ريمان برس - خاص -
تبدو صنعاء بقدراتها وقرارها ومواقفها الثابتة وطنيا وقوميا وإسلاميا وكأنها تفرض معادلات جديدة وغير متوقعة، معادلات طالت قواعد الصراع الوجودي بين شعبنا العربي في فلسطين وأمتنا العربية والإسلامية، وبين العدو (الصهيوني) وخلفه قوي الإمبريالية الاستعمارية بقيادة واشنطن ولندن وبقية العواصم الاستعمارية الغربية، التي تخوض بدورها ضد أمتنا وابي جانب ( الكيان الصهيوني) ليس حبا فيه قطعا بل دفاعا عن مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية في وطننا العربي الذي يمثل _كنزا ثمينا _لهذه الدول الاستعمارية ومصدر للطاقة والثروة، إذ لم تنشي هذه الإمبراطوريات الاستعمارية هذا الكيان في قلب الوطن العربي حبا ب(اليهود) ولم تجعل من فلسطين (وطنا قوميا لليهود) من أجل خاطر عيون هذه الشريحة البشرية، بل أوجدوهم ليكونوا لهم حراسا على مصالحهم، لأن هذا الكيان ليس أكثر من (قاعدة عسكرية متقدمة للغرب وامريكا) مثله مثل أي قاعدة أقاموها على أراضي العرب، أو أي حاملة طائرات تجوب بحارنا ومحيطاتنا وهذا ما تدركه صنعاء التي دخلت بدافع ديني ووطني وقومي معركة إسناد الشعب العربي في فلسطين، هذا الدخول اليمني لم يأتي جزافا ولا بدافع أخلاقي عابر، بل هو تعبيرا عن حقيقة تاريخية راسخة تؤكد على وحدة الهوية والمصير وتعكس حقيقة رؤية صنعاء بل إيمانها بأن معركة تحرير فلسطين ليست معركة خاصة بالشعب الفلسطيني بل معركة الأمة العربية ومعركة الأمة الإسلامية وهي كذلك معركة كل أحرار العالم الذين يؤمنون بالقيم والأخلاقيات الإنسانية ويحترمون القوانين والتشريعات الدولية ويعترفون بمظلومية الشعب الفلسطيني وبحقه في إستعادة وطنه وإقامة دولته الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
صنعاء بمواقفها الإسنادية الي جانب الشعب الفلسطيني هي تعبر عن إنتمائها القومي الأصيل وعن هويتها الإسلامية الحقيقية، وتجسد حقيقة وفي الميدان عن وحدة الجغرافية والهوية والمصير الواحد، وتؤمن أن فلسطين قضية عربية وأن معركة تحريرها هي معركة قومية تقع على كاهل كل الأمة العربية وأنظمتها، ثم هي مسؤلية ومهمة إسلامية، وكذلك أيضا مسؤلية أخلاقية على كل أحرار العالم..
مواقف اليمن الثابتة والأصيلة والمبدئية في نصرة الأشقاء في فلسطين الذين يواجهون حرب إبادة حقيقة غير مسبوقة في التاريخ، حرب تجرد فيها العدو من كل الاخلاقيات الإنسانية، إذ ورغم غياب التكافؤ بين جماعة مقاومة للاحتلال مدجج بكل القدرات العسكرية الحديثة والفتاكة ومدعوما من كل دول العالم الكبرى والمتقدمة التي تمده بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي والعسكري والتقني والاستخباري إضافة إلى الدعم السياسي والاعلامي، كل هذا في مواجهة جماعة مقاومة وشعب فرض عليه الحصار والتجويع بل واستخدام التجويع سلاحا في هذه الحرب القذرة والهمجية التي تنافي لكل القوانين والتشريعات الدولية والدينية والاخلاقية والإنسانية، فكانت مواقف صنعاء هي الوقفة النموذجية الجادة والصادقة والمعبرة عن قيم وأخلاقيات تستوطن حكام صنعاء الذين جسدو عمليا رغبات شعبية عارمة تستوطن وجدان الشعب اليمني المتطلع بلهفة وشوق الي دعم ونصرة أشقائه في فلسطين وهو يشاهد الجرائم التي ترتكب بحقه أمام مرأي العالم وصمتهم المخزي..؟!
نعم ليس هناك يمني يمكن أن يعتب على صنعاء أو ينتقص من دورها خاصة بعد هذا التطور الذي حققته القوة الصاروخية اليمنية وتمكنت من تحدي قدرات أمريكا والغرب والقدرات الصهيونية، واربكت ضرباتها الصهاينة والامريكان والغرب والعالم في ضربة لم تكن مجرد اعلان دون تفاصيل، بل تناقلت وربما لأول مرة كل قنوات العالم ووكالته الإخبارية مشهد مطار (بن غوريون) في يافا المحتلة في مشهد عجز الصهاينة عن اخفائه كما يفعلون في كل مرة، ولم يتمكنوا من اخفاء حقيقة دخول (3)مليون مستوطن الي الملاجيء، كما لم يتمكنوا من إلزام أكثر من عشر شركات طيران دولية منها أمريكية بتعليق رحلاتها الي الكيان الصهيوني ولم يتمكنوا من اخفاء إلغاء ستين الف مسافر رحلاتهم عبر هذا المطار..؟!
الصهاينة الذين هرولوا لتشكيل لجان تحقيق حول فشلهم في التصدي للصاروخ اليمني أعلنوا وعلى لسان رئيسهم نتنياهو انهم سوف يردوا منفردين على اليمن، ولم يلتزموا بتعليمات واشنطن التي تريد إظهار عدوانها على اليمن وكأنه دفاعا عن الملاحة الدولية وليس دفاعا عن الكيان، أي أن واشنطن ترغب من منعها الصهاينة من الرد على صنعاء هو تغليف واشنطن عدوانها على انه دفاعا عن الملاحة الدولية وتريد في هذا الجانب أيضا تحريك أدواتها في الداخل اليمني ودفعهم للتحرك ضد صنعاء تحت ذريعة مواجهة (عصابة أو جماعة إرهابية) تستهدف الملاحة الدولية وتريد اقناع العرب والعالم بهذا المبرر الكاذب والتغطية على أدواتها من تهمة دفاعهم عن الكيان الصهيوني في أي خطوة تصعيدية تجاه صنعاء..!
غير أن ما حدث مؤخرا ومن خلال ضربة المطار الصهيوني فعل أسقط كل الاقنعة وبالتالي أي تصعيد داخلي تجاه صنعاء هو دفاعا عن الصهاينة بالتنسيق معهم ولن يكون هناك تفسير غير هذا لأي تصعيد داخلي، بالنسبة لأمريكا وعدوانها بالشراكة مع بريطانيا الكل يدرك انه دفاعا عن الصهاينة ولا علاقة له بالملاحة الدولية التي لم تستهدف اطلاقا، وما يستهدف هو الملاحة الصهيونية ومرهون استهدافها بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها وانسحاب العدو وإدخال المساعدات الإنسانية..
صنعاء أمام خيارات عديدة اليوم وهي تواجه هذه الغطرسة الاستعمارية، في ظل صمت عربي مطبق، وتأمر بعض العرب الذين لم يكتفوا بالصمت بل يتأمروا الي جانب العدو على اليمن وفلسطين، وازاء ذلك فأن أي عدوان صهيوني مباشر إلى جانب العدوان الأمريكي يجعل صنعاء في حل من تجنبها مصالح أمريكا في دول الجوار، والمصالح الصهيونية في دولة الإمارات التي معروف انها وكر الاقتصاد الصهيوني وهي صناعة صهيونية أصلا..؟!
لذا فأن بمقدور صنعاء قلب الطاولة في هذا العدوان وبيدها القدرة لتوجيه صواريخها ومسيراتها للعدو القريب ليضطر العدو البعيد إلى التسليم والعودة لجادة الصواب.. إذ لا يفل الحديد غير الحديد وليس للقوة غير القوة. |