ريمان برس -
كان يحمل قلب يتسع لكل أبناء اليمن، وكل اليمنيين كانوا أهله، لم يكن طائفيا ولا مناطقيا، ولم يكن يكترث لنزق الساسة، بل كان يبتسم للجميع، كان يستفز أن تعامل معه أيا كان بلهجة طائفية أو مناطقية، لانه كان يشعر أن اليمن كلها "قريته" وليست" قرية قرض" ولا "حيفان" ولا حتى " تعز" كان يرى كل هذه النطاقات التي ينتمي إليها جزءا من قريته الكبيرة اليمن..
ذات يوم جاهر أحدهم في وجه بلغة مناطقية قذرة فاثار غضبه ووجه إليه " صفعة مدوية" داخل مبنى الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء، قضية اوصلته إلى مكتب القاضي الإرياني رئيس الجمهورية خلال اقل من ساعة وطالبه بوضع حد لتسويق النعرات الطائفية والمناطقية والا فالبلاد سوف تذهب لطريق لا يعلم لها نهاية إلا الله وحده..!
كان في تلك القضية التي استفزته ليس جادا وحاسما، بل تلبسته كل القيم الوطنية الأصيلة، وبدأ مستعدا لمواجهة أيا كان ومهما كان، يريد تكريس ثقافة طائفية و تجزئة الهوية الوطنية الجامعة..
وكان سبب تلك الأزمة تفوه أحدهم بكلمات مناطقية وعنصرية مقيته حين قال بنبرة تعالي وغطرسة " قدروا كم هي املاك أصحاب تعز بصنعاء وانا ادفع ثمنها ويرحلوا من صنعاء"..؟!
لم يتحمل الحاج هائل سعيد، هذا الطرح المقيت والمستفز وهو المعروف بحصافته وتسامحه وحبه لكل أبناء وطنه، ولم يفرق يوما في تعامله مع أي يمني،لكن كلمات ذلك المتغطرس اثارته، وكان الرد عليها واجبا لا يحتمل التهاون والمساومة والتسويف، بل يجب أن يتماهي الرد مع مكنون الطرح، في مرحلة كانت فيها البلاد تغلى بمثل هذه الترهات، وتعيش على فوهة بركان بسبب الخطاب الطائفي، الذي دفع بالنهاية القاضي الإرياني نفسه الي طلب المقدم ابراهيم الحمدي وتحميل الجيش مسؤلية أمن البلاد من طوفان كان على وشك الحدوث..!
عرفه كل وجهاء ورموز البلاد وقادتها السياسين والعسكرين في شمال الوطن وجنوبه، وعرفه شيوخ القبائل، وكل هؤلاء أجمعوا على وطنيته وحبه لأبناء وطنه، وعرفوا أن أكثر ما يكرهه الحاج هائل هي النعرات الطائفية والمذهبية التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد..
كان _رحمه الله _يسامح بحقه أن تعرض لأي اذي شفوي أو حتى محاولات الاعتداء الجسدي التي تعرض لها وسلمه الله منها، وعفى وصفح وأكرم من قاموا بها ومد لهم يد العون بطيب خاطر، لكنه لم يكن يحتمل غطرسة أصحاب الخطاب الطائفي والمناطقي وكان رده عليهم حاسما وغير قابل للمساومة، لأنه _رحمه الله _كان يدرك في بصيرته الثاقبة عواقب مثل هذا الخطاب على السكينة الاجتماعية والهوية الوطنية والوحدة الوطنية.. كان رجل أعمال، ولكنه ايظا كان سياسيا يدرك عواقب ثقافة الانفلات وان لم يمارس السياسة، لكنه كان يرى أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، وعنده يقين ان الاقتصاد هو سياسة، والسياسة هي اقتصاد، وهما يكملان بعضهما، فلا اقتصاد بدون استقرار سياسي، ولا سياسة بدون اقتصاد تنموي يلبى تطلعات الوطن والمواطن، ولهذا ربط _رحمه الله _ تطور أنشطة المجموعة بتطور الأنماط الاستهلاكية للمواطن، وتطور قدراته وثقافته الاستهلاكية.
حرص رغم التقلبات السياسية الوطنية على إستقلالية قرار وإدارة وأنشطة المجموعة رافضا كل العروض المغرية التي عرضت عليه، من قبل رموز السلطة والمجتمع بشراكة وتسهيلات، الأمر الذي كان سيعود على المجموعة بأرباح ومكاسب خيالية، رفضها كلها دون تردد أو نقاش، واوصي كل أعضاء الأسرة الكريمة بالابتعاد عن هكذا صفقات، مفظلا أن تنمو المجموعة بقدراتها الذاتية، معتبرا العلاقة مع الطبقة السياسية من أبرز الأسباب التي تؤدي للفشل..!
كانت المجموعة من اوائل المجموعات الاقتصادية والتجارية التي فتحت سجلات حركتها التجارية وانشطتها أمام الجهات الوطنية المعنية بالأمر، وبشفافية ووضوح، ولم يعرف عن المجموعة انها تعاملت بطرق مشبوهة أو بحيل وتحايل، رغم العروض التي عرضت عليها بتسهيلات مغرية ومن قبل من احتلوا مكانتهم على رأس هرم السلطة، لكن الحاج هائل _رحمه الله _ رفض كل تلك العروض، وفضل السير في طريق النموء الذاتي، والتعامل بشفافية مع كل الجهات، والحفاظ على عصامية المسار ونقاء السيرة، مهما كانت تبعاتها مؤلمة..
إنه الحاج هائل سعيد أنعم _رحمه الله _الذي أصبح اسمه بفضل هذا السلوك العصامي يمثل مفتاح الثقة بالمجموعة، التي أصبحت تتصدر أنشطتها المحافل الاقتصادية الإقليمية والدولية، وأصبحت " اليمن السعيد" تعرف من خلال أسم "هائل سعيد أنعم" الأسم الأكثر احتراما وثقة لدى القطاعات الاقتصادية والتجارية الإقليمية والدولية،التي تتعامل مع اليمن من خلال بوابة مجموعة هائل سعيد أنعم، وليس من خلال السلطات الرسمية ووزاراتها وحكوماتها،الذين فقدو ثقة أتباعهم وثقة الشعب بهم، فكيف الحال مع دول ومؤسسات اقتصادية دولية، ترى فيهم مجموعات "لصوص وقطاع طرق" غارقين في مستنقع الفساد، ليس من اليوم، بل منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي_ وهذا سوف نستعرضه في تناولات قادمة _ لأنها سيرة وانفتحت.
وحقا وواجبا علينا الدفاع عن هذا الصرح الاقتصادي الوطني وعن مؤسسيها ورموزها، وأسرة أعطت الوطن الكثير من مقومات التنمية والاستقرار الاقتصادي، وادخلت بصماتها الي كل بيت في كل مدن وقري الجمهورية اليمنية، بمعزل عن ثقافة الحقد التي يسوقها بعض المأجورين.. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله. |