ريمان برس - خاص -
خلال الاعوام 2006/2010 شهدت العلاقة الروسية - الصينية تطورا درماتيكيا مثيرا وراسخا بنفس الوقت ..إذ بدأ تحالف جد إستراتيجي وعميق بين البلدين شمل مختلف المجالات السياسية و العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية ، وبلغت عام 2010م العلاقة الروسية - الصينية مكانة غير مسبوقة في تاريخ البلدين اللذان خاضتان فيما بينهما تنافسا شديدا طيلة فترة الحرب البارده وتباينت الماركسية والتجربة الاشتراكية ومفهوم وفلسفة الثورة بين موسكو وبكين حتى عرف العالم ( الماركسية اللينينية) و ( الماركسية الماوية ) ..لكن هذه التباينات تلاشت وذابت بل واختفت وحل بديلا عنها التكامل الاستراتيجي بين دولتين أصبحتا اليوم شبه مسيطرتان على القرار الدولي بشقيه الاقتصادي والعسكري بغض النظر عن مواقف وردود الافعال الأمريكية - الغربية وخطابهم السائد على الخارطة الدولية ..وكان ضمن هذا التحالف الاستراتيجي الروسي - الصيني قطعا ما يتصل بالجانب الاستخباري والأمني وهذا الجانب له مجالات متعددة وليس محصورا بالشق الاستخباري العام والمتعارف عليه بل هناك جانب استخباري اقتصادي واستخباري تقني واستخباري عسكري وسياسي ..وبعد تشكيل منظومة ( دول البريكس ) أدركت واشنطن وحلفائها فداحة التحديات التي تواجههم ، في وقت كانت فيه حدة الخلافات داخل مراكز صناعة القرار في واشنطن قد بلغت ذروتها ، إذ بدأ الحزب الديمقراطي يحمل الجمهوريين مسئولية ما وصلت اليه البلاد داخليا وخارجيا ، ففي الداخل أنقسام في أوساط النخب المعنية بصناعة القرار ناهيكم عن أنقسام الأجهزة السيادية الأمنية والعسكرية إضافة لمنظومة الازمات الداخلية في القطاعات الاقتصادية وحالة الركود الاقتصادي وأحتياجات البنية التحتية الملح لإعادة التاهيل في ضل سياسة خارجية لم تعود تعطي واشنطن أولوية في النفوذ وحالة ارتباك تكاد تجزم بفشل واشنطن في التحكم والسيطرة على الاحداث الدولية بما في ذلك الأحداث التي سعت واشنطن ذاتها لتفجيرها وصناعة ادواتها بهدف إخضاعها لسيطرتها والتحكم بتداعياتها حسب مخططاتها السابقة نموذج ( افغانستان والعراق ومكافحة الإرهاب وعملية سلام الشرق الاوسط ) وتلك بؤر صنعتها واشنطن بهدف توظيفها وأستثمار تداعياتها في التحكم بالنفوذ الروسي / الصيني ولكنها فشلت بحسب تداعيات الراهن الدولي وأحداثه ..؟!!
كل هذه التداعيات فتحت أبواب الصراع الاستخباري الأكثر عنفا ونشاطا من ذلك الذي شهدته الحرب البارده وكان الشرقين الأوسط والادني مسرحا لهذا الصراع والتنافس وكان ( جوليان أسانج ) بمثاية الثغرة التي تسربت منها أشعة هذا الصراع الاستخباري أضف لهذا أن ( أسانج ) حصيلة صراع داخلي أمريكي قبل أن يتحول إلى أداة صراع دولي وبتسهيل من مراكز القوى والنفوذ داخل مفاصل المؤسسات الأمريكية التي وصل رموزها إلى مرحلة العجز في التفاهم حول ألية تحسين المشهد السياسي الداخلي والخارجي للأدارة الأمريكية على ضوء نتائج الحملة على الإرهاب بعد أحداث سبتمبر 2001م ومدى نجاح هذه الحملة إستنادا لتعاون الحلفاء التقليدي لواشنطن وايضا مدى قدرة واشنطن في توظيف نتائج هذه الحملة لتحقيق مصالحها على الخارطة الدولية وعلى ضوء تداعيات نتائج الغزو على افغانستان والعراق ناهيكم أن نفوذ واشنطن يكاد ينتهي من قارة أفريقيا على حساب التمدد الروسي / الصيني وكذا الحال في قارة أسيا التي تقلص نفوذ واشنطن فيها على حساب تقدم الروس والصينيين ..؟!
أمام هذا المشهد الدرامي بتراجيديته وقف صناع القرار الأمريكي في حالة ذهول مما وصلت إليه الأحداث خاصة بعد أن بلغ التذمر أوساط ترويكا رجال المال والاعمال الذين هم وليس غيرهم من يقفون خلف عظمة أمريكا وقوتها ونفوذها وليس الكارتل السياسي ولا حتى العسكري الذين هم مجرد موظفين لدى الكارتل الاقتصادي الأمريكي الذين وحدهم من يملكون القرار ويتحكمون بمصير البلاد والعباد بل ويتحكمون بمصير العالم بأسره عبر ومن خلال المؤسسات المالية الدولية والشركات القابضة و( الدولار ) الذي يكاد يكون هو العملة الوحيدة التي تتحكم بالاقتصاد العالمي ..؟!
وبين نخب الحزبين النافذين الجمهوري والديمقراطي نماء تياران مؤثران هما ( المحافظين الجدد ) و ( الليبراليين السلفيين ) وفيما الجدل يحتدم بينهما وفي أوساطهما وأنتقل إلى الرأي العام عبر وسائل الإعلام بصورة تؤكد أن ( الفوضى الخلاقة ) كنظرية أمريكية معتمدة لم توجه للخارج بل طالت الداخل الأمريكي لأن الحاجة تستدعي ذلك ، ولهذا تم صناعة ( جوليان أسانج ) الذي ايضا لم يختار موسكو صدفة ولم يغادرها صدفة بل كانت ظاهرة الرجل مدروسة ليس بالضروره من قبله بل من قبل لاعبين كبار وأكبر حتى من القاعدين على كراسي البيت الابيض والبنتاجون والكونجرس والخارجية والمخابرات وأكبر ايضا من التيارات التي برزت داخل الحزبين المتناوبين على حكم أمريكا منذ نشأتها وحتى ما لانهاية ..؟!
يتبع |