ريمان برس -
ذات يوم مؤغل من تاريخنا العربي المكتوب بحبر الخيانة والغدر، وفي لحظة من التاريخ كان فيه (الخونة) ( يتلحفون الظلام) عملا بالقول المأثور ( إذا ابتليتم فاستتروا) فيما (نهارا يرتدون ملابس التقوى) متمسكين ببقايا من (نخوة كانت) في تلك الأيام صدح شاعرا عربيا بما يجول في خاطره وكأنه كان يحاكي زماننا هذا وليس ذلك الزمان.. نعم كان الشاعر العربي الراحل عن دنيانا قريبا الأستاذ مضفر النواب، يحاكي رموز اللحظة العربية الراهنة التي نعيشها وتعيشها فلسطين وأمتنا العربية وأنظمة الإرتهان الحالية التي تجردت من كل القيم والأخلاقيات الدينية والعربية والقبلية، التي خلعت عن نفسها ( لحاف الظلام) و ( ملابس التقوى) وأصبحت تجاهر بالعمالة والخيانة والارتهان دون خجل وهؤلاء هم أكثر من ينطبق عليهم قول شاعرنا الراحل حيث قال يؤمها مخاطبا عرب اللحظة الراهنة لا غيرهم :
( القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ؟؟
ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض
فما أشرفكم
( أولاد القحبة) هل تسكت مغتصبة ؟
لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم
إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم..)
كلمات بليغة تنطبق حرفيا على عرب اليوم وعلى أنظمة اليوم الذين فعلا تنافخوا وتنافحوا ( شرفا) يطالبوا من المقاومة تسليم سلاحها وإطلاق الاسري الصهاينة لديها حتى لا تعطي العدو مبرر وذريعة..؟!
واحد من (اولاد......) وصف بقايا أحرار فلسطين والأمة ب ( أولاد الكلب) وكأنه يحاول أن يرد على وصف الشاعر له وأمثاله الذين يتهمون المقاومة بأنها من تستفز العدو وتعطيه المبررات والذرائع للقيام بعدوانه..؟!
وبكل وقاحة وسفور يطالبون المقاومة بإطلاق سراح الاسري الصهاينة والذين لا يتجاوز عددهم أحياء وأموات لديها بأكثر من مائة أسير فيما هناك في سجون الاحتلال أكثر من 15000 ألف أسير عربي فلسطيني فيهم نساء وأطفال، وفيهم محكومين من قبل محاكم الاحتلال بقرون وليس بعقود زمنية..؟!
كما يطالب المقاومة بتسليم سلاحها للسلطة؟ أي سلطة؟ سلطة رام الله التي عجزت وتعجز عن حماية اعضائها بما فيهم رئيسها (عباس) الذي لايزل ( يشحذ سيفه) وعاجز عن توفير الأمن والحماية لنفسه ولأعضاء سلطته، فيما اثبت عجزه الفاضح وسلطته وأجهزته عن حماية أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس، وأن أجهزته الأمنية التي تدفع واشنطن والاتحاد الأوروبي رواتبهم ويقودهم ( ضباط امريكيين وأوروبيبن) تنحصر مهمتهم بالتنسيق الأمني مع الاحتلال ومطاردة شباب المقاومة وحماية أمن الصهاينة والمستوطنين..؟!
منطق (عباس) يحضي بدعم واسع من الأنظمة العربية التي ترى المقاومة (عاهة مقلقة) تدمر بأفعالها الرفاهية وتزعج سكينة المنطقة وتحؤل دون تدفق الحركات السياحية وتعمل على تقليص نسبة الرفاهية والاستثمار..؟!
أجزم أن الشاعر العربي الراحل( مضفر النواب) كان في قصيدته يخاطب أنظمة ومسؤلين زماننا العربي الراهن، زمن الإنبطاح الوقح، والخيانة السافرة، والإرتهان الذي لا سقف له ولا نهاية..؟!
زمن فيه كل شيء ( تأركس) حيث ( الحق) أصبح ( باطل) ويعامل ك( باطل) والقوانين سقطت وتم الدوس عليها بأحذية الصهاينة، والقيم والأخلاقيات غادرت بدورها سلوكيات ومواقف صناع القرار، فيما هرولت الشعوب خلف رموزها (الدينية، والمذهبية، والحزبية، والسياسية، والقبلية، والمشائخية) فيما الغالبية من أبناء شعوب المنطقة ممن لا حواضن لهم ولا مرجعيات تساندهم وجدو أنفسهم يكافحوا من أجل البقاء الذاتي، يصارعون من أجل الحفاظ على أسرهم، وحتي لا تذهب أسرهم ضحايا تحت أقدام (الخونة) الذين يتصدرون المشهد العربي اليوم..؟!
شاعرنا الراحل _قدس الله سره كان قد افتتح قصيدته بهذه العبارات :
( من باع فلسطين وأثرى بالله
سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
ومائدة الدول الكبرى ؟
فإذا أجن الليل
تطق الأكواب بان القدس عروس عروبتنا
أهلا أهلا أهلا
من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة ؟)
وختمها قائلا :
( القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل السيلانات إلى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب
لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض
فأي قرود أنتم
أولاد قراد الخيل كفاكم صخبا
خلوها دامية في الشمس بلا قابلة
ستشد ضفائرها وتقيء الحمل عليكم
ستقيء الحمل على عزتكم
ستقيء الحمل على أصوات إذاعتكم
ستقيء الحمل عليكم بيتا بيتا
وستغرز أصبعها في أعينكم
أنتم مغتصبي
حملتم أسلحة تطلق للخلف
وثرثرتم ورقصتم كالدببة
كوني عاقرة أي أرض فلسطين
كوني عاقرة أي أم الشهداء من الآن
فهذا الحمل من الأعداء
ذميم ومخيف
لن تتلقح تلك الأرض بغير اللغة العربية
يا أمراء الغزو فموتوا
سيكون خرابا.. سيكون خرابا
سيكون خرابا
هذي الأمة لابد لها أن تأخذ درسا في التخريب). |