ريمان برس -خاص -
كانت ثورة شباب الخوارج ضد الخليفة عثمان ثورة حقيقية ومبرره وتوفرت لها كل الشروط الذاتيه والموضوعية بعد إن رفض الخليفة كل العروض التي قدمت له من قبل الثوار او من قبل صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم وهم رفاقه وأصحابه ..وقد عبرت الثورة عن حالة رفض عارمة عمت الجسد الإسلامي ناهيكم أن الثورة كانت حصيلة إحتقانات متراكمة منذ واقعة السقيفة ومقتل زعيم الأنصار سعد بن عباده وإصرار قريش على مشروعها والانتصار له ..والملاحظ أن عهد أبو بكر أنهمك بحروب ما أطلق عليه ( حروب الردة ) وبها أنشغل الجميع على تثبيت أركان الدولة الوليدة التي جاء الخليفة عمر بمهمة تعزيز أركانها وتثبيت وترسيخ مؤسساتها ومع ذلك فقد قضى ثلاثة خلفاء قتلا لدولة تنازع رعيتها وكبارها وعقلائها السلطة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام الذي استطاع أن يجمع الناس حوله بعد أن ألف الله بين قلوبهم وأشار سبحانه لرسوله بالقول لو أنفقت عليهم ما في الأرض ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بين قلوبهم إكراما لك يا محمد هكذا قال الله لرسوله وهكذا جمع الرسول الكريم بحياته كل القبائل ورموزها وكبرائها الذين ادانوا له بالولاء والطاعة والسمع والتزام أوامره وبعد وفاته اندلعت التناقضات وتفجر بأس المسلمين فيما بينهم كما تفجرت النوازع والرغبات المسكونة في القلوب فشعر الأنصار بالغبن والقهر وشعرت قريش بالحاجة إلى تصفية خصومها وكان عهد الخليفة عثمان هو العهد المناسب فالخليفه الطاعن بالسن قد ركن في إدارة الدولة المترامية الأطراف التي ينتمي رعيتها لثقافات متناقضة ولعادات وتقاليد متباينة ولسلوكيات إجتماعية متنافرة ولم يكن الإسلام وثقافته قد وحد شملهم او تعمق في سلوكياتهم أو طمس معتقدات مكتسبة كانت تسيطر عليهم قبل دخولهم في الدين الجديد فجاء عهد الخليفة عثمان ليفجر كل النوازع والرغبات خاصة بعد أن أدرك الجميع حالة الفراغ الذي تركه رسول الله صل الله عليه وسلم فكان غياب الرسول. وإنقطاع الوتين ( الوحي ) وطغيان ثقافة الدنيا على قيم وثقافة الدين فرصة لخوض القبائل معركة إثبات الذات فكان الأنصار أول المحرضين رغبة منهم في الثأر لأنفسهم من حالة التهميش والإقصاء فيما كانت قريش توجه الأحداث إلى حيث تريد وبما يخدم مصالحها ..؟!
ولهذا رائنا كيف راهن الخليفة عثمان على دعم ( معاوية وعمرو أبن العاص ) اللذان وعداء الخليفة بالمدد لقمع الخارجين عليه ولكن هذا الدعم لم يصل وما كان له أن يصل فيما الفرية الكبرى بل الكارثه حين قرر الثوار بوعي أو بدونه تنصيب الإمام علي رضي الله عنه خليفة بعد مقتل الخليفة عثمان وهذا ما كان يخطط له ( معاوية ) وكبار قريش من القوى الإقطاعية الصاعدة ..!!
والملاحظ أن أشتداد المواجهة بين الخليفة عثمان وخصومه وضع الإمام علي رضي الله عنه في مأزق لكنه رضي الله عنه وجد نفسه في قلب الأزمة فلم يفلح في وساطته بين الخليفة وخصومه ولم يتمكن من ردع قرابة 120 ألف ثائر طوقوا مدينة رسول الله ومقر الخليفة لمدة شهرا كاملا ولم يكن في نيتهم القتل بل كان هدفهم أن يستمع الخليفة لمطالبهم العادلة والمشروعة ولكن الخليفة قرر أن لا يستمع لمن يريدوا نزع ما ولاه الله عليه وبعد شهر من حصار المدينة حدثت الكارثه بالاقتحام وتداخلت الأحداث وعمت الفوضى مدينة رسول الله وتم اقتحام دار الخليفة بل وتحول مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم إلى ( أسطبل للخيول لمدة ثلاثة أيام ) أنتهت بأقتحام قرابة 10 ألف مسلح منزل الخليفة وقتله والإعلان عن تنصيب ومبايعة الإمام علي أبن أبي طالب خليفة للمسلمين وكان هذا يعني نهاية فتنه سياسية وبداية فتنه دامية أكثر وبالا على أمة محمد رسول الله صل الله عليه وسلم ..بل يصح القول أن مقتل الخليفة عثمان أسس لبداية حرب أهلية بين المسلمين لاتزل مستمرة حتى اللحظة وستبقى إلا ما يشاء الله لها أن تستمر ..
فتنه أطرافها قريش وتحديدا بني أمية وعلى رأسهم معاوية وجماعته ومن الأخرى الإمام علي وبنو هاشم ومن والأهم من عامة المسلمين الذين والوا بنو هاشم لدوافعهم الخاصة وأخرون والوا معاوية وبني أمية وقريش لدوافعهم الخاصة أيضا وهناء لم يعد للدين مكانا في سلوكيات ومواقف فرقاء الصراع بل كانت الدنياء بكل ملذاتها ومآسيها هي الحاضرة في سلوك ومواقف وتصرفات وأفعال المتناحرين ..؟!!
شكل مقتل الخليفة عثمان فرصة لمعاوية ليرتدي كما قيل ( قميص عثمان ) ويرفض خلافة الإمام علي بل وضع شرطا للبيعه وهو تسليم قتله عثمان ..؟!!
وكان هذا الشرط شرطا تعجيزيا فهناك الأف المسلحين الذين اقتحموا منزل الخليفة ولم يكن بالأمر السهل تحديد هوية القتلة او معرفتهم ..؟!!
إذا من يمكنه أن يلبي طلب معاوية ؟ الذي كان مقتل عثمان بالنسبه له هدية من السماء ..!!
وزاد معاوية من غطرسته حين اتهم الإمام علي بمقتل عثمان أن لم يسلم القتلة ..؟!!
بل بقى هناك سؤال يبحث عن جواب حتى اليوم وهو من قتل عثمان ؟ وإلى أي فرقاء الصراع ينتمي القتلة ؟!
فالثوار لم يكون القتل في حسابهم بل كانوا يرغبون بالعدل ويطالبون الخليفة بالاستماع لمطالبهم ..إذا أين يقف دور مر وان بن الحكم ؟ وطلحة والزبير ؟ وهؤلاء الأخيرين لم يخفوا حماسهم للثوار بل ورغبتهم بالخلافة ..؟ ثم أين يقف الأنصار ؟ وأين يقف الثائرين القادمين من مصر والكوفه والبصرة ..؟! وما هو موقف الصحابة الذين التزموا الصمت ولزموا مساكنهم تاركين الأمور تسير إلى حيث تريد أو يريد أطرافها ؟
تساؤلات كثيرة وكبيرة تفجرت على أثر مقتل الخليفة والذي يعد حدثا وضع أسس تمزيق الأمة وعمت على أثره الفوضى والرعب والاقتتال ديار المسلمين ناهيكم أن هذه الحادثة شرعنت لكل حالة التمزق والصراع الذي بدأ عند مقتل الخليفة ونعيش تبعاته حتى اللحظة وإلى ما شاء الله له أن يكون فقد فتح مقتل الخليفة أبواب الفتن على مصراعيه وفتح أبواب التمرد والعنف وشرعن لسفك دماء المسلمين ونسى كل أطراف الصراع تعاليم السماء وتعاليم رسول الله وتمسكوا بحاجتهم الدنيوية وهي السلطة وعادت كل قيم وثقافة الجاهلية وتجاهل المتصارعين كل ما جاء به محمد أبن عبد الله عليه الصلاة والسلام بل حتى كتاب الله خضع للتفسيرات المزاجية وصار لكل طرف مفسريين وفقهاء يطوعون له أيات الله البينات كما يشتهي وبما يلبي رغباته ويبرر له أفعاله ولهذا كان كل طرف يرى نفسه على حق والآخر على باطل ويستند على ذلك بالكتاب والسنة والآخر يرى نفسه كذلك وتلك عاهة لانزل ندفع ثمنها حتى اليوم من خلال اتباع فرقاء الصراع الذين يراكمون تراثهم ويضيفون على الأحداث حكايات وأساطير فاقت أساطير بني إسرائيل ..؟!!
يتبع |