ريمان برس - خاص -
ذات يوم مؤغل قال المهاتما غاندي ( سافتح نوافذ غرفتي لكل الأفكار والايدلوجيات والمعتقدات السياسية مهما كانت عواصفها شرط أن لا تقتلعني من جذوري)..
وأجزم فلاسفة الحرية وداعمي حرية الرأي والتعبير بأحقية كل من نختلف معهم بالتعبير عن ارائهم وقناعتهم، وأن الأختلاف معهم لا يفسد للود قضية..
شخصيا عندي يقين بأن من حق أيا كان التعبير عن رايه وقناعته، في المعتقدات الدينية، والمذهبية، والرأي الفكري والسياسي، ومؤمن أن من حق كل إنسان أن يعبر عما يؤمن به، اتفقنا معه أو اختلفنا، فهذا لا يقلل من شرعية واحقية التباين والاختلاف بشرط وحيد وهو أن يعبر كل صاحب رأي عن قناعته وأفكاره ومعتقداته، بطرق سلمية وبعيدا عن (البندقية) وسياسة الاحتيال والتحايل أو التأمر مع جهات خارجية لفرض قناعة على الداخل الوطني.
ربما أجدني وانا من اختلف اختلاف جذري وجوهري فكري وسياسي وعقائدي مع ( جماعة الأخوان المسلمين) لكني اجد نفسي _اليوم _متعاطف معهم على ضوء حملة _الشيطنة _التي تستهدفهم من قبل أنظمة رسمية وجهات إقليمية ودولية، تحمل الجماعة أوزار اجتماعية وعقائدية، دون تفريق بين تجنحات الجماعة السياسية والعسكرية..؟!
أدرك أن (الجماعة) ارتكبت أخطاء قاتلة خلال مسيرتها الوجودية منذ التأسيس عام 1928م، وأنها مارست طرق وأساليب انتهازية للوصول إلى أهدافها، وأنها اعتمدت في مراحل من تاريخها (العنف المسلح) للتعبير عن أفكارها، من باب رد الفعل على طغيان الأنظمة، وتلكم هي أسواء مثالب الجماعة التي دفعها إليها (سيد قطب) بنرجسيته وحبه للشهرة والبروز والنجومية مع ان الرجل لم يكن داعية إسلامي ولم يتخصص في هذا المجال ولم يتخرج من الازهر، ولم يحمل مؤهل علمي رفيع يجيز له أن يتناول عقيدة الأمة والمجتمع، فالرجل كان _كاتب قصة _ وكل مؤلفاته تؤكد إنه كان يتمتع ببلاغة أدبية كروآي وليس كمرشد ديني، وقد وقعت الجماعة بخطاء فكري حين اخذت بمنهجه التحريضي ولم تأخذ بأفكار كبار المفكرين الأسلاميين أمثال الإمام الغزالي، وسعيد حوي، ومالك بن نبي، وابو الأعلى المودودي، الذين كانوا علماء دين وليس مجرد كتاب قصة.
أعرف أيضا أن الجماعة مارست خلال مسيرتها سلوكيات انتهازية متخذين من شعار (الغاية تبرر الوسيلة) منهجا وثائقي عنون حراكهم السياسي والاجتماعي والثقافي، ومع ذلك فقد _سقطت افتراضا _مع بروز أحداث عام 2011م حين أدرك (الإخوان) فداحة المؤامرة التي تستهدفهم.. جريمة الإخوان إنهم تحالفوا مع من لا يجب عليهم التحالف معه، وخاصموا من كان لا يجب مخاصمته، وقدموا خدماتهم لجهات تعد في طليعة المتأمرين عليهم، ومع ذلك لن اتوقف أمام ماضي (الإخوان) بل ساقف أمام الحملات التي تستهدف وجودهم حاليا بدءا من الحالة الفلسطينية المقاومة التي وأن كانت منفصلة عن بقية الجماعة الإخوانية في الوطن العربي، إلا أن جذور حركتي حماس والجهاد الإخوانية لاتزل حاضرة في ذاكرة الأنظمة العربية التي استغلت الجماعة وسخرتها لخدمة أهدافها على الصعيدين العربي والدولي، قبل أن تتحول الجماعة من حليف لهذه الجهات الي عدو نموذج ما حدث مؤخرا في الأردن من حملة ضد الأخوان دعمتها أنظمة عربية وجهات دولية وفي المقدمة الكيان الصهيوني الذي اعطي المعلومات لجهاز المخابرات الأردنى عن جماعة استفزتها مجازر العدو في غزة وصمت النظامين العربي والإسلامي فقررو لدوافع ذاتية وعاطفية وبما يمليه عليهم دينهم وعروبتهم وهويتهم، دعم أشقائهم بالمتاح من القدرات،التي لم تكن موجهة نظام الأردن ولا تستهدفه، لكن النظام الأردنى أتخذ منها ذريعة لينفذ استراتيجية التطهير للجماعة على غرار ما حدث في دول الخليج ومصر وبعض الدول العربية الأخرى.. نعم لي خصومة مع الجماعة واختلف معها في ظاهرة أعتمادها (العنف) داخل المجتمعات العربية الإسلامية ولم تؤمن بهذا العنف أو تطبقه تجاه العدو الصهيوني_ إذا ما استثنينا حركتي الجهاد وحماس _ لكني مع حق الجماعة في التعبير عن رايها وممارسة حريتها بطرق سلمية وليس في الجماعة ما هو خطير على الوعي والقيم والنسيج الاجتماعي كما هو الحال مع شريحة (المثليين) الذين تعترف بهم وبوجودهم وبحريتهم وحقهم في ممارسات نشاطهم العديد من الدول العربية والإسلامية منها من تعترف بهم سرا ومنها من اعترفت بهم علنا كدولة الإمارات، التي تعترف بكل العرقيات وبكل الاطياف وتحارب الأخوان..؟!
( خلية الأردن) ذاتية الفعل والموقف ولا علاقة لجماعة الإخوان الأردنية بنشاطها، ومع ذلك تم تضخيم وتهويل الفعل والغاية من القصة بهدف زيادة الضغط على المقاومة وابتزازها وتوظيف الحادثة أيضا لتطويع أغبياء السلطة في دمشق والأمر يمتد للعراق، والهدف من كل هذه ( الشيطنة) للجماعة هو تجريد المقاومة من سلاحها واجبارها على التسليم ويتضح الأمر في مواقف السلطة الفلسطينية إذا وبعد مغادرة (عباس) دمشق اقدمت السلطات الجديدة على اعتقال ممثلي حركة الجهاد الإسلامي، والبدء في إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية وحصر ممتلكاتها ..؟!
خلية الأردن تستغل اليوم ضد جماعة الإخوان داخل فلسطين وخارجها وضد (حزب الله والحشد العراقي) والمطلوب هو تجريد هذه المسميات من اسلحتها بذريعة حصر الأسلحة بيد الأنظمة وكل هذا يندرج في سياق توفير الأمن للكيان الصهيوني..؟!
نعم اختلف مع الاخوان لكن اي اختلاف لا يلغي أحقية الجماعة في التعبير عن ذاتها ووجودها بطرق سلمية وبعيدا عن العنف، بل من حق أي جماعة مهما تكون أفكارها من حقها أن تعبر عن أفكارها بطرق سلمية وبعيدا عن العنف ومن واجبنا وواجب اي عربي الدفاع عن هذه المكونات بمختلف مسمياتها أن امنت بالتعبير عن ارائها بطرق سلمية ونبذت العنف قولا وفعلا.
أن ( شيطنة الإخوان) وفي هذا التوقيت فعل ليس بريء وليس بعيدا عن أهداف ومخططات أمريكا والصهاينة الذين حصروا عداوتهم مع المكونات المقاومة بعد أن تمكنوا من تطويع وتدجين الأنظمة، واما ما يسوقه النظام الأردنى من ذرائع كاذبة عن ( امنه الوطني ودولته السيادية) مجرد أكاذيب أهدافها ابعد مما هو معلن وما يردده النظام الأردنى الذي يقف حارسا امينا للصهاينة وقاعدة مستباحة لأمريكا وأجهزتها الاستخبارية، لذلك كل ما يسوقه هذا النظام هو صورة من صور التأمر على القضية والمقاومة وعلى باقي جيوب السيادة والكرامة في الوطن العربي الرافضين لسياسة التدجين والارتهان.. لكن هل تستوعب الجماعة هذه الحقائق وتعيد ترتيب أوراقها ومراجعة مواقفها، تلكم هي التساؤلات الباحثة عن إجابات من قبل الجماعة المعنية. |