ريمان برس -
شعوب كثيرة متعددة الاعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والتراث الثقافي والحضاري تعيش حياة مشتركة وتحت راية واحدة هي راية الدولة أو العلم الوطني لدولتهم، يستوطنهم الولاء الوطني وحب وطنهم والاعتزاز به وبهويته وبتنوعه الحضاري والاجتماعي، نماذج نجدها في دول جنوب وشرق وغرب اسيا وفي مجتمعات أخرى في أفريقيا واسيا وأوروبا وفي جزر المحيطات التي تشكل بوجودها سلسلة دول أو دويلات متعددة الاعراق، باستثناء الوطن العربي وبعض الدول المتأخمة له جغرافيا مثل تركيا _إيران _أثيوبيا _ باكستان _أفغانستان وبعض دول وسط اسيا الواقعة بين جغرافية روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية ومنها دول البلقان المتأخمة جغرافية لأوروبا مثل جمهورية يوغسلافيا السابقة.. هذه النطاقات التي تشهد قلاقل سياسية منتاج طبيعي للصراع الجيوسياسي وتنافس الأقطاب الدولية فيما بينها على النفوذ والاستحواذ على موارد هذه النطاقات التي يعد الصراع فيها وعليها جزءا اساسيا من ديمومة مصالح اقطاب النفوذ عليها..
هذه النطاقات التي يفترض انها تشكل مجتمعيا شرائح متجانسة تجمعها وحدة الهوية والعقيدة واللغة والتراث الحضاري والجغرافية، لكن للأسف نجدها أكثر تمزقا وتناحرا اجتماعيا والوطن العربي يمثل النموذج الطاغٍ لهذا التناحر الذي يتنافي مع كل المقومات الوجودية للنطاق الجغرافي العربي والنطاقات المتأخمة له جغرافيا..!
إذ ظل الوطن العربي مسرحا للاطماع الاستعمارية الخارجية، كما ظل مسرحا للصراعات الاجتماعية الداخلية، فيما حدوده الجغرافية المصطنعة مرسومة ببراميل البارود القابلة للانفجار في أي لحظة تتصادم فيها رغبات الحكام..!!
مشاهد درامية تجعل المراقب يتسائل عن كيفية استقرار وتعايش المجتمعات اللادينية فيما هذا الاستقرار والتعايش يكاد يكون نفقودا داخل المجتمعات الدينية..؟!
تساؤل يقودنا _مثلا _إلى استنتاجات أخرى أكثر درامية عن " ديمقراطية الإسلام" و"ديكتاتورية الأحزاب اللااسلامية" وكيف اخفقت المجتمعات الإسلامية من إقامة دولة المواطنة، فيما استطاعت المجتمعات اللا إسلامية من إقامة هذه الدولة نموذج الصين، والهند، ماليزيا، سنغافورة، تايلند، اليابان، كوريا ودول أخرى في ذات النطاق الجغرافي الاسيوي، فيما فشلنا نحن في الوطن العربي في إيجاد هذه الدولة، دولة المواطنة والتقدم الحضاري رغم انتمائنا للدين الواحد والهوية الحضارية والجغرافية واللغة الواحدة، نعم السنا الأمة التي كرمها الله سبحانه وتعالى وبعث فيها نبيا من ابنائها وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين وكرمه كما لم يكرم نبيا قبله، ويفترض إننا من أتباعه واخذين بسنته وهو من ارسله الله رحمة للعالمين، فكيف يفقد أتباعه الرحمة فيما بينهم..؟!
لقد عجزنا وعجزت أمتنا بكل موروثها الديني والثقافي والحضاري، في أن تكون أمة متعايشة مثل الأمة الصينية أو الهندية؟!
نعم فشل اتباع النبي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله، في تحقيق الاستقرار والتعايش فيما بينهم، وأن تكون أمة محمد متماهية مع أمة " ماوتسي تونج" أو " أمة غاندي"..؟!
فشلنا أن نوحد قدراتنا كقوميين عرب وفشلنا أن نكون مسلمين ونقدم النموذج الراقي للقيم والمبادئ الإسلامية ونحن من جعلنا الله " أمة وسطاء لنكون شهداء على الناس ويكون الرسول علينا شهيدا"..؟
يتبع |