ريمان برس -
مع تفجر الأزمة بين الرئيس والنائب، تلقيت " ذات يوم ضرفا من مجهول" يحتوي على معلومات مهمة وخطيرة عن دور " السفارة الأمريكية" في تأجيج الأزمة، وتحديدا دور السفير "إرثر هيوز" اعدت صياغة تلك المعلومات ونشرتها على حلقتين في الصحيفة، كانت السفارة الأمريكية تزودنا بالنشرة اليومية الصادرة عن الخارجية الأمريكية، كما كانت ترسل لي دعوات لمؤتمرات وحفلات " غداء وعشاء" تقيمها السفارة، ولم أذهب بحياتي، ولم ألبي أي دعوة للسفارة، حتى فوجئت باتصال من السفارة من،" سيدة تتحدث العربية بلهجة شامية" قدمت نفسها لي بأنها " المسئول الثقافي بالسفارة" ، سألتنا اولا أن كانت نشرتهم تصل إلى " الصحيفة".. أجبتها بنعم.. ثم تسألت عن الدعوات.. أجبتها كذلك بأنها تصل ولكني أعتذر عن تلبيتها، وحين سألتنا لماذا؟ قلت لها، لا يشرفنا احضر لسفارة دولة تقتل أطفال العراق وفلسطين؟!
ولم أنسى جريمة ملجي العامرية في العراق فذكرتها بجريمة بلادها البشعة التي ارتكبتها بدم بارد بحق نساء واطفال العراق في جريمة راح ضحيتها أكثر من خمسمائة مواطن عراقي .!
تفجرت حرب صيف 1984م التي لعب السفير الأمريكي في صنعاء " أرثر هيوز" دورا أساسيا في إشعال فتيلها، لدرجة إنه كان ينقل اخبار كاذبة من النائب للرئيس، ومن الرئيس للنائب..!
في تلك الفترة، سخرت نفسي وفكري وقلمي دفاعا عن الوحدة والوطن والشعب والقدرات.. لم أكن منحازا لغير الوطن والشعب وقدراتهما، التي تدمر، وكنت اعبر بوضوح عن قناعتي وعن الأخطاء التي ترتكبها النخب في السلطة والمعارضة..!
لم يقف الأمر هنا بيني وبين موظفي السفارة الأمريكية وأصدقائها..!
في منتصف عام 1994م والأزمة مشتعلة بين شركاء الوحدة زارني احد الزملاء وعرض عليا زيارة للولايات المتحدة الأمريكية، ضمن برنامج للصحفيين تنظمه الملحقية الثقافية والإعلامية في السفارة، بالتعاون مع جهات أمريكية أخرى تحت عنوان ( الصحفي الزائر) ومدته شهرا كاملا، وكأن البرنامج في بداية انطلاقه، فأعتذرت لزميلي وبررت له اسباب ودوافع اعتذاري، ولم يتردد زميلي بوصفي ب "الحنبلي" وأني اتمسك بمواقف وافكار عفى عليها الزمن وتجاوزها الفكر الإنساني..!
عام 1996م عرض عليا عرض غريب ومريب، وهو أن انزل اعمل تحقيق صحفي إستقصائي في " تهامة" عن "طقوس وتقاليد الأعراس وليلة الدخلة"..؟!
مقابل "ألف دولار" عن كل تحقيق..!!
لم أضحك بحياتي كلها كما ضحكت في تلك اللحظة، أمام من قدموا لي هذا العرض، لدرجة أثرت كل من كانوا حولنا في المقهى..!
رحل السفير الأمريكي "إرثر هيوز" صانع الفتنة والأزمة والحرب وأنتهت المهمة التي كلف بها والتي كانت باختصار تنحصر في" تدمير قدرات الحزب الاشتراكي" وطمس كل ما يتصل ب"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" من إرث مادي وفكري، وقدرات اقتصادية، وموروث اجتماعي وحضاري..!
باعتباره اخر الجيوب في" معطف النظام الأشتراكي"، ونظرا للموقع الجغرافي لليمن، فقد كانت الخطة تقضي بإحلال " حزب الإصلاح "بديلا عن" الحزب الأشتراكي" ووريثا له في مفاصل السلطة والمجتمع..!
وحتى التصفيات الجسدية التي تعرض كبار قادة ورموز الحزب الأشتراكي والقادة العسكريين، لم تكن بمعزل عن المخطط الكبير الذي انتهي بتصفية الشهيد " جار الله عمر"_رحمه الله _ ذلك الرجل الذي كان بنظر قوي الرجعية في الداخل والخارج هو الأخطر، خاصة بعد دوره الذي بدأ بعد تلك الحرب الملعونة، وقدرته في لملمة الحزب وإعادة بث الروح في جسده، وهو دور لم يكن مرغوبا ولا مطلوبا من أكثر من جهة محلية وإقليمية ودولية، إضافة إلى شخصية الرجل القيادية، الذي كان طلاب " جامعة الإيمان" يتلقون طيلة الاسبوع محاضرات من اساتذتهم عن "شيوعية الرجل وإلحاده" وعن عدائه للإسلام والمسلمين، ثم يتفأجئون به يصلي الجمعة معهم في مسجد الجامعة..؟!
تصفية كل إرث جمهورية اليمن الديمقراطية، بما فيها الحزب ورموزه وقادته، كان طلب خارجي وخطوة كانت ضرورية ومهمة لإعادة هيكلة الواقع اليمني، و مرحلة إنتقاليه لتحول تدميري، وعصف بنيوي شامل لكل مقومات هذا المجتمع ، تمهيدا للوصول إلى المرحلة الوطنية التي تعيشها اليوم اليمن الأرض والإنسان..
يتبع |