ريمان برس - خاص -
قبل أيام تابعت برنامج استقصائي من إحدى الفضائيات اليمنية عن (المتحف الوطني للعلوم) في صنعاء.. ولا أدري إن كان من حسن حضي أو من سوء حضي إننا عشت جزءا من حكاية أو قصة هذا (المتحف) الذي اعترف إنه يمثل أن تم إنجازه أعظم واضخم إنجاز تحققه بلادنا _اليمن _لما يمثل هذا المعلم من رمزية علمية وثقافية وحضارية ناهيكم إنه سيكون بمثابة تحفة فنية تتفاخر فيها اليمن الأرض والإنسان أمام كل شعوب العالم.
خلال متابعتي للبرنامج هالني الشعر الأبيض الذي ظهر برأس اخي وصديقي ورفيق العمر المهندس عبد العزيز محمد سالم العريقي الرئيس التنفيذي للمتحف، واتذكر أنه حين شارك الدكتور المهندس إسماعيل الجند _حفظه الله _هذه الفكرة _الحلم _مع رفيق رحلته المهنية المهندس عبد العزيز بتأسيس هذا المتحف كان شعر رأس المهندس عبد العزيز مكتمل السواد، وكانت فكرة إعداد وإنشاء هذا المرفق تستوطن وجدان وذاكرة الدكتور المهندس إسماعيل الجند ذالك الرجل الذي كان على رأس (هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية) للفترة ١٩٩٧ - ٢٠١١م والتي مثلت مرحلة الحيوية والتوسع في مهام وأنشطة الهيئة واقصد هيئة المساحة الجيولوجية وتوسعت أنشطتها وتضاعف كوادرها، وكان من ضمن أنشطتها وتطلعاتها إنشاء المتحف الجيولوجي بالهيئة ومن ثم اختمرت فكرة إنشاء المتحف الوطني للعلوم وأصبحت الفكرة بمثابة هاجسا مقلقا واملا مرجوا التحقيق في ذاكرة الدكتور المهندس إسماعيل الجند الذي كان له الدور المحوري في بلورة فكرة المشروع والذي كان بداية الفكرة ان يكون متخصصا في علوم الارض ويقام في جبل (عطان) إلا أن الفكرة جوبهت بسيلا من الاعتراضات والفتاوى البيروقراطية، فجأت النصيحة من الدكتور عبد الكريم الإرياني _رحمه الله _بأن يكون المشروع بحرم جامعة صنعاء ورعايتها، غير أن رئيس الجامعة حينها _ نتحفظ عن ذكر اسمه تأدبا _ رفض الفكرة والمشروع، فكان هذا الرفض بمثابة الصدمة الثانية التي تعرض لها الدكتور المهندس إسماعيل الجند، الذي لم يستسلم ولم يصاب بالإحباط، بل استمر في تنسيقه مع العديد من الجهات منها كلية العلوم بجامعة صنعاء والمنظمة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم والتي قادت الى تشكيل مجموعة عمل للمتحف وحدد الجهات المحلية المرتبطة بالمشروع واختار المهندس عبد العزيز محمد سالم العريقي ليكون على رأس الفريق الفني ومن ثم أنظم إليهم عددا من الشباب المتحمسين للفكرة أبرزهم كان المهندس فهد البراق.
وبعد فترة انتظار جاء المرحوم _صالح باصرة _ لرئاسة جامعة صنعاء وعاد الأمل يتجدد ببث الروح في فكرة المشروع وتم تشكيل (اللجنة الإشرافية) بمقترح مرفوع من مجموعة العمل برئاسة الدكتور اسماعيل الجند لتشكل برئاسة وزير التعليم العالي وعضوية كل من وزارة النفط والمعادن " وأمانة العاصمة" وجامعة صنعاء" وفعلا انهمك المهندس عبد العزيز في السير على طريق تحويل الحلم إلى حقيقة، وكنت _يومها _قريبا من صاحبي ورفيق رحلة العمر والنضال وبقدر ما انهمك بكل حواسه وتفكيره ونشاطه من أجل هذا المشروع وجدت نفسي اشاركه هذا الحلم حتى في (جلسات المقبل) كان الحوار يدور حول هذا المشروع وأهدافه وما له من فوائد علمية ومعرفية للوطن واجياله المتعاقبة..
وفعلا خرج المشروع من مجرد فكرة وأمنية إلى مخططات وبرامج بعد أن تم تشكيل لجنته الإشرافية بسعي حثيث من قبل المهندس إسماعيل الجند، الذي أيضا حدد الجهات المحلية المرتبطة بالمشروع، منها أمانة العاصمة، وجامعة صنعاء، بحكم وظيفتهما إداريا وعلميا بالمشروع، وأيضا بدء التواصل مع الجهات الخارجية المانحة، وفي المقدمة كانت (جمهورية الهند) الصديقة التي تفاعلت مع المشروع وساهمت في إعداد الدراسات العلمية والفنية والدعم المعنوي فيما أبدت ( منظمة اليونسكو) _يؤمها _استعدادها للمساعدة في مجال التأهيل والتدريب.
مؤسف أن ( الريبورتاج الاستقصائي) كان محدودا ولم يتمكن المهندس عبد العزيز العريقي من طرح الكثير من الحقائق المتصلة بالمشروع والغاية المرجوة منه والأهداف العلمية والمعرفية التي يسعى لتحقيقها والوصول إليها أولئك الذين فكروا وعملوا بجهد واجتهاد ومثابرة وصبر من أجل أن يصبح المشروع حقيقة قائمة وأحد أبرز المعالم العلمية والمعرفية والسياحية والتعليمية في بلادنا ناهيكم انه سيمثل تحفة فنية في تصميمه المعماري والهندسية التي ستسلب عقول كل من يشاهدها في حالة اكتمالها وفق المخطط الذي رسمه القائمين عليه والحالمين بتحقيقه واقصد هنا وبكل صدق وأمانة وإخلاص الدكتور المهندس إسماعيل الجند الذي يعد بمثابة الأب الروحي لهذا المشروع _ والمهندس عبد العزيز محمد سالم العريقي، والدكتور المرحوم صالح علي باصرة أقول أن الأخ المهندس عبد العزيز العريقي ومن خلال الريبورتاج لم يتمكن من الحديث عن البدايات وذهب بدافع خوفه على هذا الحلم من التعثر يتحدث عن تداعيات اللحظة فكان كمن يبحث عن منقذ أو مغيث يجنب هذا الحلم الموت البطي على أيدي من لا يقدرون عظمة وأهمية هذا المشروع الذي ورغم الخطوات التي قطعها باتجاه التحقيق إلا إننا لا نزل نراه حلما ونخشي عليه من الموت على مقصلة البيروقراطية والجهل _ والي جانب المهندسين إسماعيل وعبد العزيز كان بجانبهم في هذا الحلم المهندس فهد البراق..
هؤلاء الحالمين بهذا المشروع العملاق الذين عرفتهم عن قرب وشاركتهم جزءا كبيرا من أحلامهم بحكم لقائي بهم وجلوسي معهم ودائما ما كانت الحوارات تتصل بهذا المشروع وأهميته، وإذا لم تخونني الذاكرة إنه وفي إحدى اللقاءات التي تمت للبحث عن التمويل بين مسؤولي المشروع وبعض الجهات المانحة، التي ذهلت من فكرة المشروع وتصاميمه أن دولة (قطر) كانت ترغب أن تأخذ هذا المشروع وتصاميمه لتقيمه في عاصمتها الدوحة الا أن القائمون على المشروع كانت لهم نظرة أخرى في رفض التنازل عن حلمهم.
للموضوع تتمة |