ريمان برس -
سئوال بديهي يحضر في ذهن المواطن كلما سمع أحاديث وخطب عن "الثورة اليمنية" التي قامت مدفوعة بأسباب كثيرة منها الذاتي ومنها الموضوعي، ورفعت عند قيامها مجموعة أهداف وطنية هدفت الي تحقيقها..!
هذا السئوال من " العيب والعار" أن يسأل بعد 63 عاما من عمر الثورة، إلا أن كان هناك خلل وخلل كارثي رافق مسيرة الثورة التي بلغت كل هذا العمر الزمني ولم تتمكن بعد من تحقيق الأهداف التي مثلت الدافع الحقيقي لقيامها، نعم بعد 63 عاما من عمر الثورة اليمنية، لايزل الجدل محتدم حولها وحول أهدافها، ولايزل الوطن والمواطن ينتظرون من الثورة أن تنجز أهدافها وأن توفي بوعود قطعتها على نفسها من خلال الأهداف الستة التي أعلنتها يوم ميلادها..!
طبعا الإجابة على هذا السؤال ليش سهلا، لأن هناك عوامل كثيرة حالت دون أن تتمكن الثورة من الوفاء بوعودها أبرز هذه العوامل ثلاثة :
1_ تحالف قوي الرجعية العربية والاستعمار مع فلول النظام البائد.
2_ الدور السلبي الذي لعبته داخليا قوي الترويكا القبلية.
3_ احتدام الخلافات داخل قوي الثورة نفسها.
ثلاثة عوامل اجهضت مسار الثورة التي ظلت تتأرجح منذ لحظة اندلاعها في سبتمبر 1962م لتسقط بالضربة القاضية في 5 نوفمبر 1967م.
هناك من يتساءل اليوم.. لماذا الأن تفجر هذا الحنين الطاغٍ لثورة سبتمبر ولم يتفجر خلال العهود السابقة؟!
وهو تساؤل مشروع يفترض الإجابة عليه..
وهناك رأي اخذ يعبر عن نفسه يعيد اسباب اخفاق الثورة لأن " الثوار استعانوا بقوي اجنبية" والمقصود بالقوات الأجنبية هي _مصر عبد الناصر _التي لولاها لما قامت ثورة ولا كانت..؟!
كما اسلفت سابقا أن محاولة تقييم أداء الثورة اليمنية لا يمكن اختزاله في مقال، لكن بعجالة اقول أن ثورة سبتمبر هي أعظم ثورة شهدها الوطن العربي، وأهم ثورة قامت فيه، وأخطر ثورة راها الإقليم المرتبط بالمحاور الاستعمارية الدولية، الذي أنفق لإسقاطها " الذهب والألماس" قبل " ملايين الدولارات"..!
نعم كانت الثورة اليمنية أخطر الثورات التي شهدها الوطن العربي، وأخطر من ثورة 23 يوليو في مصر في سياق الصراع الجيوسياسي المتزامن مع اشتداد سعار الحرب الباردة بين قطبي الصراع الدولي الاتحاد السوفييتي وحلفائه، والولايات المتحدة وحلفائها..
خطورة الثورة اليمنية والخشية الاستعمارية منها كان بسبب منطقة الخليج ونفط الخليج وثروات الخليج وأمن واستقرار الخليج وتلكم كانت غاية وحسابات عواصم الاستعمار خاصة أمريكا وبريطانيا، اللتان كانتا على استعداد للتفريط باي منطقة نفوذ لهما إلا منطقة الخليج العربي..!
داخليا لم يكن ثوار سبتمبر يدركون هذا البعد في ثورتهم أو بالأصح كان بعضهم يدرك وأخرين لا يدركون أهمية ما قاموا به، فيما ثمة طرف ثالث محلي كان ينظر للثورة من منظار مصالحه وفق جدلية الربح والخسارة..!
كان هناك ثمة تظليل سوقه أعداء الثورة الخارجيين واخذ به أعدائها في الداخل وبعض من انصارها الذين كانوا يريدون الثورة والجمهورية تفصلان على مقاسهما وهو ما حدث لاحقا بعد انقلاب نوفمبر 1967م.
محليا كانت كل الأطراف تنظر للثورة من منظور مصالحها الذاتية بعيدا حتى عن المصلحة الوطنية،غيما كان العدو ينظر لاحداث اليمن شمالا وجنوبا من منظار واحد وبعين واحدة، ولهذا حدث إنقلاب 5 نوفمبر 1967م وبعد 25 يوما حدث إستقلال الشطر الجنوبي في 30 نوفمبر، أي في نفس الشهر ونفس العام..!
هل كان كل هذا مصادفة؟!
قطعا لا بل مخطط مدروس تمثل في إسقاط نظام صنعاء الموالي للقاهرة، في ذات الوقت تسليم السلطة في الجنوب للجبهة القومية المعادية للقاهرة والرئيس عبد الناصر وأتباعه..!
في صنعاء بعد انقلاب 5 نوفمبر حدثت مذابح للقوميين الموالين للقاهرة _اولا _وصفقت غالبية القوي لهذا الفعل، ثم ما لبث الأمر أن طال الحركيين من اليسار الماركسي الموالي للنظام في الجنوب، في ذات الوقت الذي تسلمت فيه الجبهة القومية الحكم في الجنوب، سارعت الي تصفية شركائها في العمل الفدائي والثورة في جبهة التحرير و30 نوفمبر الذي نحتفي فيه سنويا شهد أولى المذابح بحق مناضلي جبهة التحرير..!
إذا كثيرة هي الأسباب والعوامل التي أدت إلى إجهاض المشروع الثوري الذي انطلق فجر 26 سبتمبر 1962م، وليس صحيحا أن تدخل مصر عبد الناصر هو من احبط الثورة إذ لولاء مصر عبد الناصر وتضحيات الجيش العربي لما كانت الثورة قامت من الأساس ولكا "بوب دينار" والضابط "الأمريكي كندي" اعادوا "البدر متوجا الي قصر البشائر" بأموال وذهب " ال سعود"..!
الخلاصة يمكن القول أن هذا الشعب صنع حدثا ثوريا اربك العالم وهز عروش الأنظمة الرجعية، ولهذا تكالبوا عليها، وساهم مرتزقة الداخل بعرقلة مسار الثورة وإفراغها من أهدافها، وأن ظلوا يتغزلون بالثورة والجمهورية بعد أن عملوا على تطويعهما لتكونا في خدمة أسيادهم في الخليج وليس في خدمة الشعب اليمني واحلامه وتطلعاته..! |