ريمان برس - خاص -
تعرف مهمة الإعلام بأنه يقوم بصناعة الرأي العام وتوجيه الناس إلى حيث تكون مصالحهم الجمعية ويقوم هذا الإعلام بدور تثقيفي وتنويري يرسخ قيم الأنتماء والهوية الوطنية ويقود الرأي العام ويشكله بما يخدم المصلحة الكلية للمجتمع ويعزز مبدأ الولاء الوطني ..
هكذا يعرف الإعلام وهكذا يفترض أن يكون العمل الإعلامي الذي له في بلادنا ومنذ عرفناه عمل ورسالة وأهداف تتنافض حد التنافر مع التعريف العلمي للإعلام ..!!
نعم في بلادنا إعلامنا مأزوم ومشوه ومنحط بل ويخالف بمواقفه ورسالته كل التعريفات ناهيكم إن إعلامنا يسي بل ويحط من قدر الرسالة الإعلامية ويمتهن الكلمة ويجردها من شرفها بصورة جد مقرفة ومقززة ..
لم نعد نرغب باعلام وطني يعبر عن قضايا الشعب وأحلامه وتطلعاته الوطنية ، ولانرغب بإعلام يسخر قدراته دفاعا عن هموم الوطن وسيادته بقدر ما صرنا نحلم بإعلام مهني ينقل الأحداث كما حدثت فعلا لا أن يصنع أحداث وهمية وينقل ويروج لأخبار كاذبة ومزيفة لم تحدث أصلا في الواقع ولكنها تصنع وتفبرك من مخيلة صاحبها ثم تسوق عبر مختلف الوسائل المحلية والخارجية وكأنها حقائق حدثت فعلا ..
هذا الاسلوب الرخيص الذي يمارسه للأسف إعلامنا ضاعف ويضاعف من أزماتنا ناهيكم أنه يؤجج الفتن ويسوق الأكاذيب ويزيد من عوامل الفرقة والتمزق في الوسط الاجتماعي ..
فإعلامنا الرسمي نجده يسبح بحمد من يحكم ويشيطن كل من يخالف الحكام وإعلامنا المعارض - هكذ نصفه مع علمنا أن لا معارضة توجد في بلادنا - هذا الإعلام بدوره سخر نفسه في سبيل شيطنة من يحكم وتلميع من يخاصم الحاكم في المقابل يعمل الإعلام الحزبي في تقديس رموزه ومن يموله فيما ثمة إعلاما أهليا أن جاز التعبير مهمته تنحصر في تحقيق مكاسب لأصحابه وإبتزاز من يحكم ومن يعارض ..؟!!
بيد أن أزماتنا الراهنة يتحمل فيها الإعلام النصيب الاكبر في عوامل تأجيجها لأن رسالته أمتهنت الإثارة والبحث عن عورات الأخر والتشهير وقد عملت السلطات المتعاقبة على تكريس هذه الصورة وصناعة إعلام مشوه ومنحط وكاذب ومزيف وقد انتقلت العدوى إلى شبكات التواصل الاجتماعي التي نجد 80℅ مما يتداول فيها عبارة عن أخبار ومعلومات كاذبة وتخاريف تعبر عن حالة إنحطاط يعيشها الوعي الجمعي وهذا ما يرغب به صناع القرار وأطراف الأزمة الذين يخوضون صراعا محتدما فيما بينهم ،صراعا ليس من أجل دين أو وطن أو مصالح الشعب بل من أجل مصالح أطراف الصراع أنفسهم الذين استطاعوا التغرير باتباعهم والتضليل عليهم وإيهامهم أن كل ما يقومون به هو من أجل الوطن وفي سبيل رفاهيتهم ومستقبل الشعب وتلك كلها اكاذيب لا تمت للحقيقة ودوافع الصراع بصلة ..؟!
ومؤخرا وفي ضل الحرب والتمزق الاجتماعي زاد السعار الإعلامي المزيف وزادت الأخبار الكاذبة وصار لكل طرف جيوشا من المفسبكين والمتوترين والموتوسين وإعلاميين ينشطون في أكثر من ميدان ومهمة كل طرف من هولاء هو تقديس جماعة وشيطنة كل الأخرين وعلى حساب المهنة وقيمها واخلاقياتها في ضل غياب الجهات المعنية بضبط الخطاب الإعلامي وفي ضل مباركة أطراف الصراع لهذا السلوك كلا لدوافعه وأهدافه ..
أن حل أزمتنا غدا هدف صعب ما لم يعاد النظر في الخطاب الإعلامي السائد وما لم يتم ضبط إيقاع الخطاب الإعلامي الذي وكما اسلفت لم نعد نرغب باعلام وطني يدافع عن قضايا الوطن والشعب بل نرغب بإعلام مهني يحتىرم عقل المتلقي وقبل هذا يحترم القائمين عليه أنفسهم .. فمتى وكيف يمكن أن يحدث هذا ويتحقق..؟!! |