ريمان برس -
فيصل العامري.. عادل العامري.. عز الدين العامري.. ثلاثي أضواء لمسرح انهكه المكان واغفله الزمن.. مسرح تبعثرت حروفه في سماء ملوثة بسحب القهر.. سحب الفجيعة، المطرزة بحراب الإنتحار، حراب يراها المبدعون نجوما قبل أن يقتربوا منها فيجدوها مجرد أدوات للموت، للخوف، للتيه، للضياع، في وطن اعتاد أن يتعطر بالدم ويتبخر بالبارود..!
كثيرة هي القواسم المشتركة بين الثلاثي المبدع، الذين يتقاسمون المعاناة ليس لشيء بل لأنهم أدمنوا المسرح وحروفه المثخنة بمفردات الآ اه، المسرح الذي بدوره أدمن التجاهل والنسيان لأن لا أحدا هنا يدرك أهميته ولا يعرف قيمته، وأن كان المرء حيث يضع نفسه، حقيقة ادركها مبكرا المسرح في بلاد الضياع و" الضباع المفترسة" فقرر التخفي تحت جلود هؤلاء " الثلاثي المبدع" نصا وتمثيلا ومفردات درامية مثقلة بهموم الناس والوطن ، ثلاثي عشق الفن والإبداع، وأن كان ثمنه القبول بحياة التشرد والتمثيل في الهواء الطلق وعلى الأرصفة والكتابة في " جذوع كمبات" الشوارع والاستفادة من إضاءتها، هذا في زمن كانت هناك إضاءة في شوارع البلاد، التي للأسف ادمنت الظلام في كل شيء ظلام العقول و القلوب و جعلت شوارعها أكثر ظلاما وعتمة حتى وان كانت الشمس في كبد السماء فأن حدوث جرائم تقيد ضد مجهول أصبحت ظاهرة طبيعية..!
الثلاثي العامري.. عشت أحلامهم المهنية عن قرب، وعن كثب راقبت مسارهم الابداعي، وحزنت لأنهم عشقوا مهنة لا يعترف بها المجتمع الذي ادمن رائحة الدم والبارود، صحيح هناك كثيرون أمثالهم، وهناك قامات إبداعية هُمشت قصدا في بلاد أعتادت قتل كل الظواهر الإبداعية، بلاد تحارب المبدعين أكثر ما تحارب المجرمين والفاسدين والخارجين على القانون..!
كان " فيصل" مبادرا بكارزمية فنية راقية حاول أن يؤسس لمسار فني يحمل الكثير من هموم المجتمع ويعكسها في أداء درامي ينساب الي تجاويف الذاكرة بشكل ذبذبات ثقافية تنعش ذاكرة مجتمع تبلد بعادات وتقاليد متخلفة، وحاول تسويق فكرته عبر صحف مطبوعات بدءا من صحيفة الصباح برئاسة الأستاذ "على الجريك" في الحديدة، إلى صحيفة "الحرية" و"الراي العام" و ومطبوعات أخرى، ومحاولات مسرحية عديدة..
وخلفه انهمك " عادل" بفنونه الجميلة غير أن الاثنان معا وجدا نفسيهما يقتفيان إثر "بيكاسو" الحياتية، غير أن عبثيتهما انقذتهما من إقتفاء نهاية "بيكاسو" الذي قضى جوعا وحين استغاث برفيقه وظل ينتظره لإنقاذه من جوع قاتل جاء الرفيق حاملا له قنية "فودكا" يتيمة صبها الرجل الي جوفه ورحل عن الدنياء بعد أن كانت حتى أسرته قد غادرت الي جهة مجهولة هروبا من الموت جوعا..
"العضروط" وهو ثالثهم " عز الدين" تعلق بقطار الإبداع واتخذ السخرية وسيلة للتعبير عن نزق المكان والزمن وقرف الأحداث..!
تراجيديا درامية مفعمة بالسخرية عنونت مسار هذا الثلاثي المبدع، في وطن قرر أن يعيش في صحراء التيه والإجداب.. وطن يتوضاء بالدم ويتبخر بالبارود..
ومع ذلك لا أجد إلا أحني هامتي لهذا الثلاثي المبدع.. وكلمة أقولها لهم صبرا آل العامري.. صبرا يا أبناء "نطق" فأول الزمن باكر..
تنويه :
هذه المادة.. تعليقا على بوست لاخي فيصل العامري نشره في الفيسبوك عن "حلاق عصيفرة" وبكاء فيصل الذي كان في منشوره وكأنه ينعي عمرا انهمك بحثا عن حلم أدرك انه مجرد سراب..!
طه العامري. |