ريمان برس - 🚨
العنوان: الانهيار الصامت - كيف تجتمع3 كوارث- المناخية -والآفة البيولوجية لتمحو -مخزون مياه اليمن؟
مقدمة: مفارقة البقاء والمساهمة الصفرية
يقف اليمن اليوم، البلد صاحب أدنى بصمة كربونية عالميًا، في مواجهة أعلى درجات الخطر المناخي والإنساني. إنها مفارقة مدمرة، حيث يجد شعب منهك بالصراع نفسه محاصرًا بثلاثة تهديدات وجودية تعمل بتناغم قاتل:
الجور العالمي: منع التمويل المناخي الحيوي.
الفوضى المحلية: استنزاف المياه الجوفية بلا رادع.
الغزو البيولوجي: شجرة البروسوبس القاتلة.
هذا التقرير يطلق صيحة إنذار أخير حول المسار الذي يقود اليمن إلى جفاف بيئي واجتماعي لا رجعة فيه.
الجزء الأول: حصار التمويل.. الضحية التي تُعاقب مرتين
إن مشاركة اليمن في مؤتمرات عالمية مثل "كوب 30" لا تعدو كونها عرضًا لمأساة تمويلية، في وقت يتسارع فيه ارتفاع درجة حرارة الأرض.
علم المناخ والخسارة الاقتصادية: يواجه اليمن مباشرة التبعات القاسية لارتفاع الحرارة العالمية، متمثلة في تزايد موجات الفيضانات المفاجئة والجفاف الممتد، مما يدمر البنية التحتية الهشة ويخسف بالناتج المحلي الإجمالي، كما حذر سيمون ستيل. إن البنية التحتية، التي لم تُصمم لمقاومة هذه التقلبات العنيفة، تنهار تاركةً خلفها أجيالاً تعتمد على المساعدات.
الحاجز البيروقراطي والإنساني: رغم الحاجة الماسة لـ 1.3 تريليون دولار سنويًا لدعم الدول الأكثر عرضة للمناخ، فإن اليمن لم يتمكن من تأمين سوى تمويل محدود لعدد ضئيل من المشاريع (خمسة مشاريع في 2018-2022). إن التعقيدات البيروقراطية وغياب المؤسسات الوطنية المعتمدة تعيق وصول التمويل من صناديق مثل صندوق المناخ الأخضر. هذا العرقلة البيروقراطية ترتقي إلى مستوى الفشل الإنساني العالمي في إنقاذ مجتمعات هي الأقل مسؤولية عن الأزمة.
الجزء الثاني: انتحار الأحواض المائية وهاجس "القات"في ( السياني السحول ذي السفال -..)
إن الأزمة المناخية تُفاقمها "إدارة فاشلة" داخلية، حولت استخراج المياه الجوفية إلى عملية متاجرة عشوائية تهدد بقاء الأحواض المائية.
التهديد الوجودي للمياه الجوفية: يقع اليمن ضمن نطاق جغرافي شبه جاف، لا يتجاوز فيه معدل هطول الأمطار السنوي 108-114 ملم، وهو معدل لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، مما يجعل الاعتماد على المياه الجوفية خيارًا وحيدًا لكنه فتاك.
الحفارات والفوضى الإدارية: الخطر الداخلي يتمثل في غياب الرقابة المؤسسية وفساد التعيينات، مما يسهل المتاجرة بتراخيص الحفر. إن استمرار منح التراخيص الجديدة لحفارات (مثل حالة "هيثم عبده ناجي" الذي يوسع بئره) يمثل استنزافًا جائرًا يفرغ الخزانات الجوفية بوتيرة أسرع من قدرة الأرض على التجديد.
التضحية بالماء من أجل "القات": إن الاستخدام غير الرشيد للمياه يظهر بأبشع صوره في القطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من 90% من إجمالي الموارد، يذهب معظمه لري شجرة "القات" بتقنيات ري بدائية. إن هذا النمط الاستهلاكي يعني أن اليمن يضحي بآخر قطرات مائه الجوفي من أجل محصول غير غذائي، مما يعمق أزمة انعدام الأمن الغذائي ومعاناة الفئات الهشة.
الجزء الثالث: الغازي البيولوجي - شجرة البروسوبس (الحوجم)
في خضم هذا الصراع على كل قطرة ماء، تظهر شجرة البروسوبس (Prosopis juliflora) كـ "مصيبة وآفة" تنهي ما تبقى من أمل.
جذور السارق: علميًا، يتميز البروسوبس بجذور عميقة قد تصل إلى 30-50 مترًا، تعمل كـ مضخات طبيعية عملاقة تسحب كميات ضخمة من المياه الجوفية مباشرة، مما يسرّع من تجفيف الآبار وخفض منسوب الأحواض المائية التي تحاول الدولة الفاشلة إدارتها.
المنافسة البيولوجية القاتلة: لا تقتصر خطورة البروسوبس على استنزاف المياه، بل تمتد إلى الإبادة النباتية عبر آليتين: المنافسة الشديدة، وربما الخاصية الأليوباثية (Allelopathy) التي تطلق مواد كيميائية سامة تثبط نمو المحاصيل والنباتات البرية المفيدة.
التكاثر المروع: إن قدرتها على إنتاج غزير للبذور التي تنتشر عبر الحيوانات، وقدرتها العنيدة على التجدد بعد القطع (coppicing)، تجعل منها عدوًا يصعب هزيمته، يلتهم الأراضي الزراعية ويحولها إلى شجيرات كثيفة لا يمكن استغلالها.
النداء الأخير: العد التنازلي للزوال
إن تضافر هذه التهديدات يشكل معادلة صفرية لحياة الإنسان في اليمن: |