ريمان برس -
دمت يا سبتمبر التحرير يا درب النضالي. احد أبرز مهندسي الثورة السبتمبرية وممولها هو المناضل عبد الغني مطهر العريقي.. الذي يعد بمثابة الصندوق الأسود لتنظيم الضباط الأحرار الذي تأسس في منزله في مدينة تعز وتحت رعايته، وهو الرجل الذي ارتبط بعلاقة شخصية مع الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وكان حلقة وصل بينه وبين التنظيم والثوار في اليمن..
المناضل عبد الغني مطهر الذي دفع غاليا ثمن نضاله الوطني حين زج به في سجن الرادع بعد انقلاب 5 نوفمبر ولولا تدخل الزعيم ناصر لكانت جماعة نوفمبر تخلصت منه..
عبد الغني مطهر العريقي وفي لقاء قصير جمعني به في منزله في تعز بعد الوحدة وبعد مرحلة من النفي خارج الوطن كان قد أصدر كتابه اليتيم "يوم ولد لليمن مجده" سرديات الكتاب لم تكن أكثر من مفردات عتاب لكل من كانوا حاضرين مرحلة الاعداد للثورة ومن شارك فيها ومن انقلب عليها.. كان يمكن لهذا الرجل أن يفضح الكل من المتشدقين، وكان يمكن له ان يخرس السنة الكثير من المتقولين ومدعي البطولة، لكنه لم يفعل بما عرف عنه من دماثة اخلاق وتواضع، وثقة بالله والمستقبل والتاريخ بأنصافه وأولئك النشطاء الحريصين على إعادة كتابة تاريخ الثورة وتنقيته من مزاعم الابطال الوهمين وما أكثرهم في تاريخ ثورتنا، لدرجة صرنا نستغرب أن كان كل هؤلاء الذين ركبوا قطار الثورة، كانوا ثوار سبتمبرين، فمن إذا كانوا يمثلون الثورة المضادة وقاتلوا الثورة والثوار..؟!
المناضل عبد الغني مطهر كان يبتسم حين تحدثه عن فلان وفلان وعن أدوارهما، لكنه لم يذم احد، ولم ينتقص من كلام احد بما فيهم المتقولين، بل كان يرد بابتسامة صفراء لا تخلوا من السخرية المبطنة، لذا كان كتابه بمثابة سرديات عتابية وتساؤلات، وكأنه يقول لكل من اعطوا أنفسهم أدوار ومكانة في قطار الثورة :قليلا من المصداقية، قليلا من الخجل، وإذا ما حاولت أن تلح عليه ليعطيك ما في جعبته من حقائق، كان يعطيك ردا مقنعا مفاده لمن يفهم كلام وإيحاءات الرجل كفاية تأجيج الفتن، وكفاية ما دفعت البلاد والثورة والشعب وحتى الثوار من اثمان بسبب تأجيج الفتن، كان حريص _رحمه الله _على تحمل الظلم بحق نفسه من أن يصارح ويدفع الآخرين ثمنا قد تنجر لدفعه البلاد والعباد، وتكون النتيجة الإطاحة بما بقى من هامش الثورة والجمهورية..!
لا أعتقد أن هناك مناضل تحمس للثورة وقدم لها الدعم المادي والمعنوي والجهد والسهر مثل المناضل المرحوم عبد الغني مطهر العريقي، ولا أعتقد أن هناك شخص ظلم وظلم فادح طاله مثل المناضل عبد الغني مطهر الذي منعه حبه لوطنه ولثورته أن يخوض مع الخائضين في معركة الجدل البيزنطي ولكنه فضل الصمت، لكن في كتابه الذي حمل سطور العتاب سيجد القاري الحصيف من الحقائق ما يدفعه لتسخير نفسه بحثا عن حقائق أكد عليها هذا المناضل لكنه لم يفصح عنها بل جعل مهمة البحث عنها لغيره من الباحثين الذين يهمهم المعرفة..
الله ما اعظمك أيها المناضل الكبير والزعيم الوطني الأصدق الذي لم يضع نفسه وهو الكبير أمام تخرصات جدلية لمدعي الثورية، موقف سجله هذا المناضل العظيم من أجل الثورة واستقرارها ومن أجل الوطن وتقدمه والشعب ووحدته، لم يسجله غيره سوي الشهيد على عبد المغني الذي ترك المناصب والكراسي ونزل الميدان لمقارعة فلول القوي الرجعية ومرتزقتها، الشهيد على عبد المغني الذي لم تغتاله قوي الثورة المضادة بل اغتالته رصاصة الغدر التي تلقاها من الخلف وليس من الامام.. ولكن..؟!
التاريخ حتما سوف ينصف هاذين الرمزين الوطنيين اللذان ستظل أسمائهما محفورة في تجاويف الوعي الوطني وفي ذاكرة الوطن وسجلاته..
تحية نضالية لهما في ذكرى ثورة تركوا عليها بصماتهما رغم محاولة طمسها وتجاهلها من قبل مدعيي الثورة وَمزوري التاريخ وأحداثه..
المناضل المرحوم عبد الغني مطهر لروحك السكينة والخلود أيها المناضل العصامي الذي ننسبه لأولئك الذين قال الله عنهم "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"..
الرحمة والخلود للثائر الزاهد الملازم على عبد المغني.. الذي ضحى من أجل وطن وشعب..
الرحمة والخلود للمشير ابن البلد والأمة الرئيس عبد الله السلال.. الزعيم الذي كافح رغم وقوعه بين سندان القبيلة ومطرقة الحزبية الطائشة والحسابات الإقليمية والدولية لكنه يبقى البطل الذي لم يخذل أهله.
الرحمة والخلود لكل شهداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ولكل من سقط في معارك الدفاع عن قيم واهداف واحلام الشعب اليمني.
صنعاء في مساء سبتمبري مجبول بكل ايات الشموخ والكبرياء. |