ريمان برس - خاص -
كشفت زيارة ولي العهد السعودي وملكها المستقبلي لواشنطن عن أزمة وجودية يعيشها نظام الرياض والتي يمكن وصفها بأنها أزمة مركبة، أزمة ربما يعيشها النظام السعودي الذي يجد نفسه اليوم بين المطرقة والسندان.. "المطرقة" تتمثل في أزمة داخلية تنهش مفاصل النظام من الداخل، من خلال خلافات متصاعدة بين أفراد الأسرة الحاكمة، وأزمة اقتصادية تعصف برؤية 2030 التي راهن عليها بن سلمان بعد معركة طاحنة خاضها مع أفراد الأسره وكبار رجال الأعمال أدت إلى تحويل أرقى فنادق الرياض الى "معتقل خمسة نجوم" أجبر فيه بن سلمان أمراء الأسرة وكبار رجال الأعمال على التنازل عن مبالغ خيالة من ثرواتهم بذريعة "مكافحة الفساد" فيما كانت الخطوة هذه تمثل أولى إجراءات بن سلمان في اختبار قدراته في التمكين والسيطرة، بعد أن اختبر قدرته الأمنية في تصفية أحد أبرز خصومه وهو مجرد صحفي جمال خاشقجي بجريمة تحولت إلى فضيحة غطاها بن سلمان من الخزانة العامة من خلال مليارات ضخها للخزانة الأمريكية، كما ضخ مبالغ خيالية لإغلاق ملف 11 إيلول سبتمبر..!
فيما "السندان" يتمثل في علاقة النظام الخارجية إقليميا ودوليا، التي تبدأ في علاقة إستراتيجية وتحالف إستراتيجي مع _ واشنطن ترمب _ بعد حالة فتور مع _واشنطن _ بايدن _ولا تنتهي في محنة " علنية التطبيع" مع العدو، بعد عقود من " التطبيع السري"..!
إذ يجد بن سلمان نفسه أمام معظلة حقيقية أزمة مفصلية، المغامرة فيها تعد شكلا من أشكال الجنون، فإذا كان التسليم باستراتيجية العلاقة مع واشنطن فعل ممكن ومعروف ومقبول داخليا وحتى إقليميا فأن "التطبيع العلني" مع العدو بعد حرب الإبادة التي يشنها العدو على الشعب العربي في فلسطين وما ارتكبه في لبنان وما يرتكبه في سوريا، وما ارتكبه في اليمن ظواهر تضع النظام ومستقبل بن سلمان علي كف عفريت، ومغامرة مثل " علنية التطبيع" مع العدو واخفاق رؤية 2030 ودخول الاقتصاد السعودي في حالة ركود، الذي بدأت تبأشيره أو مؤشراته في تجميد مشروع "نيوم"وكذا أبراج جده " ونهم وجشع إدارة ترمب في إستئنزاف قدرات الرياض المالية لتعزيز الاقتصاد الأمريكي، كل هذه العوامل قد تقوي خصوم بن سلمان في الداخل وتعصف بكل أحلامه، إذا ما اضفنا لكل هذه العوامل العلاقة المعقدة بين السعودية واليمن، وما قد يترتب عليها من تداعيات أن لم يتم التوصل لحل للأزمة اليمنية تقبل بها صنعاء التي غدت الطرف الأكثر حضورا في أجندة نظام الرياض، الذي أصبح على قناعة بعدم جدوى الشراكة مع " الشرعية" التي يرى إنها خذلته ولم تقدم له الخدمة المرجوة وكل ما قامت به هو ابتزاز وإثراء رموزها على حسابه..!
وهناك أيظا روزنامة من القضايا المعقدة في المنطقة يواجهها نظام الرياض ويصعب عليه تجاهلها مثل العلاقة بينه وبين لبنان و بينه وبين سوريا والعراق، وايظا بين الرياض ومصر، والسودان، وليبيا، والأهم من كل هذا موقف الرياض من الحالة الفلسطينية، التي ربطت الرياض قيام دولة فلسطينية بحدود العام 1967م كشرط ل"علنية التطبيع مع العدو"..!
يرى كيان العدو وقادته أن " التطبيع" مع الرياض مسألة حتمية ومفروغ منها، ويبدو هؤلاء القادة في كل تصريحاتهم وكذلك محلليهم السياسين واعلامهم أن " التطبيع مع الرياض" حقيقة راسخة لأن ثمة قواسم مشتركة تجميع بين الكيانين اهمها العداء " للمقاومة وإيران " وطبعا العدا لصنعاء، ويري العدو ان "المقاومة وصنعاء وإيران والعراق" مكونات " إرهابية" ومخازن الإرهاب دون أن يغفل العدو الغمز من قناة مصر وتنامي قدراتها معتبرا أن تنمية مصر لمدن سيناء وتعميرها وتشييد قواعدها العسكرية فيها خطرا يهدد وجود الكيان لذا بدا الكيان يقود حملة في واشنطن وعواصم الغرب طالبا من هذه الدول الضغط على مصر لتحجيم قدرات الجيش العربي المصري..!
تداعيات تضع بن سلمان في حيرة كبيرة وعجز الي حد ماء في التعاطي معها خاصة " علنية التطبيع"..!
أن تزويد الرياض بطائرات أمريكية حديثة مثل طائرات F35 خطوة ما كانت لتحدث لولاء رضاء الكيان وثقته من النظام السعودي الذي يرى فيه شريكا استراتيجيا في مكافحة الإرهاب حسب المنطق الصهيوني والإرهاب يتمثل في نظام صنعاء وفي المقاومة في فلسطين ولبنان والحشد العراقي وطبعا "إيران" راعية وممولة الإرهاب في المنطقة حسب العدو وتوافق معه السعودية في هذا الأمر..!
لذا كان " الترليون دولار" بمثابة رشوة لواشنطن كي تبقى على رعايتها لبن سلمان وقد جاءت الإشارة من ترمب حين وصف بن سلمان خلال المؤتمر الصحفي لهما ب "ملك المستقبل"..؟!
لكن يبقى القادم هو الفيصل في إظهار قدرات بن سلمان، وهل سيجروا على تجاوز القضية الفلسطينية وحل الدولتين رغم هزالته ويجاهر بما كان سرا منذ عقود بين أسرته والكيان..؟ إذا ما ادركنا أن هذه الخطوة قد تؤلب عليه الداخل وخاصة خصومه داخل الأسرة الذين يجمعون أخطائه السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، وقد يستغلوها ليوجهوا له الضربة القاضية في
الوقت المناسب أن لم يسبقهم هو في توجيه هذه الضربة، بمساعدة أمريكية _صهيونية..؟!
وحدها التداعيات القادمة من ستكشف ذلك. |