ريمان برس -
هي " أم" الأخ والزميل والصديق "فتحي عبد الجبار الدومي" الذي تعود علاقتي به الأوائل " ثمانينات القرن الماضي" ، لم تكن الحجة "رقية" بالنسبة "فتحي" مجرد " أم" بل كانت له كل شيء في الحياة، كما هو لها، كان كل الوجود.. كل الحياة، ليس لها غيره، ولم ينافسه أحدا في حبها، ولم تنشغل هي بحب غير حب " فتحي"..
كانت هي " الأكسجين " لأبنها الوحيد، الذي عاشت لأجله وسخرت دنيتها من أجله.. وكان هو كل عالمها.. كبر"فتحي" وتخرج وتأهل، وخاض معترك الحياة، وكون أسرته، وكانت ترى في كل هذا " حلمها" الذي يحقق أمامها، وتشكلت اطيافه، وغرقت " رقية" في حب " أولاد الولد"، الذين ترعرعوا حولها، وتحت أنظارها، فكانت سعادتها تترسخ مع كل نجاح يحققه " فتحي" في حياته وتزداد دائرة سعادتها مع كل مولود يضاف للأسرة الكريمة، ورغم القول المأثور "أحب من الولد، ولد الولد" إلا عند الحجة "رقية" كان الكل " أولادها "وثمرة جهدها في الحياة، عاشت بقلب عامر بالحب للأبن الأحفاد، وكل افراد الأسرة، وفاض حبها ليطال كل من عرفها، كانت نموذجا للأم الصابرة، التي انذرت حياتها لأبنها وأسرتها..
عاشت _رحمها الله_ في كنف أبناً باراً مطيعا صادقا مخلصا، أبناً عرف بصرامة قيادته الأدارية في عمله، وجديته في علاقته، لكنه ظل أمامها ذلك "الطفل" الذي ينحني أمامها، وينصت بخشوع وخضوع لها أن تحدثت،لأنها كانت له "الحياة" والدليل أن داهمته لحظة من تيه، والمرشد، أن أصابه شيئا من الارتباك في مساره الحياتي..
كان "فتحي" يسمع أنينها بقلبه أن تعرضت لوعكة وأن كان بعيدا عنها، كما كانت "هي" تشعر أن تكدر" فتحي" من شيئا ماء وأن كان بعيدا عنها..
حين تعرضت للألم تخلي عن كل شيء وتفرغ لها وطاف المشافي وعيادات الأطباء، وحين علم أن علاجها في بلاد "الهند" حملها الي هناك، دون تردد..
نعم جميعنا حبينا امهاتنا ولايوجد من لايحب" امه" إلا من كتب الله له التعاسة والنكد..!
لكن" فتحي" ومن خلال ما كان يحكي لي عن "أمه"، كنت ما أن افارقه حتى اجدني " اذرف الدموع" على "أمي" التي رحلت عن الدنيا، دون أن أتمكن من منحها السعادة التي كنت احلم أن أقدمها لها..!
رحلت "الحجة رقية" بعد أن اطمأنت على "فتحي "وبعد أن عاشت حتى رأت احفادها " اولاد فتحي " ناجحين بحياتهم سائرين على طريق والدهم، رحلت بعد أن شهدت نجاح "محمد فتحي" وشهدت فرحته بنجاحه العلمي كما شهدت عرسه وباركته.. ورأت "هند فتحي " تتفوق أمامها، ورغم منغصات الحياة وتقلبات الزمن الذي عصف بالبلاد، كان الله مع " فتحي" بفضل دعواتها.. رحلت بعد أن" حجة بيت الله وأعتمرت".. رحلت لأن في الأخير الرحيل قدرنا وقدر كل مخلوقات الله سبحانه.. رحلت "الحجة رقية" أم أخي وصديقي "فتحي الدومي" وأمام هذا الرحيل ليس هناك قول أعظم من قول الله تعالى..
بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي " صدق الله العظيم..
الرحمة والخلود والمغفرة وجنات الفردوس الأعلى للسيدة الفاضلة الحجة "رقية الشاطر " والدة اخي وصديقي "فتحي الدومي" الذي أرجو الله سبحانه وتعالى أن يعصم قلبه وقلوب جميع أولاده وأفراد أسرته الكريمة بالصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. القائل "لكل أجل كتاب".
طه العامري.. |