ريمان برس -
الإنسان يعد المخلوق الأكثر غرابة من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وهو المخلوق الوحيد المتمرد على خالقه، رغم انه الأكثر حفاوة وترحيبا عند الله، وأكثر من أحب الله وكرم وعظم من مخلوقاته واعتبره خليفته في الأرض، وله ومن أجله سخر كل ما في الأرض والسماء، وله طوع الحيونات المتوحشة، وسخرها لتكون في خدمته ومن أجل راحته من الخيول، والبغال، والحمير، والأبقار، والماعز، والخرفان، وسخرا له ما لم يسخر لأي مخلوق غيره، وزينه بالعقل والمشاعر والقدرة على التفكير، ومع ذلك يظل الإنسان أكثر مخلوقات تمردا وطغيانا وكفرا وعصيانا لاوامر الله وشركا بالله وبملائكته وقاتلا لرسله، لهذا وصفه الله بالأكثر جدلا، والأكثر جهلا، والأكثر طغيانا وكفرا، من قابل محبة الله له بالجحود، وتعظيم الله له بالتنكر، وقابل تعاليم الله بالتجاهل والاستهتار وعدم اللامبالة لدرجة الشرك بالله والكفر به والعياذ بالله..!
سيئات كثيرة يتميز بها المخلوق البشري سردها الله من قبل أن يوجد سبحانه هذا المخلوق، الذي يمتلك قدرة هائلة تمكنه من التلون والتظاهر بما ليس فيه، ويقول ما لا يفعل، ويتعامل مع خالقه وكأنه ندا له، ويري نفسه وكأنه قادرا على التحايل على خالقه..!
لقد ميزا الله سبحانه وتعالى الإنسان عن سائر مخلوقاته بالعقل والقدرة على التفكير والابتكار والتعمير والبناء، وكل هذه القدرات ما كان للإنسان أن يمتلكها لو لم يعلمه اياها خالقه الذي علم الإنسان ما لم يعلم..
علاقة جدلية بين الله وعباده من البشر انتهت مع ضهور النبي محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد أن انزل الله عليه كتابه الكريم " القرآن الكريم" الذي وضع الله فيه كل القوانين والتشريعات والعلوم الإنسانية وكل ما ينظم علاقة البشر مع ربهم ومع بعضهم ولم يترك سبحانه ثغرة في كتابه إلا وعلم الإنسان كيفية التعامل معها.. ومع ذلك زاد بعد كل هذا نزق العباد وفيما اعتبر المسلمين بعد رسول الله "الدين الإسلامي" مجرد سلطة ونفوذ وثروة ووجاهة، برزت الصراعات على السلطة والحكم وعلى الثروة والنفوذ وسالت دماء المسلمين على أيدي بعضهم أكثر مما سألت في المواجهة مع أعدائهم الذين استطاعوا استمالة البعض من المسلمين فبرزت تحالفات مشبوهة بين بعض المسلمين وأعدائهم في مواجهة مسلمين آخرين،ورويدا رويدا وجدنا أعداء الأمة والإسلام اقرب لبعض المسلمين من بعض المسلمين..؟!
ترك المسلمين للأسف كل تعاليم الدين الجوهرية التي أمر بها الله سبحانه وتعالى مثل العدل والتكاتف والوحدة والتلاحم والشعور بمعاناة بعضهم، وفهم الدين عقيدة وفكر وسلوك ومعاملة، وتمسكوا في القشور من الدين كطقوس شكلية بلاء مضمون جوهري يميزهم كمسلمين متمسكين بتعاليم الله، بل تمسكوا بالطقوس الظاهرة التي تدل على هويتهم كمسلمين مثل "الصلاة" التي لم تنهي عن الفحشاء والمنكر، وحتي هذه لم يتوحدوا على أدائها بل لكل فريق طريقته في تأديتها، وتفرقوا شيعا واحزابا، الأمر الآخر الذي اتفقوا عليه هو "طاعة ولي الأمر الحاكم" وتعمير المساجد، والحج والعمرة، وتجاهلوا القيم الأصلية والأساسية في الدين الذي لأجلها ومن أجلها اخرج الله ادم من الجنة وانزله الي الأرض..
تنازعوا ولايزالوا على السلطة ومن يصل إليها بالقوة وفوق بحرا من دماء المسلمين، يطلب من العامة طاعته التزاما بأوامر الله مع ان من يطلب هذا من العامة، لم يلتزم هو بالأمس بطاعة ولي الأمر السابق، بل خرج عليه وقاتله حتى أسقط حكمه وحل محله..!
وهذا ما دونه لنا التاريخ منذ انتقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه الي جوار ربه تاركا كل نواميس الكون وتعاليم الله سبحانه وتعالى بين يدي المسلمين، الذين سرعان ما دبت بينهم الخلافات على السلطة والحكم والثروة والوجاهة والنفوذ..؟!
يتبع |