ريمان برس - خاص -
أن المتابع لتراجيدية الصراعات الذاتية والبينية التي تعيشها المجتمعات العربية _الإسلامية ينتابه الكثير من الدهشة والحزن على الحال الذي تعيشه هذه المجتمعات الغارقة في براثن النزاعات البينية والصراعات الاجتماعية، مجتمعات لم توحدها ديانات وتعاليم السماء ولا هويتها الوطنية ولا وحدة الهوية والمصير ولا القيم الحضارية والتاريخ المشترك والثقافة الواحدة واللغة، عوامل وخصائص ومقومات وجودية واحدة، كل هذا للأسف لم يحقق وحدة المجتمعات العربية _الإسلامية التي غرقت في صراعاتها الاجتماعية ولم تحصد منها سوي الجهل والتخلف والفقر والجوع رغم امتلاك هذه المجتمعات لكل القدرات المادية والمعنوية التي تكفل لها إمكانية العيش وحياة كريمة وتطور وتقدم اجتماعيين..
قد تكون مرحلة القرن العشرين بكاملها وبكل تداعياتها تعد مرحلة حضارية عنوانها إعادة هيكلة هذه المجتمعات وتكريس قيمها وخصوصيتها وهويتها الوطنية، رغم كل ما رافق هذه المرحلة من إرهاصات وطنية وقومية وإسلامية تزامنت مع مرحلة الاستقلال من الغزاة والمستعمرين وبداية تأسيس الدولة الوطنية المستقلة على النطاق الجغرافي العربي والإسلامي ، وكأن يفترض أن تتوحد الأيادي والجهود والقدرات داخل هذه المجتمعات في سبيل تحقيق التطور والتنمية الوطنية وتحقيق رفاهية المواطنين الذين عانوا كثيرا من جبروت المستعمر وقهره وقسوة تسلطه، ومن جبروت أنظمة الاستبداد المحلية التابعة للمستعمر، أو تلك الأنظمة (الثيوقراطية) المتخلفة التي حكمت وتحكمت باسم (الدين) وهي ابعد ما تكون عن قيم وأخلاقيات الدين وعدالته، ولكن للأسف ما حدث هو العكس بصورة توحي وكأن هذه الشعوب والمجتمعات أستأسدت الحياة في كنف المستعمر الأجنبي،أو في كنف أنظمة القهر والاستبداد، إذ راحت هذه المجتمعات بعد استقلالها وتحررها، تخوض فيما بينها صراعا إجتماعيا بينيا فيما بينها في سبيل الاستحواذ على السلطة والثروة والدوافع متعددة منها الطائفي ومنها المذهبي ومنها القبلي ومنها المناطقي ناهيكم عن الدوافع السياسية والحزبية، وكلها دوافع أوجدت مبررات للصراعات الاجتماعية أدت إلى إنهماك هذه المجتمعات وانشغالها في قضايا ابعدتها عن مهامها الحقيقية في صناعة التقدم والتطور والتنمية.
في هذا السياق دعونا نقف أمام الواقع العربي _الإسلامي، اليوم وما يعتمل على هذا الواقع من مظاهر التخلف والجهل والقهر والاستبداد لدرجة تعجز فيه السلطات المختلفة المهيمنة على هذا الواقع من إيجاد حلول جذرية توفر لمواطنيها حياة كريمة وتأمين الحد الأدنى من المقومات الحياتية لمواطنيها مثل توفير الغذاء والدواء والسكن وهي من أبسط المقومات الحياتية، ولكن للأسف لم يتحقق هذا في المجتمعات العربية _الإسلامية، التي تعيش حياة القهر والتخلف والفاقة والكثير من هذه المجتمعات تعيش على (مكارم وصدقات ومنح) الدول الأجنبية والاستعمارية، فيما ثروات العرب والمسلمين وبقية المجتمعات التي تعيش حياة الفقر والفاقة تنهب من قبل الشركات الكبرى والدول الكبرى التي تعيش حياة الرفاهية على حساب الشعوب المنهوبة ثرواتها والسبب هو سلوك النخب المتسلطة التي أهدرت ثروات شعوبها وتنازلت بها للاجنبي مقابل حمايتها وبقائها في السلطة بحماية الشركات والدول الأجنبية،ونموذج هذا _مثلا _دول القارة الأفريقية التي تعاني كل صنوف القهر والجوع والتخلف فيما ثرواتها السيادية تنهب من قبل الشركات الاستعمارية.
دعوني اذكر لكم حكاية _مصر _التي بدأت تتجه نحو النهضة الحضارية والتنمية في وقت متزامن مع دولة أخرى هي (اليابان) حدث هذا في عهد محمد علي الذي مثل عهده الكثير لمصر والعرب، لكن تم إحباط المخطط النهضوي لمصر من قبل قوي الاستعمار وأعوانه في الداخل المصري وتم إحلال نظام مرتهن في مصر برعاية المستعمر الأجنبي الذي فرض وصايته المطلقة على المجتمعات العربية والإسلامية وشعوب ( العالم الثالث) وهو المصطلح الذي توصف به الشعوب الفقيرة والمتخلفة..؟!
يتبع
28 اغسطس 2023م
. |