتمر الحوار, بل وشرطاً من شروط نجاح أعماله, هذا إن كانوا ومعهم بقية أطراف الحوار جادين فعلاً في الحوار وفي ضرورة إنجاحه وخروجه بحلول مرضية للجميع في كل القضايا الوطنية المتفجرة والأسئلة هي:-
*ما هي رؤية الإصلاح الرسمية والمكتوبة والمقدمة إلى لجنة الحوار والرأي العام في طبيعة الدولة المدنية الحديثة وشكلها؟ وهل يؤمنون بالدولة الدينية التي يعود التشريع فيها -كل التشريع- للشريعة الإسلامية وفقاً لأهل السنة والجماعة كما هو حال إخوانهم في مصر؟
أم أنهم يؤمنون بأن الإسلام كمبادئ عامة أحد مصادر التشريع, ووفقاً لآراء جميع المذاهب المعروفة "سنية وشيعية "؟أو تلك التي لها أتباع في اليمن كالزيدية والشافعية والإسماعيلية؟
أم أنهم مع الدولة المدنية, دولة القانون والمواطنة وبأن الشعب مصدر التشريع ومصدر السلطة وصاحبها ويمارسها بالانتخابات أو بصورة مباشرة كما هو حال بقية الدساتير الوضعية؟
بالمناسبة, الإجابة على هذا السؤال المتعلق بموقف ورؤية الإصلاح وبقية أطراف الحوار بما فيها جماعة الحوثي حول طبيعة الدولة اليمنية وما إذا كانت مدنية أم دينية - مذهبية يتعلق بأهم قضايا الحوار الوطني وهو بناء الدولة ونصوص دستورها التوافقي الذي سيرسم مستقبل اليمن القادم, ويحدد مصيرها وأي غموض أو التباس في مواقف الأطراف المختلف منها يعني تفجير المؤتمر, وتحوله من محطة لخروج اليمن من أزمتها كما يفترض إلى محطة لتفجير الأزمة وبعثرة أطرافها على خلاف الأمر, فيما لو كانت رؤى ومواقف الأطراف المختلفة ومنها الإصلاح معروفة ومعلنة للرأي العام.
- السؤال الثاني والمهم أيضاً هو: ما هي رؤية الإصلاح الرسمية والمكتوبة والمقدمة للرأي العام وللجنة الحوار الوطني حول مفهومهم للقضية الجنوبية؟
...هل هم مع الانفصال وفكرة فك الارتباط كما يطرح البعض؟ أم أنهم مع الفيدرالية السياسية على أساس شطري؟ أم أنهم مع الوحدة الاندماجية والحكم المحلي؟
..أم أن لهم رؤية أخرى تماماً عن كل هذه المشاريع المطروحة لحل قضية الجنوب؟! ولكننا لا نعرفها ولم يعلنوا عنها حتى اللحظة
السؤال الثالث هو: ما هي رؤيتهم أيضاً في قضية أو مشكلة صعدة وطريقتهم لمعالجة آثار وتداعيات الحروب التي فجرت على مدار ست سنوات ومنذ 2004- 2010م وبمعدل حرب واحدة في كل عام....هل هم مع معالجة الوضع بالحوار؟ أم بالحرب, وببسط سيطرة السلطة على صعدة بالقوة؟ ماذا عن وضع جماعة الحوثي؟ هل من حقهم أن يمارسوا عقائدهم وأنشطتهم الفكرية والدينية والسياسية علناً وبحماية الدولة؟ أم أنهم يعتبرونهم منحرفين ويجب إقامة الحد عليهم ومحاربتهم نصرة لله وللعقيدة الصحيحة؟
- في التفاصيل وفي قضايا الحوار الأخرى, ماذا عن موقفهم من القائمة النسبية؟ وماذا عن النظام البرلماني؟...ماذا عن السلطة القضائية؟ هل هم مع انتخاب المحكمة العليا والمحاكم من قبل القضاة أنفسهم؟ أم أنهم مع الوضع الحالي بالنسبة للسلطة القضائية؟
- ماذا عن العلاقة مع كل من إيران والسعودية وأمريكا وبقية بلدان العالم؟ هل يجيزون حق السعودية أو إيران في توزيع أموال وشراء ذمم المشايخ ورجال الدين لتخريب اليمن ولإبقائها رهناً لسياستهم تجاه اليمن, ثم وما هي عقوبة العملاء والخونة إن حدث..الأمر ينطبق على السعودية وعلى إيران وأمريكا وقطر وكل من يحشر انفه في الشأن اليمني.
*على الإصلاح هنا أن لا يجيب على تلك الأسئلة محيلا للرأي لعام أو للجنة الحوار إلى "برنامجه السياسي" أو نظامه الداخلي هذه ليست معتبرة ولا يعمل بها ولا تهم أطراف الحوار والفئات المتخوفة من مشروع الإصلاح المطلوب اليوم موقفه من الدستور الذي سيحكمني ويحكمه ويحكم كل اليمنيين وهذه القضية ليست في برنامجه الداخلي.
كما أن عليه أن لا يتحدث وهو يجيب على تلك الأسئلة, محيلاً المتسائلين إلى رؤية المشترك المسمى برؤية الإنقاذ الوطني والتي وضعت قبل الثورة, ولم يعد أحد يتحدث عنها, أو يتمسك بها بما فيهم أطراف المشترك أنفسهم ثم إنها رؤية عامة وليس فيها رؤى تفصيلة حول طبيعة الدولة, ولا عن رؤية الأطراف بصورة واضحة من القضية الجنوبية, وقضية صعدة وغيرها.
أختم بالقول إن من حق الإصلاح أن يطرح بوضوح أنه "متخوف" أو غير مطمئن من مشروع جماعة الحوثي "الغامض" أو مشروع الحزب الاشتراكي وبقية الأحزاب العلمانية والمدنية من الدولة ومن كل قضايا الحوار ومن حقه أن يطالبها منفردة ومجتمعة أن تطرح رؤاها ومواقفها الرسمية والمكتوبة وبما يطمئن الجميع وحتى تتعرف هي نفسها فضلا عن الرأي العام على قضايا الخلاف التي قد تكون محدودة, وعلى قضايا الاتفاق التي قد تكون هي الأغلب /والمهم هو أن الرأي العام يجب أن يعرفها قبل انعقاد مؤتمر الحوار حتى يسهم فيفصل ما هو مختلف حوله عما هو متفق حوله من القضايا وبما يشرك الرأي العام والمثقفين والمنظمات الحقوقية في تقديم رؤى ومقترحات توافقية تسهم في حل قضايا الخلاف المسكوت عنها وفي إنجاح الحوار ووصولنا جميعاً إلى حلول توافقية ومقبولة من الجميع. أما الغموض والمواربة تجاه الموقف من القضايا المصيرية فلن يكون له من نتيجة سوى تفجير قضايا الخلاف دفعة واحدة وبما يفجر المؤتمر ويفشل أعماله من أول جلساته.
والاهم حينها أن مشروع الإصلاح بدون ذلك يبقى غامضاً ومخيفاً لفئات واسعة من المجتمع, وأقول الإصلاح وليس غيره لأنه الحزب الوحيد الجاهز والمتحفز لاستلام السلطة, وربما الاستفراد بها إلى أن يشاء الله وتشاء إرادة الجماعة الاستحواذية.
*حوار القضايا الملتبسة!
استطيع أن أقول وأنا مطمئن تماماً بأن الحوار الوطني الذي يتم التحضير له غير وطني, وغير جدي وأكبر دليل على ذلك هو أن أحدا منكم لا يعرف حتى اللحظة شيئا عن رؤى ومواقف الأطراف المعنية بالحوار في القضايا المعروضة للحوار.
اقصد أن الصحافة والنخبة السياسية والحقوقية ونشطاء الثورة والتغيير, وليس فقط الرأي العام اليمني لا يعرفون حتى اللحظة رؤية كل طرف من أطراف الحوار حول كل قضية خلافية أو وفاقية من قضايا الحوار المفترضة.
بالمناسبة, الحوار الوطني يتناول قضايا مصيرية كبرى تهم كل مواطن يمني, وليست قضايا هامشية أو سرية أو تآمرية تختص بها الغرف المغلقة, وأجهزة الاستخبارات وسفراء الدول الأجنبية في اليمن إلا إذا كانوا يطبخون مؤامرة وطنية وليس التحضير لحوار وطني عام وشامل وجدي.
القول إن المؤتمر الوطني لم يعقد بعد وأن جميع الأطراف ستحدد مواقفها وتطرح رؤاها من تلك القضايا أثناء انعقاد المؤتمر الوطني, وليس قبل انعقاد المؤتمر الوطني قول مردود على صاحبه ويؤكد على أنهم غير جادين في الحوار وان ما يراهنون علبه هي الصفقات والاتفاقات غير المرئية أو أن ما يتحدثون عنه هو تبييت المؤامرة والصفقات الثنائية والثلاثية وليس الحرص على إنجاح المؤتمر الوطني, وإلا ما الذي يجعلهم يخجلون من طرح آرائهم ويعلنون مواقفهم في كل القضايا المعروضة للحوار على الشعب اليمني؟
...أليس هذا الشعب هو المعني مباشرة بقضايا الحوار وبنتائج الحوار أيضاً؟؟
*تغريدة
مشكلة اليمن مع سلطتها الانتقالية أن من غادرها يتمنى خرابها, ومن سيطر عليها لا يشعر بأنه مسؤول عن خرابها أو إصلاحها والحفاظ عليها.
أما من وقع ويقع عليهم الخراب وهم اليمنيون أنفسهم, فتتوزع مشاعرهم بين الثأر من الآفل والخوف من القادم دون أن يلاحظوا بأن مشاعر الثأر والغضب والخوف لا تعمل شيئاً سوى الثأر والغضب والخوف.
- الأولى |