ريمان برس -
تلقيت رسالة صوتية من المناضل الحافي الأخ ناشر العبسي، فحملت رسالته لي مزيدا من الوجع، إذ بصوت مخنوق وعبارات تنطق بكثير من الجهد، عرفت ان اخينا وزميلنا ورفيقنا المناضل نجا باعجوبة من موت محقق على أثر تعرضه لجلطة دماغية قاتلة، جلطة سارع على اثرها جيرانه وأصدقائه بنقله للمستشفى فكان وصوله للمستشفى بحالته تلك اعجوبة أخرى، إذ كان تأخره خمس دقائق عن يد الطبيب كفيل بأن يفارقنا وإلى الأبد ولكنها عناية الله الذي قدر ولطف، تزامنت الجلطة الدماغية مع تفجر سلسلة عاهات في جسد هذا المناضل الذي اعطي حياته لوطنه وشعبه وأمته وأحرار العالم، فهوا المناضل الوطني والقومي والأممي من حمل هموم الإنسانية حيث كان الظلم وكان القهر، كانت أحاسيسه ومشاعره تتفاعل معها..
مؤلم أن نري أمثال هؤلاء المناضلين في نهاية مشوارهم النضالي يعيشون في دائرة الإهمال والتهميش ك"أحصنة الدولة"..!
مؤلم حد الوجع أن نرى ناشر العبسي وكثيرون أمثاله يعانون من الألم والأهمال ويتركون للأمراض المزمنة تفتك بهم وتنهش اجسادهم دون رحمة، دون أن نجد لهم حاضنة وطنية ترعاهم وتوفر لهم مقومات الحياة الكريمة تقديرا على مواقفهم وأدوارهم النضالية التي قدموها لوطنهم.
هل تدركون خطورة مثل هذه السلوكيات، واقصد سلوكيات تهميش وتجاهل رموز النضال الوطني والتغاضي عن معاناتهم؟
أن أجيال من أبناء هذا الوطن سوف يكفرون بالوطن والوطنية والولاء الوطني، أن كان نهاية كل وطني شريف هي الهيانة والتجاهل والتهميش..!
أن هذا الجحود الرسمي لرموز النضال الوطني فيه الكفاية لتكفر اجيالنا القادمة والحالية بالوطن بمن فيه، وسيتجهوا لبناء أنفسهم ويسعون لتحقيق نجاحهم الشخصي والذاتي بعيدا عن الوطنية والوطن..!
هذه الثقافة أجدها اليوم في " أولادي" الذين يسألوني عن جدوى الوطن والوطنية والأمة، وماذا كسبت؟ وماهي الفائدة التي حققتها بحياتي؟
أن هذه الثقافة اخذت تسيطر على جيلنا الحالي وسوف تتناقلها الأجيال وسوف تحصر في أولئك الذين الوطن عندهم " مغنم" وليس " مغرم"..!
أيها المناضل الإنسان ناشر العبسي أعجز عن وصف تاريخك النضالي وتضحياتك الوطنية ومواقفك لا لشيء بل حتى لا " نشمت ببعضنا"..! |