ريمان برس ـ متابعات - دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانفصاليين الموالين لموسكو في أوكرانيا يوم الأربعاء إلى تأجيل استفتاء على الانفصال قبل أربعة أيام فقط من موعده المقرر وذلك في خطوة من المحتمل أن تنتشل أوكرانيا من على حافة التمزق.
وهذه أول إشارة من الرئيس الروسي على انه لن يؤيد الاستفتاء المقرر ان يجريه انفصاليون موالون لروسيا يوم الأحد سعيا لاستقلال اقليمين يبلغ تعدادهما 6.5 مليون نسمة ويمثلان نحو ثلث الانتاج الصناعي لأوكرانيا.
وأعلن بوتين أيضا عن سحب القوات الروسية من على الحدود الأوكرانية فيما تعد انفراجة في اسوأ أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
لكن مسؤولا كبيرا بحلف شمال الأطلسي قال إن الحلف لم ير أي دلائل على انسحاب القوات الروسية من الحدود التي حشدت عليها موسكو آلاف الجنود وأعلنت أن من حقها غزو أوكرانيا إذا تعرض الناطقون بالروسية هناك لأي خطر.
وقال بوتين "ندعو ممثلي جنوب شرق أوكرانيا.. مؤيدي تحويل الدولة إلى نظام اتحادي إلى تأجيل الاستفتاء المزمع في 11 مايو ايار."
وأضاف أن هذا من شأنه أن يهيئ الظروف للحوار بين السلطات الأوكرانية في كييف والانفصاليين الذين يرغب بعضهم في حكم ذاتي أوسع في حين يطالب آخرون بالانفصال.
وقال الرئيس الروسي "كان يقال لنا دائما إن قواتنا على الحدود الأوكرانية مبعث قلق. لقد سحبناها. اليوم هي ليست موجودة على الحدود الأوكرانية.. إنها موجودة في أماكن تجري فيها مهامها الاعتيادية بغرض التدريب."
وقال المسؤول بحلف الأطلسي لرويترز في بروكسل "لا توجد لدينا أي اشارة على حدوث تغيير في وضع القوات العسكرية على امتداد الحدود الأوكرانية."
وكان بوتين يتحدث في موسكو بعد محادثات مع رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الذي قال إن المنظمة المعنية بالأمن وحقوق الانسان ستقترح قريبا "خارطة طريق" لنزع فتيل الأزمة في أوكرانيا.
وقال زعيم انفصالي موال لروسيا إن الانفصاليين سيدرسون دعوة بوتين لتأجيل استفتائهم خلال اجتماع لجمعيتهم الشعبية الخميس.
وأضاف دينيس بوشيلين لرويترز في مدينة دونيتسك التي يبلغ تعدادها مليون شخص وأعلنها الانفصاليون عاصمة "جمهورية دونيتسك الشعبية" "نكن خالص الاحترام للرئيس بوتين. إذا كان يرى أن هذا ضروريا فسوف نبحثه بالطبع."
ومنذ الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا في انتفاضة في فبراير شباط تخلى بوتين عن الدبلوماسية المتبعة على مدى عقود منذ انتهاء الحرب الباردة باعلانه الحق في إرسال قوات إلى أوكرانيا واستيلائه على القرم وضمها لروسيا بعد استفتاء على ذلك.
وأثارت الحركة الانفصالية في الشرق احتمال تقسيم أوكرانيا أو حتى انزلاقها في حرب أهلية بين سكان الشرق الناطقين بالروسية وسكان الغرب الناطقين بالأوكرانية والمؤيدين لأوروبا.
وأصابت تصريحات بوتين سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو بالذهول في وقت بدت فيه تتجه حتميا إلى الاستقلال بعد تزايد العداء لكييف نتيجة العنف الدموي الذي استمر لنحو اسبوع.
وقالت ناتاليا سمولر وهي امرأة متقاعدة كانت تجلب الطعام للانفصاليين الذين اقاموا حاجزا في بلدة سلافيانسك التي تحولت إلى معقل حصين حيث صد المقاتلون تقدما للحكومة هذا الاسبوع "قد يكون بوتين لا يفهم الموقف؟ من المستحيل عدم اجراء هذا الاستفتاء."
وأضافت "لا مجال للعودة. لن نتراجع. اما ينتهي الأمر بفوزنا أو.. انه لا يستحق عناء التفكير."
لكن الخبراء يتوقعون ان ينصاع الانفصاليون لمطلب بوتين في الوقت الراهن.
وقال يفجيني مينشينكو وهو محلل سياسي على علاقة جيدة بالكرملين "يجب أن يسود منطق ما بين الذين يواجهون القوات الأوكرانية وأن يدركوا انه بدون دعم روسيا وبالتالي الجيش الروسي فانهم قد يكونون عرضة لضربات بالمدفعية الثقيلة."
وقفزت أسعار الأسهم الروسية بعد تصريحات بوتين. وارتفع مؤشر إم.آي.سي.إي.أكس للأسهم الروسية 3.64 في المئة.
وسعت حكومة أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون على نحو عاجل لوقف الاستفتاء خشية ضم مناطق اخرى على غرار ما حدث مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في مارس أذار ولكن على نطاق أكبر بكثير.
ووصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الاستفتاء المقترح بانه "زائف وغير حقيقي".
وأطلقت الحكومة الأوكرانية حملة عسكرية لاستعادة مناطق استولى عليها انفصاليون هذا الأسبوع. وسيطرت القوات لفترة وجيزة على مجلس بلدية في مدينة ماريبول الساحلية الشرقية لكنها سرعان ما تخلت عنه ليعود إلى ايدي الانفصاليين.
واتسع نطاق الاضطرابات واتخذ كل جانب موقفا متشددا بعد أعمال العنف التي جرت على مدى أسبوع في الشرق وفي مدينة أوديسا الجنوبية حيث قتل اكثر من 40 شخصا في اشتباكات انتهت بمحاصرة متظاهرين موالين لروسيا في مبنى يحترق.
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي فرضتا عقوبات محدودة على أفراد روس وشركات روسية صغيرة لكنهما هددا بعقوبات على نطاق أوسع على قطاع الصناعة الروسي اذا اتخذت موسكو خطوات إضافية للتدخل في أوكرانيا.
وكان ينظر إلى استفتاء الأحد المقبل على انه سيؤدي على الأرجح إلى مثل هذه العقوبات.
ونفت موسكو اتهامات غربية بانها تقود الانفصاليين في شرق اوكرانيا حيث تقف القوات الأوكرانية عاجزة بشكل كبير عن بسط سيطرتها هناك.
لكن الاستيلاء على القرم قوبل بموجة من الحماس الوطني في روسيا ولمح بوتين إلى طموحات أوسع نطاقا وأشار الشهر الماضي إلى جنوب وشرق أوكرانيا باسم "روسيا الجديدة" وهو مصطلح استخدم في عصر القياصرة.
وفي ماريبول حيث استعادت القوات الأوكرانية لفترة وجيزة مجلس البلدية من الانفصاليين قال شهود عيان إن الجنود غادروا بعد ان حطموا الأثاث والمعدات المكتبية. ولا تزال رائحة الغاز المسيل للدموع تشتم في داخل المبنى الذي اصبح خاليا بشكل كبير في الصباح ودخله ناشطون يرتدون الاقنعة الواقية لازالة الحطام.
وأعاد ناشطون موالون لروسيا اقامة الحواجز خارج المبنى حيث رفرفت اعلام الانفصاليين وبثت الاغاني الوطنية عبر مكبرات للصوت.
وقال رجل يدعى الكسندر قبل تصريحات بوتين "لا يريدون لنا ان نجري استفتاءنا لكنه حقنا. هذه ديمقراطية. كان يمكننا التفاوض لكنهم لن يسمحوا حتى بالكلام."
وتضرر الاقتصاد الروسي بشكل غير مباشر نتيجة احتمال فرض المزيد من العقوبات على موسكو حيث سحب المستثمرون أموالهم مما اضطر البنك المركزي لرفع اسعار الفائدة لحماية الروبل.
|