الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
الثلاثاء, 16-يناير-2018
ريمان برس -خاص -

لم تتعرض حركة سياسية وفكرية لحملة تشكيك وتشويه وإنتقاص ومؤامرات متعددة المصادر والأهداف كما هو حال الحركة الناصرية التي واجهت سلسلة المؤامرات والتشويه منذ بزغ نجمها في سماء أمتنا وحتى اللحظة ..لكن أخطر المؤامرات التي واجهتها الحركة الناصرية كانت من داخلها وخاصة بعد رحيل القائد المؤسس ..وأن كان ديننا الإسلامي وقيمه وإخلاقياته لم تؤثر به الحملات الصليبية التسع ولا الغزوات والمستشرقين كل هولاء لم يتمكنوا من تشويه صورة الإسلام في العالم فأن حركات مثل جماعة الإخوان والقاعدة وداعش والنصرة وبوكو حرام وأنصار الشريعة ومسميات أخرى كثيرة رفعت راية الإسلام وأستطاعت بأقل من عقدين أن تشوه ما لم يتمكن من تشويهه أعداء الإسلام منذ ألف وأربعمائة عام ..الأمر كذلك فيما يتعلق بمسار الحركة الناصرية التي تضاعفت المؤامرات عليها ومحاولة تهميشها بعد رحيل قائدها ومؤسسها القائد الخالد جمال عبد الناصر ..وبعد أن تحول منتسبيها من مناضلين يؤثرون على أنفسهم ولوا كان بهم خصاصة إلى سياسين محترفين يمارسون العمل السياسي بأبشع صوره مثلهم مثل  بقية المكونات السياسية في المجتمع العربي التي. جاءت الناصرية لتقضي عليها وعلى إنتهازيتها..
في سبتمبر إيلول 1952م زار القاهرة وفد سياسي وأمني أمريكي برئاسة الأخوين ( دلاس ) جون فوستر دلاس وزير الخارجية الأمريكي _ حينها _ وشقيقه آلن دلاس رئيس وكالة الإستخبارات الأمريكية والمهمة إستكشاف ومعرفة هوية القيادة المصرية الجديدة ومعرفة توجهاتها السياسية ..ليغادر الوفد الأمريكي بعد يومين القاهرة وكل أعضائه تائهين غير قادرين على تحديد ومعرفة هوية الحكام الجدد في مصر بل عاجزين عن معرفة حقيقة من يحكم مصر الثورة ليعود ذات الوفد في أكتوبر من نفس العام وبصحبة صحفي أمريكي متخصص بشئون الشرق الأوسط ومرتبط بجهاز المخابرات الإمريكية وهو الصحفي مايلز كوبلاند..وفي هذه الزيارة التقى الوفد بكامل أعضاء مجلس قيادة الثورة ويقول كوبلاند في كتابه الشهير ( لعبة الأمم ) إنه وخلال اللقاء أستوقفهم تصرف اللواء محمد نجيب الذي كان يتحدث للوفد ونظراته تتجه صوب ذلك الشاب الأسمر الذي يشغل منصب وزير الداخلية وهو البكباشي جمال عبد الناصر ليدرك كوبلاند بحدسه أن ذلك الشاب هو من يحرك المجلس ويقود البلاد وليس اللواء نجيب ونصح كوبلاند الوفد الأمريكي بلقاء منفرد مع البكباشي ناصر وفعلا تم ليخرج الوفد الأمريكي أكثر قناعة بحدس كوبلاند وبصعوبة التعامل مع هذا البكباشي الذي يختلف جذريا بطروحاته وثفافته الواسعة عن كل قادة الشرق ..خلال اللقاء قدم ناصر للوفد الأمريكي مجموعة طلبات حملت في طياتها هوية النظام الجديد في مصر وحاولت واشنطن المراوغة والتسويف بهدف تطويع النظام غير إنها فشلت ومع توقيع إتفاقية الجلاء ومغادرة بريطانيا وجنودها مصر أوائل العام 1954م وإقتناع واشنطن بفشلها في تطويع قيادة مصر الثورية بدت أزمة مجلس قيادة الثورة مع جماعة الإخوان وكانت شرارتها حادثة ( المنشية ) التي أستهدفت حياة القائد جمال عبد الناصر ثم تطورت الأزمة التي عرفت بأزمة مارس 1954م والتي خرج على إثرها اللواء نجيب من القيادة إلى جانب عضوين من أعضاء المجلس ينتمون لجماعه الإخوان الذين فجروا الأزمة بعد أن طلبوا بمشاركتهم الكاملة لكل ما يصدر عن المجلس بل وطالبوا بأن لا يصدر أي قرار من مجلس قيادة الثورة إلا بعد عرضه عليهم وموافقة مكتب المرشد عليه..?!!
كانت توجهات عبد الناصر قبل وبعد أزمة مارس 1954م تثير حفيظة القوى الرجعية والإقطاع وحلفائهما من المحاور الإقليمية والدولية وكانت واشنطن قد وصلت لقناعة تامة حسب مذكرات سفيرها في القاهرة أنذاك بأن عبد الناصر ليس مصدق وأن مصر لن تكون إيران وكانت واشنطن قد أخمدت عام 1951م ثورة محمد مصدق في إيران التي قامت ضد الشاه محمد رضاء بهلوي ولكنها لم تستمر أكثر من ستة أشهر لتسقطها المخابرات الأمريكية وتعيد الشاه لعرش إيران ..بعد أن حسم صراع مارس لصالح الثورة والجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية من الثورة حاول الأمريكيون جر الثورة ومصر وعبد الناصر عبر مشروع إستعماري جديد أطلق عليه ( حلف بغداد ) ووقفت مصر عبد الناصر ضد حلف بغداد وبكل قوه بل عملت ثورة يوليو على إسقاط نوري السعيد ونظامه في العراق وكان حلف بغداد قد دفع واشنطن إلى تقديم الكثير من المغريات لمصر لكن عبد الناصر كان واضحا وصادقا وصريحا حين أبلغ واشنطن أن التهديد والخطر بحق مصر والوطن العربي لن يأتي من الأتحاد السوفييتي ولا من الشيوعية بل من العدو المرابط على حدودنا والمزروع في قلب أمتنا بدون وجه حق ..بالمقابل كان قانون الإصلاح الزراعي قد أثار قوى الرجعية والإقطاع في مصر والوطن العربي كما اعتبرته واشنطن ولندن وباريس مؤشر لتوجه غير مسبوق في سياسة كبرى دول المنطقة ونجاحه يعني إحداث تحول جذري في هوية المنطقة وهذا يشكل قلق للمحاور الإستعمارية التي سخرت أذنابها وطوابيرها للبدء بشن حملات إعلامية وفتاوي وخطابات دينية تكفر ناصر وتعتبر ثورته ثورة شيوعية معادية للعروبة والإسلام ووقفت قوى الرجعية العربية خلف هذه الحملات التحريضية ضد ناصر وثورة يوليو وكانت الرجعية العربية تخشى توجهات ناصر الثورية في الجانب الاجتماعي والجماهيري فيما بريطانيا غاضبة من طرد ناصر لقواتها من مصر وضرب أوكارها النخبوية من رموز الحياة السياسية الفاسدة والمرتهنة..فيما فرنسا حاملة على ناصر لتبنيه سياسة إعلامية مناصرة للشعب العربي في الجزائر في ذات الوقت كان عبد الناصر يتطلع لبناء السد العالي ويخوض معارك متعدده من أجله مع محاور النفوذ كما كان يسعى لتأهيل قوات الجيش والشرطة بأسلحة ومعدات حديثة تليق بمصر وبدور جيشها ..معارك تخللها مؤامرات متعدده الأهداف والدوافع وكلها تصب في إتجاه تطويع الإرادة العربية وأحتوى قيادة مصر الثورية ولكن هيهات ..
كان ناصر وبمجرد أن تولى مهمة قيادة مصر رسميإ عام 1954م قد أوجد جسور علاقة مع كل من نهرو في الهند وتيتو في يوغسلافيا وأحمد سيكتوري في اندونيسيا ونكروما في أفريقيا وما أن أطل العام 1955م حتى عقد أول لقاء قمة لمجموعة دول عدم الإنحياز وفيه طلب ناصر من نهرو التعاون معه لتسليح مصر بسلاح سوفيتي فجاء الرد سريعا من الرئيس جوزيف بروز تيتو رئيس جمهورية يوغسلافيا وهكذا وفي أقل من شهر وصلت مصر أكبر صفقةسلاح سوفييتي وهذا حدث مزلزل للغرب إذ كانت هذه أول صفقة تقوم به دولة عربية وشرق أوسطية مع السوفييت حيث كان تسليح المنطقة بكاملها تتم بواسطة بريطانيا وامريكا وفرنسا وهذه الخطوة تعد سابقة خطيرة وتحدي غير مسبوق من قبل حاكم عربي  لإرادة محاور النفوذ الغربية ..!
وكرد فعل وجهت واشنطن ولندن البنك الدولي برفض مشروع تمويل السد العالي حلم ناصر وعنوان تحولاته بعد قانون الإصلاح الزراعي وكانت هذه أخر محاولات واشنطن لتركيع مصر بعد أن جندت ضد الثورة والقائد كل مرتزقتها وأذنابها وأتباعها من قوى الرجعية والإقطاع بل ومن حركات سياسية كانت تزعم إنها مع الحرية والديمقراطية ..
كان ناصر يعمل بكل وتيرة لإستقلال مصر سياسيا وأقتصاديا وكما أخرج القوات البريطانية وأسقط حلف بغداد كان لابد من إكتمال السيادة وإستقلال القرار السيادي بتاميم شركة قناة السويس وهو القرار الذي لم يأتي من باب رد الفعل على رفض تمويل مشروع السد العالي بل لإكمال إمتلاك القرار السيادي العربي المصري ولو أن البنك فعلا وافق على تمويل السد لكان القائد أيظا أمم شركة قناة السويس كحق سيادي عربي مصري ولا تستكمل الثورة مقوماتها الثورية إلا بهذا القرار ..
يتبع

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)