ريمان برس - خاص -
كثيرة هي الأسباب والدوافع التي تجعل ( آل سعود ) يكرهون اليمن الأرض والإنسان والجغرافية والتاريخ والتضاريس والتراث والمعتقدات والقيم والأخلاقيات المكتسبة. .
وتعاني أسرة ( آل سعود ) تحديدا من عقدة تستوطنهم وتقلق حياتهم أسمها ( اليمن ) التي تملك من القدرات والمقومات الحضارية والتاريخية والجغرافية ما لم تملكه أسرة ( آل سعود ) التي لديها المال الوفير والقدرات التي تمكنها من وضع مكيفات هوا صناعية للمجال الجوي السعودي برمته ، لكن كل هذا لا ينسيها حقيقة الدونية وعقدة الشعور بالنقص في مرحلة حضارية تسعى فيها الامم والشعوب لتأصيل وجودها الإنساني كجزءا أصيلا من مقومات الحياة لأي مجتمع ..
يمكن وصف السعودية من الناحية المادية بأنها كيان متقدم يمتلك كل عوامل القوة والديمومة والتقنية الحضارية والإمكانيات التي تجعلها تفعل ما تريد وتصنع ما تشاء ، بل صارت تتحكم بالمشاعر المقدسة فهي تفتح بيت الله ومسجد رسول الله لمن تريد من المسلمين وتغلقهما امام من تريد وهذا بحد ذاته سلطة لا يقدم عليها إلا كل ( معتد أثيم ) ..!!
وأستطاعت أسرة ( آل سعود ) ان تدمر اليمن منذ سنوات طويلة وقبل ان تشن حربها الهمجية ، وذلك حين أسقطت كل المشاريع الوطنية التي كانت محل رهان الشعب وتطلعاته ، وميعت كل احلام الوطن ، وحرفت كل مساراته وبما ينسجم مع رغباتها الهادفة إلى جعل اليمن الأرض والإنسان بمثابة حديقة خلفية لها او بالاصح ( أسطبل ) لا يدخله غيرها ولا يقرر مصيره غيرها ..؟!
فأسرة ( آل سعود ) تؤمن بوصية مؤسسها الكبير الذي حذرهم من اليمن وأهل اليمن بقوله لهم ( اياكم واليمن فأحذروها ، وأعلموا أن خيركم وشركم من اليمن ، وأن ديمومة حكمكم مرهون بضعف اليمن وتقدمكم مرهون بتخلف اليمن ، ) ..؟!!
وإنطلاقا من هذه ( الوصية ) تعاملت وتتعامل أسرة ( آل سعود ) مع اليمن ، وحين قامت ثورة سبتمبر عام 1962م خاضت السعودية صراعا مريرا من اجل إسقاط الثورة وإعادة أسرة ( حميد الدين ) للسلطة ، ولكنها فشلت بفعل الصمود الوطني لثوار سبتمبر وبفضل الدعم العربي المصري ودعم الزعيم جمال عبد الناصر للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ، وحين فشلت أموال السعودية وحلفها القذر لإسقاط الثورة اليمنية وهو الحلف المكون الى جانب أسرة ( آل سعود ) من كل من : بريطانيا ..الإمبراطورية الإيرانية ..المملكة الاردنية الهاشمية ..الولايات المتحدة الأمريكية..ولأن ثورة سبتمبر فجرت ثورة أكتوبر في جنوب الوطن ، وبرزت ( الجبهة الثورية لتحرير ظفار ) وأمتدت شرارة الحراك القومي التواق للحرية والكرامة والعدالة والاستقلال لتعم خارطة الوطن العربي بدعم ورعاية مصر عبد الناصر ..حينها تدخلت المحاور الإمبريالية الاستعمارية ممثلة ببريطانيا العجوز وبأمريكا التي حلت محلها وقدمت نفسها كدولة موئدة لحرية وإستقلال الشعوب ..
هناء اتفقت محاور المستعمرين مع قوى الرجعية العربية ممثلة بالنظام ( السعودي ) وإلى جانب شاه فارس وملك الأردن حسين بن طلال ..اجتمع كل هولاء وأوعزوا ( للكيان الصهيوني) بان يستعد للقيام بمهمته العدوانية بحق مصر وبتمويل مدفوع مسبقا من أسرة ( آل سعود ) وحسب طلب المقبور فيصل من الرئيس الامريكي حينها بأن يوجه الكيان الصهيوني للقيام بالمهمة بعد فشل آل ( سعود ) وكل حلفائهم من الخونة من داخل اليمن وخارجها ، في ذات الوقت الذي راحت فيه عصابة ( آل سعود ) تبحث عن وجوه جديدة من اليمنيين ليحلوا محل ثوار سبتمبر والملكيين على حد سواء فكان إنقلاب 67م بعد إتفاق أبرمته الرياض مع بعض الجهات المحلية والخارجية وينص على ان تقوم الاطراف اليمنية المختارة بتصفية ( ثوار سبتمبر ، مقابل ان تقوم ألسعودية بالتخلي عن الملكيين ، وإقناعهم بالتخلي عن فكرة عودتهم للحكم ) ، وكان هناك ثمة إتفاق أخر يتعلق بالسلال وحكومته ويتصل بالحالة الجنوبية إذ تم الأتفاق على أن يتم الإطاحة بحكومة ( السلال ) أولا ليتم على اثره منح إستقلال الجنوب للجبهة القومية ( خصم عبد الناصر ) وحدث هذا ، إذ إسقطت حكومة السلال في 5نوفمبر 67م ومنحت بريطانيا السلطة في الجنوب للجبهة القومية في 30 نوفمبر أي بعد ( خمسة وعشرين يوما ) من الإنقلاب على حكومة المشير السلال وهو الإنقلاب الذي تم فيه تصفية ثورة سبتمبر واهدافها وبعدها لم يبقى من سبتمبر سوى الأسم ومن الجمهورية غير الشعار وحسب ، فقد اسقطت الرياض بأموالها كل قيم الثورة والجمهورية والاهداف والتطلعات والاحلام ..
على أثر هذه الخطوات فتحت السعودية أبوابها امام العمالة اليمنية وراح هذا الشعب ورموزه يتغزلون وبتفاخر بمكارم المملكة الخبيثة والحاقدة ، فراحت تستقطب الشباب اليمني وفرغت المدارس من طلابها والذين كانوا قد انطلقوا نحوها بمجرد قيام الثورة فهجر الطلاب مدارسهم واتجهوا نحو السعودية ، وفرح أوليا أمورهم وكان مجرد عودة احدهم بعد عام من الاغتراب بسيارة واثاث وفلوس ووصل يعمر منزل ويتزوج حتى هرول البقية إلى ترحيل أولادهم بل واخرجوهم من المدارس والمعاهد ومراكز التاهيل وهكذا ذهب ابناء اليمن يعمروا السعودية وبقية المشيخات الخليجية ، في الوقت الذي كان فيه أبناء السعودية والمشيخات الخليجية يتلقون دراستهم في ارقى جامعات ومدارس ومعاهد العالم الغربي ..وكانت هذه الخطة واحدة من احقر خطط النظام السعودي لضرب اهداف وتوجهات الثورة اليمنية من خلال ضرب الإنسان بل أجيال الثورة تم استهدافهم لتعمير الخليج وتدمير اليمن ..إذ تؤمن قيادة السعودية إيمانا يقينيا بان تقدمها مرهون بتخلف اليمن وديمومة حكمها مرهون بعدم قيام دولة يمنية قوية ..قطعا مشكلتنا ليست مع السعودية بالمعنى المطلق ، بل عملائها وأتباعها من الرموز المحلية الذين انساقوا وراء إغراءتها بفعل سياسة الإقصاء والتهميش التي مارسها بعض النافذين والمتسلطين في صنعاء إما بالاستقوى بالسلطة والقوة والنفوذ او بالاستقوى بالعلاقة مع الرياض .. وكانت هذه السلوكيات التي سلكتها قوى متنفذة في مفاصل الحكم في صنعاء كفيلة بدفع الطامحين ومن يشعرون بالظلم والقهر ان يولوا وجوههم نحو الرياض طالبين دعمها ومساندتها لهم ،وهكذا كانت الرياض هي من تعين الحكومات والسفراء والوزراء والمدراء والقادة داخل الجهازين الامني والإداري ، بل كانت هي من تحدد حراسة الحدود وبالاسم ..؟!!
وقبلنا كل هذا ولم يجرؤا احدا ان يعترض ومن اعترضوا قتلوا وشنقوا وهاجروا ورحلوا عن وطنهم إلى بلدان الله ،وكان رئيس مجلس النواب اليمني يصل الرياض ينحني ليقبل يد وركبة الملك القاعد على كرسيه دون خجل ودون ان يشعر إنه يهين شعب بكل تاريخه ، وكان عنده الامر طبيعي لشعوره أن هذا هو ولي نعمته وليس اليمن او الشعب ، وإنه بفضل هذا الملك يحكم اليمن ويمتلك القوة والسلطة والثروة ولولاء ولي النعمة هذا لما كان له وجود ولا ذكر ..؟!!
أن مشكلتنا بهولاء ومع هولاء ومع أل سعود الذين سخروا ثرواتهم لتكريس تخلفنا ..؟!
وعليه وعلى خلفية كل ما سلف فان السعودية لا ترى فيما تعمله اليوم بحق الشعب اليمني على إنه عمل عدائي كما هو بالفعل ،بل هي ومعها كل المجتمع الدولي الذي نستغرب صمته وأصطفافه للجانب السعودي ضد شعبنا المعتدى عليه والذي يعيش ويلات ومعاناة الحرب والحصار منذ ثلاث سنوات ،فكل هولاء ينظرون ما يحدث لنا بإنه أمر طبيعي ( وحق من حقوق السعودية) باعتبارنا مجرد رعية معها وهي في سياق الجيوسياسية ترتبط بناء وهي المعنية بمسارنا وبمواقفنا ، ألم نكن حتى وقت قريب لا نجرؤا على تعين سفير أو إقامة علاقة دبلوماسية مع أي دولة إلا بعد موافقة صاحب السمؤ وزير الخارجية السعودي ..؟!! ألم نكن حتى وقت قريب لا نجرؤا على إستيراد اعصية لشرطة مكافحة الشغب إلا بعد إستئذان صاحب السمؤ الملكي وزير الداخلية السعودي ..؟!!
إذا وفق هذا المنطق تتعامل معنا الرياض ويتعامل معنا المجتمع الدولي ، وكل هذا يندرج في سياق الحقد التاريخي الذي تكنه أسرة آل سعود لليمن ، ومع ذلك لم يكن هناء من يستوعب هذه الحقيقة وان كان البعض قد اكتشفوها مع هدير طائرات ال سعود في سمائنا فان بعضنا يرى ان هذه الحرب هي ( مكرمة سعودية لإعادة شرعية من يد الإنقلابيين)..؟!!
يتبع |