ريمان برس -
*
في زحمة هذا العالم المتقلب يبقى الوجع الذي يعتصر قلبي هو ما حل بوطني اليمن. لستُ مجرد حزين... بل أنا مكسور مكلوم ومقهور غارق في صمت ثقيل لا يُحتمل. كلما نظرت إلى خارطة اليمن شعرت وكأن كل ذرة تراب فيها تصرخ تنزف تبكي... وأنا أبكي معها.

وطني الذي كان يُعرف بـ اليمن السعيد صار اليوم عنواناّ للشقاء وصدى للأنين الذي لا ينقطع. لقد سرقت منه الحربُ ملامحه وجمدت الأمل في وجوه أطفاله وحولت أفراحه إلى صور قديمة على جدران الذاكرة.
الانقلاب المليشاوي الحوثي المشؤوم قلب الموازين وجعل من الدولة أسيرة في قبضة العصابات والمليشيات على طول اليمن وعرضها. فانكفأت المؤسسات وضاعت معالم النظام وساد قانون الغاب. لم يعد هناك من يصغي لوجع المواطن أو يُنصت لصرخة أم فقدت أبناءها أو أب لا يجد قوت أطفاله.او يتيم فقد ابويه او ارملة فقدت زوجها.لم يعد هناك من ينصت لأنين الجرحى وآهات وحسرات النازحين والمشردين.ولا لدموع الثكالى..
*الطرقات مغلقة الأحلام مجروحة والروح تبحث عن فسحة حياة.*
أصبحت اليمن غنيمة للفاسدين واللصوص سوقاً لتجارة الموت ومرتعاً  لعصابات تنمو على أوجاعنا وتجويعنا وإفقارنا ونهبنا وقتل وتشريد شعبنا وتدمير وطننا.
الخدمات انعدمت الرواتب قُطعت الأمن تبخّر  وحتى الشمس أصبحت تغرب باكراً خوفاً من هول ما تراه.من عبث ولصوصية وفساد وتفصيع وبلطجة وزنبلة وجرائم تُرتكب بين لحظة واخرى.
أنا لا أكتب من باب الترف أو الشكوى  ولا من اجل الحصول على الاعجابات... بل أكتب كي لا أختنق. أكتب لأن كل خلية في قلبي تنزف حباً  ووجعاً وقهراً ودماً لهذا الوطن العظيم. وكم هو قاس أن تعيش الغربة داخل وطنك. وأن تشعر بأنك غريب في حضن الأرض التي رويتها من عمرك وعرقك وذكرياتك.لقد اثقل الحزن على وطني كاهلي وارقني القهر على ماحل به.ان الحزن الذي يعتريني على وطني ليس ضعفاً بل هو حب وانتماء متجذر لترابه الطاهر .
لكن رغم كل شيء... ما زلتُ مؤمناً
مؤمن أن الظلام لا يدوم. وأن من تحت ركام الألم ستنبثق حياة وأن اليمن سيُشفى من جراحه وسيعود كما أحببناه وأحبنا.. قوياً  آمناً مطمئناً حراً  مستقلاً جميلاً عصياً على الانكسار.
وستذهب كل هذه العصابات والمليشيات الى مزابل التاريخ طال الزمن او قصر.......
نظير العامري.