ريمان برس - متابعات - وكالات - يعتبر الإنشاد الديني في اليمن من أبرز طرق الاحتفاء بالمناسبات الدينية المختلفة، وفي مقدمتها شهر رمضان، الذي تعمّر لياليه بروائع الأناشيد والموشحات الروحانية باعتبارها، وفقاً لمحبيها، الأكثر اتساعاً للتعبير عما تجيش به النفوس لتحلق في أجواء الصفاء والنقاء الإيماني.
واعتاد اليمنيون سنوياً مع قرب حلول شهر رمضان حجز المنشدين، خاصة في العاصمة صنعاء، لإحياء ليالي هذا الشهر بجلسات السمر العامرة.
محمود كارم، وهو أحد أبرز نجوم الإنشاد في محافظة عدن جنوب اليمن، قال في هذا الصدد، إن لديه برنامجاً لإحياء كل ليلة في رمضان بالأناشيد كتقليد سنوي اعتاد عليه. وأشار إلى أن هذا البرنامج يتضمن إحياء سهرات في عدن ومدن أخرى بدون الحصول على مقابل.
وأوضح أن «الطابع الروحاني والوجداني» يغلب على النشيد، باعتبار رمضان شهراً إيمانياً يستدعي التعاطي مع قيمه وفضائله في الذكر وقراءة القرآن والتسامح وتعزيز جسور التواصل والمحبة بين أفراد المجتمع.
وعلى غير العادة طوال العام، يجتمع في رمضان منشدون وفنانون في مجالس واحدة، يتبادلون الحديث ويشتركون في أعمال واحدة، وخاصة تلك الدالة على الخير والتعاون وحث الناس على التسامح ونبذ التطرف، في انعكاس لتجليات رمضان وأثره على النفوس المجبولة على التغيير، وفقاً لهم.
ومع مرور الوقت، أصبح للإنشاد اليمني مدارس مختلفة بفضل عدد من نجومه الذين أوصلوه إلى العالمية سواء من خلال مشاركاتهم في المسابقات العربية، التي فاز بعضهم خلالها بجوائز عالية، أو من خلال الإنتاج الذي يلاقي رواجاً وانتشاراً واسعاً، وهو ما جعل من الإنشاد اليوم تراثاً شفهياً عالمياً اعترفت به منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» ودعت إلى الحفاظ عليه، وقد ساهمت لهذا الغرض في تأسيس «جمعية المنشدين اليمنيين» في العام 1989.
يتناول المنشدون موضوعات مختلفة في مديح نبي المسلمين والوحدانية والسمو الأخلاقي، وتنظم «جمعية المنشدين» مهرجاناً سنوياً في رمضان ترعاه وزارة الثقافة اليمنية يتم خلاله تقديم العديد من النماذج للإنشاد والموشّحات اليمنية، التي تنوعت أشكالها وأساليبها على مرور الزمن، ما جعل منها مدرسة رائدة في الإنشاد الديني حول العالم.
من جانبها، تحرص الأسر اليمنية على إحياء الموالد النبوية والليالي الرمضانية، حيث يؤدي المنشدون أعمالاً من دون مقابل، عدا الأناشيد المصورة التي تبث على القنوات التلفزيونية، كما أن هناك منشدين ينظمون فعاليات في مسارح مفتوحة تكون متاحة للجمهور.
وتبرز عادة معروفة باسم «التماسي»، التي تؤديها أفواج من الأطفال من خلال ترديد شعر «التمسيات» الذي يتجدد بحلول رمضان، فيحلو في الشفاه والأسماع، وهو نشيد طفولة لا تؤديه إلا زمر من الأطفال.
وتحفل العادات والطقوس الرمضانية في اليمن بمجالس السمر المنتشرة في الريف والمدينة. وتنظم هذه العادات في «ديوان» كبير يرتاده أهل الحي بعد أداء صلاة التراويح، التي تعقب صلاة العشاء، وذلك حتى وقت السحور قبل الفجر، ويتخللها إلقاء القصائد والتهليل وإمتاع النفوس بالأصوات الجميلة.
(عن «الأناضول») |