الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الثلاثاء, 29-أغسطس-2017
ريمان برس - متابعات -

ثلاثة أعوام ونقاط اللجان الشعبية التابعة للحوثيين منتشرة في العاصمة صنعاء إلى جانب نقاط الأمن والجيش دون أن يكون الموضوع محل بحث أو نقاش، ثلاثة أعوام وسكان العاصمة يتجولون بأسلحتهم الشخصية دون أن يكون الأمر مدعاة للشك والريبة من قبل من يسمون بالأمنيين ومبرراً لطلب رخصهم أو هوياتهم أو إطلاق النار على رؤوسهم والتعامل مع قياداتهم ورموزهم باعتبارهم عصابات مسلحة خارجة عن النظام والقانون.

فلماذا يفتعل قيادات الحركة -أو بعض أجنحتهم إن أحسنا الظن- هذه المواجهة الخطيرة الآن وفي ظل تصعيد سياسي كبير بين طرفي تحالف صنعاء وبعد تحريض كبير مارسه قادتهم وسياسييهم وإعلامييهم بحق المؤتمر الشعبي العام، وفي ظل حديث ممجوج عن تصفية المؤتمر الشعبي العام وقادته، وتبلور ما يعتقده الحوثيين تغييرات إقليمية وفرصة للاستئثار بالمشهد والتسوية وإقصاء المؤتمر الشعبي العام.

حديث أنصار الله عن التفحيط.. والهجوم على نقطة أمنية.. وعن عصابة مسلحة قادت هذا الهجوم -كمبرر لما حدث في جولة المصباحي- يظهر حجماً من العبث والصبيانية في التعاطي السياسي والإعلامي مع الحدث وعدم إدراك لتبعاته على الصعيد السياسي والوطني والجبهة الداخلية ولا لمستوى وعي الناس وقدرتهم على التمييز بين الحقائق والادعاءات والفرز بين الغث والسمين.

والحقيقة أن نجل الرئيس اليمني السابق وعدد من أقربائه ومرافقيه كانوا مارين من جولة المصباحي على متن سيارتين.. واستوقفتهم نقطة تابعة للجان الشعبية لأنصار الله.. وطالبتهم بإبراز هوياتهم.. وهو ما فعله من كانوا على متن السيارتين من ضباط وأفراد بإبراز هوياتهم العسكرية.

وبدلاً من أن يلوح أفراد النقطة للسيارتين بالتحرك كإجراء طبيعي ويمضي نهار السبت، 26 أغسطس بهدوء.. رفضوا السماح للسيارتين بالمرور وبدئوا باستفزازهم قائلين "مابتعملوا في صنعاء سيروا الجبهات"، وفي محاولة من أحدهم لاحتواء الموقف والتصعيد خاطب أفراد النقطة "هذا نجل الرئيس السابق.. ونحن مرافقوه" وبدلاً من تقدير أفراد النقطة لاعتبارية الشخص وحساسية المرحلة وعدم وجود مبرر أصلاً لذلك التصعيد، حصل العكس، صعد أفراد النقطة من لهجتهم وبدئوا بالمناداة على أجهزتهم لطلب التعزيزات، رغم أن احد من المرافقين أو المتواجدين في السيارتين لم يشهر سلاحه حتى تلك اللحظة.

قام أحد المتواجدين برفقة نجل الزعيم صالح بتبليغ الشهيد خالد الرضي والذي كان متواجداً بالقرب من منطقة الاشتباك.. والذي توجه للنقطة بسيارته الشخصية وترجل محاولاً تهدئة واحتواءه الموقف بأسلوبه الذي يعرفه جميع أصدقاءه ومقربيه، إلا أن أفراد النقطة استمروا في التصعيد واشتدت حدة الكلام والاتهامات قبل أن تخترق رصاصتين رأس وقلب الشهيد العقيد خالد الرضي نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي العام، وتندلع المواجهة ويبدأ الطرفين بحشد تعزيزاتهم للمنطقة وإغلاق الطرق ونصب نقاط تفتيش في عدد من الشوارع الرئيسية بالعاصمة صنعاء..

وبالوقوف على ظروف المشهد السياسي المتأزم على إثر مهرجان السبعين.. وتفاصيل الحادثة التي افتعلها أفراد لجان تابعة للحوثيين وفي نقطة مستحدثة وفي منطقة أمنية حساسة وتبعد أمتار من منزل نجل الزعيم أحمد علي عبدالله صالح، فنحن أمام سيناريوهين:
- أن ما حدث "أمر دبر بليل" والنقطة نصبت كـ "كمين" لأحد أقرباء الزعيم صالح أو قيادات المؤتمر، وكمدخل لجس النبض وقياس ردة الفعل والاتجاه لتفجير الوضع في العاصمة صنعاء، وما يعزز هذا السيناريو هو حالة التأزم في العلاقة بين الطرفين ومساعي أطراف داخل حركة الشعار لتفجير مواجهة، وإصرار أفراد النقطة على افتعالها رغم كل مساعي الاحتواء.
- أو أن ما حدث "حادث عرضي" والتعبئة الخاطئة والتحريض الذي مارسه قيادات وساسة وإعلام حركة الشعار بحق الجيش والحرس الجمهوري والزعيم صالح والمؤتمر الشعبي العام طيلة فترة أزمة انعقاد مهرجان السبعين، كان دافعاً لبعض المندفعين في صفوفهم لارتكاب تلك الحماقات الخطيرة.

ردة فعل قيادات الحركة التي أعقبت الحادثة وبدلاً من سعيهم لامتصاص ومعالجة تبعاتها والاعتذار عنها خصوصا وأنها كانت تستهدف بشكل مباشر نجل الزعيم صالح وأسفرت عن استشهاد أحد قيادات المؤتمر، لا توحي بكون ما حدث مجرد حادث عارض، إذ صعد الحوثيين من خطابهم السياسي والإعلامي وبرروا لاستفزاز أمنييهم وجريمة استهدافهم لنجل صالح وقيادي في المؤتمر وزجوا بوزارة الداخلية والإعلام في معركتهم عبر بيان مكذوب نفاه مكتب وزير الداخلية، مؤكداً عدم صحته واستمرار التحقيق في القضية.

ومما قاله الحوثيين في تبريرهم للجريمة (أن عهد التفحيط قد ولى) وعلى الرغم من أن التفحيط ليس جريمة يعاقب عليها القانون في كل الدساتير والأعراف اليمنية والعالمية.. فالجميع يعرف أخلاق أبناء الزعيم صالح وتواضعهم.. والجميع سيستنكرون الإدعاء بأن الزج بالعاصمة في مواجهة كارثية كان يستحق لمجرد قيام احد أنجال الزعيم بالتفحيط.. وسيتسائلون: لماذا لم ترصد عيون اللجان الأمنية الساهرة للأنصار جريمة التفحيط هذه من أنجال وأقارب الزعيم إلا الآن ؟!

قال الحوثيين (أن عصابة خارجة عن القانون هاجمت نقطة أمنية) فرد عليهم عابر طريق بأن التفكير المنطقي يقود للجزم بأن أفراد النقطة هم من افتعلوا المواجهة واستفزوا الطرف الآخر وجروه للمواجهة دفاعاً عن النفس بعد استشهاد أحدهم، وبأن أفراد القوات المسلحة ليسوا عصابات مسلحة خارجة عن القانون.. فمن احتجز هو نجل صالح.. ومن استشهد هو قيادي مؤتمري وعقيد سابق في الجيش وأحد وجاهات مديرية خارف بمحافظة عمران.

قال الحوثيون بـ(أن النقطة كانت تقوم بمهامها الأمنية) ونرد بأن مهامهم هي حفظ الأمن والسكينة العامة وليس التقطع على الشخصيات الاجتماعية والوجاهات السياسية وقتلهم وسلب مقتنياتهم الشخصية وتصويرهم بتلك الطريقة المستفزة التي أظهر فيها الشهيد الرضي بكاميرا اللجان، فهذا سلوكـ عصابات وليس سلوك جنود دولة وأمنيين منضبطين.

قال الحوثيون بـ (أن اللجنة الأمنية كانت تنفذ مهمتها في حفظ الأمن وردع العناصر التخريبية)، والسؤال: ما الذي كان يمثله صلاح علي عبدالله صالح ومرافقوه من تهديد للأمن والاستقرار؟!.. وما دامت مقتنيات وسيارة الشهيد خالد الرضي بحوزتكم حتى اللحظة فمطلوب منكم نشر دلائل عن الحزام الناسف الذي كان يلفه حول خصره أو العبوات الناسفة التي رصدت في سيارته.

بالتالي، ووفق هذه الحقائق فإن ما كان يفترض على قيادات الحركة إبداءه من خطوات ومواقف لتداركـ الحادثة فيما لو صح أنها مجرد حادث "عرضي" وليس "مُدبر" عبر الإقرار بالخطأ الذي وقعت فيه النقطة وتقديم اعتذار وخطاب عقلاني وحث أقلامهم في شبكات التواصل الاجتماعي على التهدئة وتخفيف حدة اللهجة وتجنب التصعيد، لم يحدث.

ما يؤكد أن أفراد النقطة كانوا ينفذون مهامهم حرفياً وأن تفجير الموقف في صنعاء كان هو الهدف، أما لماذا لم يتم تنفيذ المخطط.. فيرجع بتقديراتي للأسباب التالية:

- استشهاد العقيد خالد الرضي وهو من أسرة قبلية كبيرة ومعروفة في قبيلة حاشد ومديرية خارف بمحافظة عمران، وحالة الاستنفار التي أعلنها مشائخ وأبناء القبيلة وقيام بعضهم لولا دعوات التهدئة بإغلاق خط (صنعاء، عمران، صعدة)، مع ما يعنيه اصطفاف قبيلة حاشد ومحافظة عمران مع احد طرفي المواجهة في صنعاء.

- التحركات التي رصدها أنصار الله لقبائل طوق صنعاء وبخاصة مديريات سنحان وخولان وبني الحارث وهمدان وبني مطر، والتي تم رصدها بدقة عبر غرف مراقبة الاتصالات التابعة للحوثيين كمؤشر عن ظروف المواجهة وإمكانات حسمها في حال اتخاذ قرار بالحرب.

- الانتشار السريع لوحدات الأمن والحرس الجمهوري وفرضهم طوق كامل على أطقم اللجان الشعبية التي كانت قد فرضت حصار على الأحياء الجنوبية في العاصمة صنعاء.

- حالة الاستنفار العام والجهوزية العالية التي أبداها قيادات وكوادر وأنصار المؤتمر الشعبي العام في مديريات العاصمة صنعاء والتي بدأت بالتشكل على هيئة مجاميع مسلحة، وقطعت عدد من الطرق الرئيسية والفرعية في مختلف أحياء العاصمة صنعاء، مؤكدة أن المؤتمريين ليسوا دجاجاً وأنهم أهل السلام ورجال الحرب.

- تحذير عدد كبير من قيادات الحوثي من الانجرار خلف خطة استخباراتية قدمتها أطراف إقليمية وتم تمريرها والترويج لها داخل الحركة عبر محمد عبدالسلام وتقضي بحسم الحوثيين الأمر في صنعاء لمصلحتهم وسيطرتهم على محافظات الشمال وتنظيم مفاوضات مع المجلس الانتقالي الجنوبي تقود للانفصال، مُشبهين الخطة باجتياح الرئيس العراقي صدام حسين للكويت بضوء أخضر أمريكي تنصلت منه واشنطن وعادت لتقود تحالفاً دولياً لإسقاط نظام صدام واستعادة الكويت.

- وأخيراً.. الإعلان الصريح من قيادات التجمع اليمني للإصلاح عبر صفحاتهم ومجموعات التنظيم المغلقة في شبكات التواصل التحامهم مع المؤتمر الشعبي العام في أي مواجهة مع الحوثيين تدور في العاصمة صنعاء، وضرورة تجاوزهم حسابات الصراع بين الأعوام 2011-2017م.

لذلكـ ..
تراجع الحوثيون خطوة للوراء وقرروا مجاراة دعوات التهدئة وجهود احتواء الموقف التي دعا إليها المؤتمر وقادها شخصيات قبلية وقادة عسكريون وأمنيون كللت برفع كافة النقاط الأمنية التي تم استحداثها على خلفية مهرجان السبعين وتشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة..

دون أن يعني ذلكـ تغير في المسار الانقلابي على الحليف.. فما يبحث الحوثيون عنه في هذه اللحظة هي ضمانات خارجية بعدم تكرار السيناريو الكويتي.. وتغير ما في موازين القوى بصنعاء يضمن -حسماً سريعاً وغير مكلف- خصوصا وقد أظهر مهرجان ميدان السبعين ضآلة قاعدتهم الجماهيرية وتزايد السخط الشعبي من سياساتهم .. وتراجع سطوتهم وتأثيرهم بين مشائخ وقبائل طوق صنعاء.. وعموم القبائل اليمنية التي لم تتفاعل مع دعواتهم للحشد والتصعيد ولو بالحد الأدنى ،،

فالمرحلة القادمة، #مرحلة_اغتيالات_لا_اقتحامات
..

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)