ريمان برس - خاص -
دعونا نقف أمام ما أطلق عليه ب (ثورة الربيع العربي) التي أجد نفسي وللمرة المليون أستكثر تسميتها ب (الثورة) بقدر ما كانت تعبيرا عن أزمة سياسية واجتماعية، وكانت أزمة ممنهجة ومخطط لها مسبقا من قبل رواد (الغرف السوداء) الذي استطاعوا أن يضربوا عصب الأنسجة الاجتماعية قبل أندلاع تلك الأزمة بعقود خلت، هذا (الربيع) الأسود الذي دمر دول ومزق مجتمعات كانت تعيش بقدر من الكرامة والاستقرار والسكينة وان وجدت بعض المنغصات فإن من السهولة بمكان معالجتها عبر الحوار المنظم بين من يمثلون الغالبية الشعبية ومن هم في السلطة، لكن المخطط لم يكن يستهدف تحقيق الرفاهية الاجتماعية للشعوب المستهدفة التي اندلعت فيها المظاهرات بقيم ومفاهيم ثقافية وسياسية غير معهودة في ادبيات الفكر السياسي، ودخيلة على ثقافة وأخلاقيات المجتمعات التي شهدت الاحتجاجات الغير طبيعية، والتي جاءت ليس للتغير نحو الأفضل بل لتدمير قيم وأخلاقيات الشعوب وتمزيق نسيجها الاجتماعي، وتدمير قدرات دول وانظمة أيا كانت عيوبها تجاه مواطنيها، غير انها كانت تمثل بوجودها سيادة وكرامة مواطنيها ووحدتهم الاجتماعية وتتميز بقدر من الاستقلال، بل كانت تلك الأنظمة بوجودها ارحم بكثير مما آلت إليه الأمور اليوم في تلك النطاقات الجغرافية التي شهدت الاحتجاجات المدمرة والكارثية..؟
وللتذكير والتساؤل معا :
هل الحال في (العراق) اليوم أفضل مما كان عليه في عهد (المخلوع والطاغية والديكتاتور)..؟!
هل الوضع في ( سورية) اليوم أفضل مما كان عليه في عام 2010م؟
هل الوضع في ( ليبيا) اليوم أفضل مما كان عليه في عهد القائد (المجنون والديكتاتوري)..؟!
هل الوضع في (اليمن) اليوم أفضل مما كان عليه في عهد (المخلوع والفاسد)..؟!
هل الوضع في (السودان) اليوم أفضل مما كان عليه في عهد (البشير المخلوع)..؟!
وهناء دعوني استثني كل من مصر وتونس لأسباب ذاتية وموضوعية، أبرزها أن (مصر) لديها جيش كلاسيكي منظم وهو الحارس للسكينة والاستقرار مع انه دفع والشعب العربي في مصر ثمنا كبيرا حتى أعاد لهذا البلد استقرار الذي لا يزل مهدد بتبعات سياسية واقتصادية، فيما تونس تمتاز بمجتمع مدني يتمتع بقدر من الوعي والتحضر الاجتماعي، ومع ذلك فرضت عليه أزمات وتداعيات سياسية واقتصادية لايزل غارقا فيها المجتمع التونسي.
طبعا انا هنا لا ادافع عن الأنظمة والرؤساء ولست متعصب لايا منهم لكني فقط أتساءل عن أسباب ودوافع هذا الغباء النخبوي العربي وهو غباء يصعب تبريره، ويستحيل التسليم بحقائقه وحتى بمبرراته التي لايزل هناك من يسوقها في خطابه من الأطراف المستفيدة التي وجدت نفسها في ظل هذه الفوضى المدمرة على واجهة المشهد، مشهد جعل من (اللصوص، وقطاع الطرق، والقتلة، والخارجين على القانون) زعماء وقادة ووجهاء وأعيان ورجال مليشيات يزينون شاشات الفضائيات، ولا يجدون غير (السرقة) ونهب ثروات أوطانهم، وقتل بعضهم البعض..؟! فيما هناك عشرات بل مئات الآلاف الذين سقطوا جراء هذا الغباء من أجل أن يتزعم (الفاسدين) الأكثر قبحا لمقاليد الأمور في البلدان المنكوبة..!
يتبع
29 اغسطس 2023م |