ريمان برس -
هناك بعض من البشر يزعمون إنهم (مثقفين) و (نشطاء) ودعاة لحرية الرأي والتعبير، والتفكير الحضاري، ودعاة للديمقراطية، والتعددية، والعدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، مصطلحات يسوقوها، أجزم إنهم يرددوها كالببغاوات، وعلى الأرجح هم يرددون مفردات ومصطلحات لقنتهم اياها بعض_ المنظمات_ التي دربتهم، ليكونوا خداما لها، يكتبون لها تقاريرهم اليومية ولن أزيد..؟!
هؤلاء ديمقراطيون حين يتعلق الأمر بهم، وأصحاب رأي حين يتصل الأمر برائهم، وهم بهذا السلوك يذكرونا ب( جماعة الإخوان)، الذين حين يكونوا بالشارع معارضين يرفعوا شعار (الحكم للشعب) وحين يصلوا السلطة، يغيروا شعارهم ويصبح (الحكم لله)، و(الله) هو من منحهم السلطة، والسلطة أمانة لا يجب التفريط بها..؟!
مثقفي _المنظمات _التي تنشط لغير وجه الله، حفظوا بعض كلمات هذه المنظمات أثناء دورات التدريب والتأهيل، واجادوا فن تسويقها، لكنهم أبدا لم يؤمنوا بها، ولم يعملوا بها، بدليل أنهم يضيقوا من أي صاحب رأي، وصاحب موقف يعارضهم، لم يطيقوا يوما رايا للأخر، بل يحاولون دوما ان يجعلوا كلامهم (قرآن) ورايهم ( مقدس) لا يقبل الانتقاص أو المساس..؟!
والأخر كذاب، وأن كان صادقا، ومرجف، وأن كان كلامه يقين، وعليه أن يصمت وأن كان على حق..!
أمثال هؤلاء إما أن تسير بعدهم وتقول ( أمين) بعدهم وكأنك في صلاة جماعة داخل الجامع..!
لكن يا ويلك منهم أن كنت صاحب رأي أو موقف، فأنت بنظرهم بلا ( مبادئ) وبلا (ضمير) و(مرتزق) تبيع نفسك بسوق ( النخاسين بنكلة)..!!
لا يتردد ( المتدين) منهم من تطويع ( الدين) لتبرير قناعته المنافية لكل القيم الدينية..!
ولا يتردد في شن حملات كاذبة، ضد من يخاصمه، وتلفيق حكايات وقصص وتهم، ليس لها وجود إلا في عقولهم المريضة..!
لا يؤمنوا بشرف الخصومة، ولا باحترام الرأي والرأي الأخر، ولا يعرفوا أو يعترفوا بالتباينات الفكرية، وأختلاف القناعات، فكرية كانت، أو سياسية، فإذا تحدثت برأي أيا كانت دوافعه، تجد نفسك تحت دائرة سهامهم القذرة، وهذه ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي ثقافة مكتسبة، راسخة في وجدان وذاكرة أمثال هؤلاء أشباه المثقفين، الذين يجسدون القول المأثور ( نصف المتعلم أخطر من الأمي، و نصف المثقف أخطر من الجاهل)..؟!
وهؤلاء مشكلتهم انهم (أنصاف) كل شيء، وفي كل شيء حتى بالرجولة..!
والمصيبة والكارثة أن هؤلاء من تسببوا في (خراب مالطا) كما يقال، وكل خراب البلاد وما تشهد بسبب حماقة هؤلاء، الذين حركتهم _جهات _معلومة وغيرمعلومة ذات يوم فقالوا (ثورة) دافعين الغلابة المتضررين والثوار الحقيقيين وأصحاب المصلحة، إلى الساحات والميادين، وجعلوا منهم وقودا لأطماعهم، و( أحصنة طروادة)، يصلوا من خلالها لأهدافهم القذرة، فدمروا بانانيتهم، وجهلهم، وغبائهم، وانتهازيتهم، البلاد شعبا وجغرافيا، وسكينة اجتماعية، مقابل فقط أن يثروا، ويحسنوا أوضاعهم، فأصبح منهم الذي لم يكن يجد قوت يومه إلا ( بالنهب والسرقة) ثريا ونجما مشهورا يشار له بالبنان، فيما ( صعاليك الشوارع) أصبحوا قادة وجنرالات، ومن كان يتسكع في اليوم الواحدة على أكثر من ديوان، من دواوين عالية القوم، أصبح وزيرا، أو سفيرا، وصاحب حصانة.. هربوا جميعا، وأصبحوا مناضلين في فنادق الخمسة نجوم، وهناك من أصبح رجل أعمال، وصاحب منتديات وصالونات سياسية، وحتي الفضائيات امتلكوها بعد أن كانوا يستجدون أي اعلامي لينشر لهم خبرا وأن في جريدة مغمورة..؟!
وفي الداخل هناك أقرانهم الذين تسلقوا _ القطار _وغيروا جلودهم، فأصبح لهم صولات وجوالات على حساب الشهداء والشرفاء الذين ضحوا بقناعة وزهد، وبلغوا مرحلة من إيمان يقيني، لكنهم للأسف وجدو أنفسهم مغيبين أمام طوابير الانتهازيين المتسلقين على اكتاف الأخرين، الذين يقولون ما لا يفعلون..!
إنهم بشر ملاء الحقد قلوبهم، وسيطرة الكراهية على عقولهم، وأصبحوا أشبه بالمقامرين على طاولة قمار، يراهنوا على المجهول، رغم فشلهم المتلاحق، لكنهم يقامروا ويتوقعوا أن في المجهول القادم ربما قد يأتي ما يسرهم..!
مؤسف أن كل ما نحن فيه والبلاد والشعب، لم يردع هؤلاء، ولم يتعضوا مما جرى ويجري، بل يصرون على المكابرة، تأخذهم العزة بالأثم، إلى هاويات الانحطاط المتتالية، ومع ذلك تراهم يكابروا، ويتمسكوا بأوهامهم، معتمدين على تلك _الجهات _التي دفعتهم لدمار البلاد، وجعلت منهم ( فئران) القرن الواحد والعشرين..؟!
من العيب فعلا أن تجدهم، وقد تحولوا الي مجرد ( طبول جوفا)، و( الطبول الجوفا) لا تحدث سوي الضجيج..!
اليوم ورغم كل هذا الخراب المادي، والمعنوي، والوطني، والاجتماعي،والمعيشي، والنفسي، لمجرد أن تنتقد، أو تقول رأيك وان كان عابرا، تجد مفردات (شيطنتك) تنهال عليك من كل حدب وصوب من أمثالهم، وتتحول ( أنت) أيا كان موقفك، وكانت مكانتك، السبب في (فشلهم)، و المتسبب في إعاقة (ثورة التغيير)، و( المسيرة المباركة)، وأنت.. وانت.. وانت ( الجنازة) التي وجدوها ( ليلطموا عليها) ..؟!
لأن الفشل هو الحقيقة الوحيدة التي تسيطر عليهم، وبالتالي كل نقد أو رأي يتعلق بهم، يواجه بغضبهم وبرد فعل غير متوقع من قبلهم، لأنهم يدركون حقيقة فشلهم ويعرفون جيدا انهم فاشلين، وأنهم في أزمة، افقدتهم ثقتهم بأنفسهم وأصبحوا (يحسبون كل صيحة عليهم) أو كما يقال (يغطوا على الضرط بالنحنحة)..؟!
للموضوع تتمة |