ريمان برس -
التاريخ عبارة عن أحداث متواليه، أحداث تتفاوت تفاصيلها وتتنوع دوافعها واسبابها وتعدد ابطالها، الذين ينسب إليهم التاريخ هذه الأحداث سلبية كانت أو إيجابية..!
في لحظتنا الوطنية هناك ثمة غيوم متراكمة ليس في سماء الوطن وحسب، بل وداخل نفوس البشر الذين ينتمون للمكان _الوطن _ المثخن بكل الأحداث السلبية وكأن القدر أراد أن يجعل من هذه الرقعة الجغرافية بمثابة "مقلب لكل الأحداث السلبية"..!
نعم تلكم هي الحقيقة التي يتحفنا بها التاريخ حتى الاستفزاز..!
بل إن حدثت معجزة ماء خارج إرادة التاريخ، وأنجزنا حدثا إيجابيا سرعان ما يتراجع التاريخ ويتدخل، ويحول هذا المنجز إلى كابوس يدفع ثمنه غاليا، كل من ابتهج به وصفق لحدوثه، ونسج عليه أحلام سرعان ما تغدو طوباوية..!
بين الثورة والدولة تتمحور احداثنا، وبينهما تمتد احلامنا وكل أمانينا، ومع تنامي شبق الأحلام والأماني في النفوس، تزداد على خارطة الواقع حواجز الفشل وخنادق الإخفاق، كما تزداد مطبات القهر إتساعا وتضخما بحيث لا تقوى قطارات الأحلام والأماني من المضي قدما وتلبية رغبات أجيال متعاقبة ظلت غارقة في بحر الاماني مترقبة صحوة تاريخية تنقذ وأن بقايا من أحلام متواضعة وبسيطة تستوطن نفوس مترعة كل أمانيها أن تحضي بقدر من حياة كريمة وشعور بالذات يشعر تلك النفوس بحقها الطبيعي بالأنتماء للمكان وأنها جزءا منه وليست دخيلة عليه كما يحاول البعض أن يوحى بذلك..!
أن الوطنية حق مكتسب لكل مواطن والأنتماء للوطن، وفي قائمة المواطنة يتساوى الجميع بالأنتماء الحاكم والمحكوم، وصناع الأحداث أيا كانت غايتهم، وهذا كافٍ ليصنع وحدة المواطنة ووحدة الحقوق والواجبات..!
بيد أن ثمة غيوم متراكمة أدت إلى حدوث حالة ضبابية، حالة لم تقف في نطاق أجواء المكان، بل استوطنت نفوس وعقول البعض ممن شأت الأقدار أن تجعلهم ضمن ترويكا صناع الأحداث، أحداث مؤغلة في تبني كل ماهو سلبي وكل ما يرتد وبالاً على هوية المكان والإنسان..!
كثيرة هي المعاناة التي داهمت المكان بما فيه، ورغم ذلك لم يرحم التاريخ وأحداثه، لا المكان ولا من فيه، وكأن " لعنة الله" بحق من قالوا "ربنا باعد بين أسفارنا" بمثابة روزنامة من استحقاقات مؤجلة تدفع الأجيال المتعاقبة ثمنها، رغم السرديات والمتواليات التاريخية التي قدمها أوائل المنتمين للمكان، تكفيرا عن أخطاء كانت، إلا غيوم "سيل العرم" لاتزل تلقى برذاذها على "اللحظة التاريخية " المفعمة بنزق الماضي والمجبولة بسرديات انتهازية، حتى غدا كل حدث إيجابي يتحقق على جغرافية المكان بمثابة "ناقة" تستوجب "عقرها"..!
أن غيوم اللحظة رغم كل ما يرافقها من رعود وبرق، تظل الأخطر من "سحب ممطرنا" المؤغلة بالقدم، لأن غيوم اللحظة للأسف، التي نكتوي برذاذها لا تعكس حتمية الفعل الإيجابي بقدر ما تعبر عن حالة نزق إنتهازي مؤطر بمنظومة من الرغبات الذاتية التي يغلب فيها مصلحة البعض على المصلحة الوجودية للمكان والإنسان الذي يجد نفسه أسير يعيش تحت رحمة ترويكا تخصصت في صناعة الأزمات وإحباط كل حدث إيجابي يجود به التاريخ في لحظة انسجام بينه وبين المكان..! |