ريمان برس - خاص -
لم يحدث أن عاش العالم على حافة الهاوية كما هو حاله اليوم في ظل غياب ( العقلاء ) القادرين على إيجاد أرضية توافق قادرة على تحمل أقدام المتنافسين الذين يمكن حصرهم بثلاثة عمالقة لدى كل واحدا منهم أجندته الخاصة وأحلامه وتطلعاته وأيضا أتباعه وأنصاره وعلى مستوى القارات الخمس .. لكن بين تطلعات هولاء العمالقة الثلاثة هناك طرف يحاول أن يهيمن على الخارطة الكونية ويخضع الجميع لإرادته معترضا كل العوامل التاريخية والاقتصادية والجيوسياسية التي تفرض نفسها بحكم عوامل التطور ..إذ ترى واشنطن رغم كل ما يحيق بها من أزمات داخلية وفشل وتعقيدات خارجية واضطرابات سياسية تعاني منها إدارة الرئيس دونالد ترمب الذي يعد واحد من أكثر الرؤساء الأمريكيين جهلا بالأدارة رغم أنه رجل اعمال ناجح ولكن أن تكون رجل اعمال ناجح ليس بالضرورة أن تكون رئيسا ناجح وهذا ما يعانيه دونالد ترمب منذ تولى مهمته داخل البيت الأبيض وصدامه مع المنافسين والخصوم السياسيين من صقور الحزب الديمقراطي رغم أن أمريكا دولة مؤسسات ولكن هذه الدولة ورغم كونها دولة مؤسسات إلا أنها تعاني من ضروف غير مسبوقة وعلى مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وصولا إلا أزمة بنيوية في مفاصل المجتمع الأمريكي والتي برزت مع مقتل المواطن الأمريكي ذو الأصول الأفريقية وهي القضية التي فجرت الواقع المجتمعي بصورة أزمة اجتماعية أخذت بعدا عنصريا في مجتمع كان يتفاخر حتى وقت قريب بأنه مجتمع العدالة والرفاهية وحقوق الإنسان ..؟!!
كان ثمة انشقاق سياسي يعتمل في مفاصل الدولة الأمريكية ومؤسساتها مع وصول الرئيس دونالد ترمب الذي اصطدم مع الأجهزة الأمنية والاستخبارية منذ اللحظة الأولى ناهيكم أن الرجل لم يكن مقبولا من الحزب الديمقراطي وهكذا بدت أزمة الداخل تتفاقم في وجه ترمب الذي لم يكن أيضا ذلك الرجل الذي يتمتع بمواهب قيادية وبكارزمية تمكنه من تحقيق وحدة وطنية وتخلق إجماع وطني أمريكي حوله وهذا أدى إلى إتساع دائرة الخلافات إضافة إلى فشل خارجي رافق أدارة ترمب واربكها وتمثل هذا الفشل الخارجي لإدارة ترمب في العراق وأفغانستان والوطن العربي وأهم فشل أمريكي هو فيما يتعلق بصفقة القرن والية تمريرها والتي كانت محل رهان ترمب وإدارته ناهيكم عن احتدام الصراع الأمريكي _ الصيني والروسي من جهة واخفاق أمريكا فيما يتصل بعلاقتها مع منطقة الخليج وإيران أضف لكل هذا العلاقة المتوترة وأن من تحت الرماد بين واشنطن وحلفائها التقليدين في أوروبا الغربية ..
فإدارة ترمب ضاعفت من التذمر الخارجي للسياسة الخارجية الامريكية التي تراوحت بين الفشل الذريع في تطويع الخصوم وبين استياء الحلفاء وفقدانهم الثقة بإدارة ترمب كل هذه التحديات إلى جانب التحديات الداخلية التي تمثلت في الركود الاقتصادي ؛ تنامي السلوكيات العنصرية ؛ الفشل في أحتوى وباء كورونا والتعامل الغير مسئول مع الوباء من قبل إدارة ترمب الذي يحاول اليوم تحويل اخطائه كلها ويحملها الصين وهو مبرر ينبي بأن ثمة كارثة كونية قد يواجهها العالم في حالة وجد ترمب نفسه يتجه لخسارة الانتخابات وقد يدفعه هذا الى افتعال معركة عسكرية مع الصين للتغطية عن أزمات كثيرة بنيوية تعيشها أمريكا ؛ هذه الأزمة يرى خبراء ومحللين استراتيجيين أن الخروج منها ليس بالأمر السهل وخاصة لرجل مثل دونالد ترمب وهذا ما يفسر حالة التمزق الداخلي داخل أمريكا بل وداخل الحزب الجمهوري ذاته إذ أقدم العديد من رموز الجمهوري أي حزب ترمب ذاته الذين ذهبوا لتايد المرشح الديمقراطي جو بايدن ضد ترمب الذي وصفهم بدوره بانهم مجموعة رديكاليين يساريين ؛ هذا الصراع الداخلي يشير إلا أن الخروج منه ليس بالأمر السهل على دولة مثل أمريكا تواجه أزمات اقتصادية وركود وديون داخلية وخارجية متراكمة وتفوق الناتج القومي السنوي لأمريكا مضروبا في خمسة عقود قادمة ؛ طبعا المشكلة الكبرى لا تقف في هذا النطاق بل في كيفية أدارة الأوضاع الداخلية الامريكية خلال الفترة القليلة القادمة حتى موعد الاستحقاق الانتخابي من ناحية ومن الأخرى الكيفية التي سيدير بها ترمب وادارته القضايا الخارجية وخاصة العلاقة مع الصين وروسيا وايران وفنزويلا وكوريا الشمالية إذا ما اعتبرنا أن الفشل الأمريكي في الوطن العربي أصبح محققا سواء تعلق الامر بالقضية الفلسطينية وما يتصل بصفقة القرن رغم الدفع الأمريكي بدولة الامارات باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني وحث واشنطن عددا من دول الخليج العربي باتجاه التطبيع مع الكيان إضافة لبعض الدول العربية والافريقية مثل السودان ودول أخرى قد تتجه من باب رد الجميل لترمب ومساندته قبل موعد التصويت للانتخابات ؛ ومع ذلك فأن غطرسة ترمب وادارته وخاصة وزير خارجيته ( بومبيو ) الذي تشير كل التقارير والتحليلات إلا أن هذا الرجل أي وزير خارجية ترمب هو عراب السياسة الامريكية الخارجية والداخلية وهو من توجه اليه سهام الاتهام في كل ما يقوم به ويقوله دونالد ترمب داخليا وخارجيا ..؟!
كل هذه التداعيات الامريكية تضع العالم أمام مخاطر وتحديات قد تعكس نفسها على الامن والاستقرار الدوليين وقد يهرب ترمب من كل الاستحقاقات الداخلية الى افتعال أزمات خارجية واخطرها وما يتوقعه المراقبون والمحللون هو تفجير صراع في بحر الصين الجنوبي مع الصين أو تفجير صراع في بيلا روسيا مع روسيا الاتحادية أو تفجير حربا في الشرق الأوسط ضد إيران وهناك خيارات يراها المحللون بانها قد تكون طوق النجاة لترمب وصقور إدارته من الجمهوريين للهروب من تبعات الداخل الأمريكي وتحديدا من أزمتي كورونا والركود الاقتصادي بعد أن بلغ ضحايا كورونا قرابة 400 ألف أمريكي قضوا نحبهم حتى الان والرقم قابل للزيادة ؛ فيما الدين العام الأمريكي تجاوز 25 ألف ترليون دولار أمريكي ناهيكم عن الدين الداخلي الذي تجاوز ثلاثة ألف وسبعمائة ترليون فيما تحتاج واشنطن خلال العشر السنوات القادمة الى عشرين ترليون دولار لإعادة ترميم وتجديد البنية التحتية داخل الولايات المتحدة الامريكية والتي أصبحت متهالكة فيما 45 % من الشعب الأمريكي بدون ضمان صحي واجتماعي ونسبة البطالة في ازدياد ومعدلات الفقر توحي بكارثة وشيكة تتجه اليها أمريكا وكل هذه العوامل تجعل التوجه نحو حرب خارجية اسهل الطرق أمام ترمب وادارته وهذا يجعل العالم على كف عفريت والأيام القادمة كفيلة بتوضيح الصورة أكثر فترقبوا ما سوف تسفر عنه المحادثات الامريكية _ الصينية خلال الأيام القادمة دون أن تغفل عيونكم تداعيات روسيا البيضاء والمشهد في بحر الصين الجنوبي وتايوان وهونج كونج ..؟! |