ريمان برس -
خلق الله الكون وفق قوانين دقيقة وموازين غير قابلة للاختلال، وأن اختلت فهذا يعني (القيامة)..!
حرم ( الله سبحانه وتعالى) الظلم على نفسه، وحرمه على عباده، وبعث الأنبياء والرسل، ومعهم أرسل قوانينه وتشريعاته التي تنظم العلاقة بين عباده، وفي كل ما انزل الله من تعاليم كانت العدالة وأهميتها، وأهمية تحقيقها بين البشر هي جوهر الدين، الذي لا ينتظم إلا بتحقيق الأمن، والعدل، بين الناس، ورفع المظالم عن المظلومين، وردع الظالمين، أيا كانوا، وكانت مكانتهم الأجتماعية..
وفي هذا يخاطب ( الله) سبحانه وتعالى نبيه داؤد ( يا داؤد إنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله)، كما يخاطب سبحانه رسوله الخاتم بقوله ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق، لتحكم بين الناس بما اراك الله) وقال أيضا سبحانه مخاطبا رسوله الخاتم (فأحكم بينهم بما انزل الله)، وأضاف سبحانه ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم)، وشدد سبحانه على نبيه الكريم وعلى من اتبعه من الانحراف أو تغليب العواطف بقوله سبحانه ( وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك) صدق الله العظيم.
أن ( الله) سبحانه وتعالى يعتبر الدين أمانة، والحكم أمانة، والسلطة أمانة، والوظيفة أمانة، وفي هذا يقول سبحانه (أن الله يأمركم أن تودوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) صدق الله العظيم.
فماذا يجري في زماننا؟ وكيف يتعامل ( حكامنا) و( قضاتنا) و (مسئولينا) مع (الأمانة) التي يتحملونها، وحملهم اياها (الله) ورسوله وابنا الشعب، الذين لا يحلمون إلا بتحقيق العدالة في مسارهم الحياتي، وإشاعتها في أوساطهم، ورفع المظالم عنهم، وردع الظالمين، وتطبيق "حكم الله" فيما بينهم، تجسيدا لقوله تعالى ( والله يحكم لا معقب لحكمه) وقوله سبحانه (ذلكم حكم الله يحكم بينكم).. فماذا يريد الناس أن سادت (العدالة) في أوساطهم، وأن طبق عليهم ( حكم الله)؟!
فهل ما نعيشه _اليوم _ ينسجم وأن في بعض منه مع أوامر ( الله) سبحانه وتعالى، ومع تعاليم _دينه وكتابه الكريم _ ومع أوامر رسوله الخاتم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام؟!
وهل فعلا نعيش _اليوم _في كنف ( سلطة) ملتزمة ولو جزئيا بما أمر به ( الله) ورسوله؟!
وكيف يمكن أن نقتنع إننا في كنف (سلطة مسلمة) أو نعيش في مجتمع مسلم، تصدح فيه ( المآذن) _خمس مرات في اليوم والليلة _تدعو الناس لأداء " الصلاة" في ذات الوقت نشاهد مظالم يهتز من هولها _عرش الرحمن _تجري أمامنا، ونرى غطرسة، وتجبر نافذين، يوظفون كل قدراتهم، لتحقيق رغباتهم، وأن على حساب بسطاء الناس، الذين يطرقون كل الأبواب فلا يجدون من ينصت لهم، أو يسمع مظالمهم..!
أن غياب (العدالة) وإشاعة ( الظلم) وتحكم القوى والنافذ، وتواطوا من كلفوا بالحكم بين الناس، مع أصحاب المال والنفوذ، ظواهر تشير بقرب زوال (الدولة، أو السلطة)، وثمة قول مأثور يقول (أن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويهلك الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة) وليس في الإسلام دين، وشريعة، وقوانين، ولا في سنة الرسول الكريم، مكانا للظلم بل هناك تأكيد إلآهي يقول (أن الحكم إلا لله يقضي الحق وهو خير الفاصلين) أليس (إلا له الحكم) سبحانه.. فلماذا إذا نرى ما نرى في واقعنا من مظالم، ومشاهد غطرسة، وتعالى، ونفوذ، لا يرى أصحابها إلا أنفسهم، ولا يجدون من يردعهم، بل يجدون الدعم والمساعدة، ممن يفترض بهم أن يردعوهم ويتصدوا لغطرستهم، وممارستهم الهمجية، بحق الغلابة من أبناء الشعب..؟!
كيف يمكن أن ( نوقن) إننا في كنف دولة إسلامية، ومجتمع مسلم، ونحن نرى ونشاهد (طوابير المتسؤلين في الجولات، وأمام الأفران، والمطاعم، والبوفيات، والمحلات، وعلى أبواب الجوامع)..؟!
كيف يمكن أن ( نثق) إننا ننتمي لدين المحبة والرحمة والعدل والتسامح)، ونحن نشاهد ( الظلم) ينتشر، والمظالم، لا تجد من ينصف أصحابها، و( محاكم "وقضاة) و( نيابات) وأجهزة ضبط قضائي يفترض أنها وجدت لتحقيق العدل بين الناس ورفع المظالم عن المظلومين، لكن للأسف بعضها عقدت حلفا مقدسا مع الطغاة والظلمة..؟!
أن مهمة الدولة المسلمة لا تقتصر على إقامة الحد بحق (الزاني، والسكران، وتاجر المخدرات، أو متعاطيها)، ولا في جمع (الضرائب، والزكاة، والجمارك)، بل هناك مهمة اهم وأكثر قدسية وهي" تحقيق العدالة الاجتماعية" بين الناس، وردع الظالمين وإعادة المظالم للمظلومين، وتطبيق ( حكم الله) كما أمر (الله) وكما أمر رسوله المصطفى، وليس كما يريد هذا (القاضي) أو ذاك (الوكيل) أو ذاك (الضابط) أو هذا " المسئول" أو " ذاك" ..؟!
وهنا اتساءل الم يقراء هؤلاء قول " الله تعالى" :
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون).
( ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون)
ويزيد سبحانه وتعالى توبيخا لمن ينحرفون عن حكمه وعن أوامره بقوله (أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنوو) صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم..
أن الظلم ظلمات في الدنياء وفي الأخرة خزي وعار وجهنم، وغضب من الله ورسوله.. فهل تتقون..؟! |