غادة العبسي - تُدمّر البنية التحتية للبلد، تُنتهك حقوق شعب، يكثر الجياع والمتشردون يتألّمون، يتضورون جوعاً ويموتون، أزمات متلاحقة مخطط لها جيداً، تُشكّل لها لجان متخصّصة، وتُصرف لها مستحقات وبدلات، الكهرباء صارت كابوساً حضوره وغيابه يصيبنا بالقرف والتوتر، أزمة الديزل والبترول أوقفت كثيراً من المشاريع، أوقفت حياة الناس وجعلتهم يتأرجحون بين حلم الموت وكابوس الحياة في بلد الحياة فيه أبشع عقاب اخترعته البشرية، لا ماء يتوفّر في المنازل، وصارت رؤيتك لنساء وأطفال يحملون الماء على رؤوسهم منظراً طبيعياً جداً لا يتعارض والقرن الحادي والعشرين..!!.
أخبار عن جرعة جديدة تؤكدها الحكومة هنا وتنفيها هناك، ثم تأتي لتخبرنا أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية لن يطال المواطن العادي، وأنه خاص بأصحاب الشركات والمصانع..!!.
على أساس أن هؤلاء يصنّعون ويغرقون السوق بمواد لا يستهلكها المواطن العادي، وكأن المشتقات النفطية تُستخدم كمادة غذائية وليست دينامو الحياة والصناعة، أليس رفع الدعم الذي سيطال التجّار وأصحاب الشركات والمصانع لن يؤدّي إلى رفع المنتجات والمواد الاستهلاكية وهو ما يسمى “الغلاء”.
كل هذا العناء وهذا الجحيم الذي تبتكره بعض الجهات كعقاب جماعي لهذا الشعب المصفوع بها لم يثر حفيظة الحقوقيين والمثّقفين و"المفسبكين" اليمنيين، ولم يحرّك فيهم ساكناً، ولم يشعرهم بالغيرة، في المقابل ثارت ثائرة هؤلاء؛ لأن شيماء كشفت عن شعرها، ولأن مجموعة شباب وفتيات ظهروا في أغنية “هابي يمن” يرقصون الراب، وظهرت الآراء الفقهية والتهم، تلبّسوا دور السماء، وكالوا من التهم والشتائم والاتهامات ما يجعل السماء تحمر خجلاً وغضباً من غبائهم ودونيّتهم.
كلما فتحت «الفيس بوك" تصلني رسائل على الخاص تحمل ذات الصورة المكرّرة في الصفحة الرئيسية، نعم هي صورة شيماء وهي تضع خرقة على رأسها وصورتها وهي بلا خرقة، ويتساءلون: أيهما أجمل بالحجاب أو دون حجاب..؟!.
يا نااااس، البنت لم تخلع الحجاب أو الخرقة رغبة في أن يتزوّجها أحدكم أو يقول رأيه في جمالها، هي وصلت إلى قناعة أن هذا الشيء لا يناسبها ولا يضيف لها شيئاً، لا يجلب إيماناً ولا ينزعه، هي مؤمنة أنها إنسانة لها حق اتخاذ أي قرار يخصّها، متى سنفهم أن اللبس حرية شخصية؛ حتى الدين لم يفرضه علينا الله الذي يقول في معرض حديثه عن الإيمان الذي هو أعلى المراتب: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» بينما اللباس لم يكن يوماً مدار التديُّن ولا مدار الخوف من الله ولا مدار الأخلاق، لماذا يعطي البعض لأنفسهم الحق في التدخل في خصوصيات الآخرين، بينما لا نعطي نحن النساء لأنفسنا الحق في النقد والقدح فيما يرتديه كثيرون من الرجال من ملابس خادشة للحياء والآداب العامة، وليكن “المعاوز والزنن” أنموذجاً خاصة في الباصات، لدينا بنطلونات “طيّحني” التي تظهر الجزء الأكبر من مؤخرتهم، ومع ذلك نعتبر ذلك حرية شخصية، ويكفينا أن نغض أبصارنا أو نتفرج كل واحدة، هي حرة فيما تشاهد.
بالنسبة للخرقة التي نضعها على رؤوسنا؛ فهي ليست نصاً قرآنياً ولا هي من أركان الإيمان ولا أركان الإسلام ولا تدخل ضمن الضرورات الخمس التي حفظها الشرع، حتى قاعدة سد الذرائع لم تعتبر الحجاب أو الخرقة الموضوعة على رأس المرأة أمراً مهماً وأساسياً.
دعوا الخلق للخلاق فقط؛ لو تهتمون بحقوقنا المنتهكة كشعب يموت أطفاله ونساؤه وشبابه إما جوعاً أو قتلاً أو تفجيراً أو اغتيالاً، ويختفي أطفاله ويهرّبون إلى دول الجوار «قِطع غيار» للأشقاء الأغنياء، وتُزوّج فتياته قاصرات لا يتقن سوى لعب «التبّارة»..!!.
|