ريمان برس -
في غزوة "الخندق" تنباء الرسول عليه الصلاة والسلام، ب"مجد أمة تحت راية الإسلام" ، وبعد" 25 عاما" من "نبؤة المصطفى" تحققت نبؤته، و دانت الجزيرة العربية كلها بدين الإسلام، ودخلت تحت مظلة دولته الكثير من معظم بلاد وتخوم الإمبراطوريتين الفارسية والرومية، ثم توالي الفتح الإسلامي بعد ذلك، حتى صارت القوة والزعامة الإسلامية طوال" مائتي عام" هي القوة الأولى بين عامي 650_850 م "كانت الدولة الإسلامية"، أقوى وأعظم دولة في العالم، وفي أقل من " 80 عاما" شملت الفتوحات الإسلامية من الأراضي والبلاد أكثر من تلك التي ضمتها " روما" في " ثمانمائة عام".!
لم تكن الفتوحات الإسلامية غاشمة، ولا ظالمة _كما يحلوا لبعض" الليبراليين العرب" وفلاسفة الزمن العربي الاغبر أن يوصفوها، كذلك لم تكن الفتوحات شكل من أشكال" الاستعمار" كما يسوق بعض العرب والمسلمين من النخب المتغربة، التي انجرفت وراء الشعارات والمفاهيم الثقافية الليبرالية، التي وجدت انها لن تشتهر ولن تكون ذات حضور ومكانة، أن لم تقول مثل هذا القول، حتى يرحب بها" الإعلام الغربي" ويستشهد باقوالها، في سياق المعركة الحضارية الدائرة، بينهم وبين الأمة الإسلامية..!
بل كانت الفتوحات الإسلامية، بمثابة رحمة، وهداية، وسلاما، وعدالة، كانت حروب تحرير وتمدين، وليس أدل على ذلك من انه، وبعد تفكك الدولة الإسلامية، ظل المسلمون، قادة الفكر والعلم في العالم لمدة " خمسة قرون"..!
كما أنها لم تكن فتوحات " عنصرية" ولا " إستعمارية" كما يقال اليوم، ويردد من قبل بعض النخب _العربية _الإسلامية _ للأسف، بدليل أن الكثيرين من أبناء الدول والأقاليم المفتوحة، كانوا يصلون إلى أعلى المراتب القيادية، ويتعينون في أعلى المناصب، في الدولة، وعندما ترك المسلمون " أسبانيا "_مثلا _ لم يتركوها" مهلهلة، ولا مدمرة، ولا خرابة، منهوبة، "، بل تركوها إمبراطورية عظمى، بفضل ما كانوا قد اسدوا لها، من حضارة، وعمران، وثقافة، وعلم، ومعرفة، وبعد أن جعلوا منها منارة الحضارة الإنسانية، ولا تزل تتفاخر بها" إسبانيا "حتى اليوم، حيث أصبحت" معالم العهد الإسلامي" فيها من أفضل" المعالم السياحية "التي تجذب ملايين السواح إليها سنويا..!!
.....
أن " الإسلام" يقيس نوع " السلطة" بنوع قيمه ومبادئه وتعاليمه العادلة، فهوا جاء رحمة وهداية ومحبة للبشر، بهدف تنظيم حياتهم، وتحقيق العدالة فيما بينهم و " توحيد الله" خالقهم وخالق الكون، وتعمير الأرض وإحقاق العدل بين سكانها، وامتحان لقدرة الإنسان المخلوق، في تلبية أوامر الخالق، واتباع قوانينه وسننه..!
و"الإسلام" لايقبل أي "سلطة" تفرضها ضروف مجافية لمبادئه وقيمه وتعاليمه، بل لابد من أن يتوفر "للسلطة الإسلامية "أي" سلطة إسلامية" من العدل واحترام الشريعة، ما يجعلها جديرة بكونها " سلطة إسلامية"، ومن أجل هذه الغاية عرف " الفقهاء" المسلمون مهمة " رئيس الدولة المسلمة " بأنه يقوم بأمر المسلمون في الحرب والسلم، وتدبير الجيوش، وحماية الأمة، وتحقيق العدالة بين مواطنيها، والأخذ من ظالمها لمظلومها، والقيام بكل مصالحها، وبما يشيع في أوساطها مظاهر الحق، والعدل، والسكينة، والاستقرار، وكفالة حياة كريمة فيها للأفراد والجماعات..!
والإسلام الذي يقول لنا " لا إكراه في الدين" لا يقبل ولا يرضي بالإكراه في " الحكم" الذي جعله خاضع "للشوري بين المسلمين"..!
و" الإسلام" لا يقبل ولا يشرع " للإكراه" ليس في " الدين والحكم" وحسب، بل حتى في " الصلاة" التي تصبح مكروهة، أن لم تكن على قناعة بمن يؤمك فيها.. سبحانك يا الله ما اعظمك، وما أعظم دينك، وأعظم تعاليمك..!
لماذا كل هذا؟!
لأنه وببساطة، قد يخضع الإنسان" لهواه " في لحظات زهو وشعور بالقوة، فيعطي نفسه مكانة من " كمال" مفعمة بالمشاعر الدنيوية، وقد تجده" يقول لك اليوم، عليك أن تعتقد ما اعتقده، وإلا" لعنك الله "، وأن سلمت بقوله سيأتي في الغد وسيقول لك عليك أن تعتقد ما اعتقده وإلا" قتلتك "..؟!
فالسلطة وغرور القوة جعلت" فرعون " يقول لرعيته :
" ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ولكنه بقوله هذا " أظل قومه وما هدي"..؟!
لأن غرور " السلطة" دفعته ليقول ما قال، واتبعته الرعية خوفا من غضبه عليهم، ولم يفكروا بغضب "الله سبحانه وتعالى " عليهم، فكان أن جني " فرعون" على نفسه وعلى من اتبعه بالهلاك.. ولكن من يتعظ..؟! |